بعد بروز المطالب التي دعت إلى الرفع من تمثيلية النساء في الهيئات المنتخبة، تتبارى مرشحاتٌ بمختلف الأحزاب السياسية المغربية من أجل الظفر بعدد من المقاعد الانتخابية لاستحقاقات الرابع من شتنبر المقبل، وذلك عقب تخصيص لوائح نسائية بالانتخابات الجهوية والمحلية.
وتعتبر الحملات الانتخابية المدخل الرئيس لهذه الاستحقاقات، والتي اتخذت خلال هذه السنة أشكالا جديدة، كالتوجه بشكل مكثف إلى مواقع التواصل الاجتماعي، والوصلات الإشهارية في عدد من المواقع الإلكترونية، إلى جانب استعمال الوسائل الانتخابية التقليدية للدعاية، مثل توزيع المنشورات والتواصل المباشر مع المواطنين.
ويرى مراقبون أن المرأة حققت العديد من المكاسب مع مرور الانتخابات، وهذا ما يجعلها تتوفر على حظوظ كبيرة لولوج المجالس الجهوية والجماعية خلال هذه السنة، إذ بلغ عدد النساء في استحقاقات 2009 بالمجالس المحلية 3406 امرأة منتخبة، بنسبة 12.17 في المائة من مجموع عدد المنتخبين، مقابل نسبة 0.56 في المائة فقط في عام 2003.
صور نمطية
ويرى خبير الإعلام والتواصل، عبد الوهاب الرامي، جوابا على سؤال حول مدى حضور المرشحات في الحملات الانتخابية، أنه ليس هناك ما يفيد في هذه الحملات أن قضية المرأة توجد في قلب المعترك السياسي، وأنها تشكل بالفعل رهانا مجتمعيا بالنسبة للسياسات المقبلة، وحتى إن تضمنت البرامج الانتخابية بنودا حول المرأة، "فلا يبدو الأمر محوريا على اعتبار قضية المرأة مدخلا أساسيا للممارسة الديمقراطية" على حد تعبيره.
ورغم مصادقة مجلس النواب في يوليوز الماضي على مشروع قانون تنظيمي متعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، ودعم الحكومة المالي للأحزاب لتزكية نساء وكيلات لوائح، والتسطير على رفع عدد المقاعد المخصصة للمرأة بالمجالس، وإتاحة إمكانية ترشحها لرئاسة المجالس جهويا وجماعيا، يضيف الأستاذ في المعهد العالي للإعلام والاتصال، فإن الرجل يبدو متربعا على حلبة التباري الانتخابي خلال الحملة الجارية.
وفيما يخص المتغيرات التي عرفتها الحملات الانتخابية الحالية، يؤكد الرامي أن القانون الجديد وعددا من التدابير الأخرى كان يجب استثمارها من أجل خلق مشاركة نسائية نوعية، تحسس بقضايا المرأة والنوع الاجتماعي، كبوابة للتقدم المجتمعي والانفراج الديمقراطي الشامل، "غير أن التباري الانتخابي إلا في ما قل لم يكن جذابا لحد الآن على المستوى النسائي، فنحن نرى النساء في هذه الانتخابات، لكننا لا نلمس بوضوح قضايا المرأة من خلالهن".
وتبرز من حملة انتخابية إلى أخرى، مسألة الصورة التي يجب على الأحزاب أن ترسمها عن مرشحاتها، وهنا يضيف المتحدث ذاته، لازال السياسيون في المغرب غير واعين بذلك بـ"شكل جلي"، متابعا "نجد هذه الصور النمطية حول النساء عامة، والمغربيات في سياقنا نحن حتى في خطاب المرأة المرشحة نفسها".
وذهب الرامي إلى أن ثقافة الصور النمطية تجاه المرأة، وسبل التخلص منها، بحسبه، "رهينان بمدى التشبع بمبادئ التنوع والحق في الاختلاف، وهو أمر لا يتيسر إلا بإعادة مساءلة الثقافة التي نعيش داخلها، من أجل تخليصها من الشوائب التي تعلق بها جراء تربية غير سليمة".
المرأة الرقمية
ويبرز مع توجه الأحزاب السياسية نحو مواقع التواصل الاجتماعي كامتداد لحملاتها الانتخابية، سؤال محوري يهم الطريقة التي تقدم بها هذه الأحزاب مرشحاتها عبر منصات الإعلام الرقمي.
ويؤكد الباحث في الشأن السياسي، أحمد متمسك، وصاحب دراسة حول صورة المرأة النقابية في الإعلام والمجتمع، أن مكانة المرأة في الانتخابات والحملات الانتخابية، يمكن أن ينظر إليها بشكل مزدوج، فوضعها الحالي لم تحصل عليه إلا بعد أن نص القانون على أن تكون لها لوائح خاصة بها، وأن يتم إشراكها في الانتخابات، موضحا أن أغلب الأحزاب لا تتوجه للمرأة من أجل إعطائها المكانة التي تستحق، وإنما لنيل مقاعد أكبر في سباق الانتخابات.
وبخصوص مدى حضور المرأة في الحملات، يؤكد متمسك، أنه ليست هناك أية ضوابط تشدد على مدى حضور المرشحات في الحملات الانتخابية عبر العالم الافتراضي أو الواقعي، مشددا على أنه لا توجد خطط مضبوطة تتحكم في مدى حضور المناضلين والمناضلات، إذ مازالت هذه الهيئات السياسية تعتمد بشكل رئيسي على "الإخبار التقليدي".
رأي لا يختلف معه الرامي، الذي أوضح أن الإعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي، تحتاج إلى نمط جديد من الخطابات السياسية، كما أنها سلاح ذو حدين، "فبقدر ما تعرف هذه المواقع بالمرشحة قد تخلق رأيا عاما مضادا لها، خاصة أن مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي ميّالون عامة للنيل من السياسيين، ووضع ما يقولونه محل ارتياب وانتقاد وتسفيه".