مقابل 12 وزيرا ترشحوا في الانتخابات البلدية والجهوية المقرر إجراؤها في الرابع من سبتمبر (أيلول) المقبل في المغرب، دخلت السباق الانتخابي وزيرتان فقط من بين 6 وزيرات في حكومة عبد الإله بن كيران، هما بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، المنتمية لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية متزعم الائتلاف الحكومي، ومباركة بوعيدة الوزيرة في وزارة الخارجية المنتمية لحزب التجمع الوطني للأحرار.
وتقود الوزيرة الحقاوي لائحة نساء الحزب بإقليم الفقيه بن صالح، بينما تترأس بوعيدة لائحة الحزب في كلميم بالصحراء (مسقط رأسها)، كما رشح حزب العدالة والتنمية أيضا وزيرة سابقة هي سمية ابن خلدون، التي اضطرت لمغادرة منصبها بعد الضجة التي أحدثتها قصة الحب والزواج التي جمعت بينها وبين الحبيب الشوباني، الوزير السابق المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الذي استقال أيضا من منصبه، بينما تنافست الأحزاب السياسية على ترشيح نساء في الانتخابات، بينهن قياديات ووزيرات سابقات.
فحزب الاستقلال المعارض ظل وفيا لوجه نسائي معروف شارك في الانتخابات أكثر من مرة هو ياسمينة بادو، التي شغلت منصب وزيرة المرأة والطفولة والأشخاص المعاقين في حكومة إدريس جطو سنة (2002)، ومنصب وزيرة الصحة في حكومة عباس الفاسي خلال سنة 2007، وواجهت بادو التي ترشحت في دائرة أنفا بالدار البيضاء خلال العامين الماضيين ضجة كبيرة بسبب ما أثير عن صفقة لقاحات شابتها اختلالات عدة، كانت أبرمتها عندما كانت وزيرة للصحة. وتنافس بادو في هذه الدائرة نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب اليسار الموحد، وهي المرأة الوحيدة التي ترأس حزبا سياسيا في المغرب.
ومن بين النساء اللواتي رشحهن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض القيادية ميلودة حازب، رئيسة فريق الحزب بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان). أما حزب الحركة الشعبية فرشح النائبة في البرلمان فاطنة الكيحل، عضو المكتب السياسي.
ولم تكشف وزارة الداخلية بعد عن نسبة النساء المرشحات في هذه الانتخابات، وعدد وكيلات اللوائح لمعرفة مدى انعكاس التدابير التشريعية التي اتخذت للرفع من تمثيلهن في البلديات والجهات على أرض الواقع، ومدى التزام الأحزاب السياسية بدفع النساء إلى الواجهة.
ومن المقرر أن يرتفع تمثيل النساء في الانتخابات المقبلة من 12 في المائة في البلديات إلى 27 في المائة، ومن 2.9 في المائة إلى 37 في المائة على مستوى الجهات (المناطق)، وهي نسب طمأنت إلى حد كبير الحركات النسائية، والنساء المنتميات لمختلف الأحزاب السياسية، ولذلك أصبحت أعينهن الآن على رئاسة البلديات.
في هذا السياق، قالت نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة، والنائبة عن حزب التقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن «التدابير التي تم اتخاذها في القوانين الانتخابية تمثل نقلة نوعية في مجال تدبير الشأن المحلي أو الجهوي»، مضيفة أن «القوانين أظهرت أنه لا وجود لحواجز قطعية أمام النساء اللواتي لديهن طموح لتدبير الشأن العام، إذ لم يجر إقصاء حتى الجماعات القروية بالمبرر الذي كان يساق باستمرار في السابق، وهو عدم وجود نساء يقبلن الترشح للانتخابات الجماعية».
بيد أن الصقلي لفتت إلى أن «هناك تحديا آخر على مستوى رئاسة البلديات، التي يفوق عددها 1500 بلدية، إذ ينبغي تجاوز نسبة 1 في المائة من البلديات اللواتي ترأسهن نساء حاليا»، كما دعت الأحزاب إلى دفع نساء لرئاسة الجهات.
وفي المقابل، انتقدت الصقلي أحزابا سياسية لم تسمها، لجأت إلى ملء المقاعد المخصصة للنساء في لوائح الانتخابات بقريبات مسؤولي تلك الأحزاب «من دون احترام معايير الكفاءة والقدرة على التميز والعطاء»، وهو الانتقاد نفسه الذي وجهته خديجة الرباح، عضو «الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة»، مضيفة أنه لا ينبغي نسيان أن الحركات النسائية في المغرب تسعى إلى تحقيق المناصفة التي أصبحت من مقتضيات الدستور، بيد أن رفع تمثيل النساء في القوانين الانتخابية الخاصة بالبلديات والجهات «خطوة مهمة جدا».
وقالت الرباح: إن «التجربة السابقة كانت ناجحة ذلك أن وجود نساء في تسيير البلديات سينعكس على وضعية المرأة، طالما أن الفقر مؤنث لدينا في المغرب، بمعنى أن مستوى الفقر مرتفع في صفوف النساء أكثر من الرجال، ناهيك بكون النساء متضررات أكثر من مختلف المشكلات الأخرى مثل الصحة والسكن والتعليم، بحسب رأيها.