الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

اعتذار كبير إلى كل اللبنانيات

  • 1/2
  • 2/2

عماد الدين حسين - مصر - " وكالة أخبار المرأة "

مساء الجمعة التقيت بالصدفة زميلة إعلامية لبنانية شديدة المهنية والاحترام معا.
لأول مرة أراها غاضبة بهذا الشكل، قالت لى «هل من المعقول أن بعض الإعلاميين المصرىين وجزءا كبيرا من رواد مواقع التواصل الاجتماعى فى مصر، لا يرون فى مظاهرات «طلعت ريحتكم» الحاشدة فى لبنان هذه الأيام، إلا أنها تجمع للفتيات والسيدات الجميلات المثيرات، وتمنيات بأن يسوء الوضع أكثر وأكثر وبالتالى تأتى اللبنانيات لاجئات إلى مصر، وهنا يبدأ المصريون الاستمتاع بهن بديلا عن المصريات غير الجميلات، ما هذه الحالة من........؟!!!».
اعتذرت للزميلة اللبنانية اعتذارا صادقا، عن هذه «الجليطة وقلة الذوق»، وكنت اعتقد ان الأمر قاصر على خفة الدم لدى المصريين فى مثل هذه المواقف، لكن المفاجأة هى ان الواقع تخطى التنكيت المتوقع ليدخل فى باب «قلة الأدب»!.
يمكن تفهم أن يعلق شخص أو بضعة أشخاص أو حتى المئات على صورة سيدة لبنانية جميلة، ويلعن حظه، ان زوجته قد لا تكون جميلة مثلها، لكن ان يتحول الأمر إلى ما يشبه التيار العام، فالمؤكد أن هناك مشكلة، ينبغى أن نبحث لأصحابها عن حل عاجل لدى طبيب نفسى أو طبيب أخلاق!.
أولا ما يحدث فى لبنان حراك سياسى مهم لقطاع كبير من اللبنانيين يثور ويتظاهر ويعترض على ما وصل إليه بلده الجميل من حالة متردية بفعل الانقسام والاستقطاب غير المسبوق بين القوى السياسية المتصارعة.
خرجت مظاهرات تحت عنوان «طلعت ريحتكم» احتجاجا على تلال القمامة التى ملأت الشوارع وعجزت الحكومة وأجهزتها المشلولة عن حلها، ثم تطور الأمر حينما حاول حزب الله وحلفاؤه استغلال الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية فى الصراع الملتهب، منذ بدء الصراع فى سوريا أوائل عام ٢٠١١.
ثانيا: ان يسخر بعض الأفراد المصريين على الفيس بوك من الأزمة شىء، وأن تنتقل هذه السخرية إلى بعض وسائل الإعلام، شىء آخر يصيب المرء العادى بالغثيان، لأنه يكرس لأنماط مشوهة من الأفكار الصبيانية.
ثالثا: هناك اعتقاد سخيف ومقزز لدى بعض المصريين والعرب ان غالبية الفتيات اللبنانيات «سهلات ومنحلات»، لمجرد انهن متحررات فى ملابسهن. وواقع الحال ان اللبنانيات من أكثر العربيات ثقافة وفهما ورقيا واحتكاكا بالعالم. كان من حسن حظى أن عرفت لبنانيات كثيرات خصوصا خلال عملى فى دبى لعشر سنوات، رأيت نماذج مشرفة، ومطلعة، وتعرف العديد من اللغات الأجنبية، ومثقفة وتعشق الحياة بمعناها الايجابى، والأهم انهن فى غاية الاحترام، ولديهن شخصية قوية ومستقلة، والصفات السابقة لا تتوافر كثيرا فى معظم البلدان العربية، وبالتالى، يلجأ البعض لتشويه صورة الفتاة اللبنانية.
لا يوجد شعب مثالى، وقد تكون هناك لبنانيات سيئات، لكنهن أقلية. المرأة اللبنانية هى التى حملت عبء الحرب الأهلية من عام ١٩٧٥ حتى عام ١٩٩٠، وهى التى ساعدت ببسالة فى مقاومة الاحتلال الصهيونى للجنوب اللبنانى حتى تم تحريره، وهى الأم والفلاحة والعاملة والموظفة والصحفية والروائية والسينمائية. وبالتالى عندما يتم اختزال كل السيدات اللبنانيات المحترمات فى إطار صورة نمطية مكررة، أو التركيز على نموذج مشوه فهو ظلم فاضح، ويسىء إلينا كمصريين قبل ان يسىء إلى اللبنانيات.
كنا سعداء جدا فى مصر حينما خرجت المرأة المصرية فى ثورتى ٢٥ يناير ٢٠١١، و٣٠ يونيو ٢٠١٣، وحينما شاركت فى كل الاستحقاقات الانتخابية طوال السنوات الأربع الماضية، فلماذا لا نحترم ونجل الفتاة والسيدة اللبنانية حينما تشارك فى قضايا وهموم بلدها. بل نسخر منها، ثم نختزلها فى أنها مجرد سلعة أو وجه جميل وجسد مثير فقط؟!.
الى المصريين الذين فعلوا ذلك : أرجوكم اعتذروا وتوقفوا، فقد «طلعت ريحتكم»!.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى