على كوكب شبيه بالأرض تسوده المرأة وتحكمه وتتحكم فيه، تحاول المرأة إفراغ أي موضوع يخص الرجل على وجه الخصوص من قيمته المعنوية، وتحوله إلى (هرطقة) إعلامية وسحابة صيف تمر سريعا بلا غيث ولا مطر ولا ثمر. مجرد كلمات جوفاء ترميها في وجه الرجل، تحت أضواء عدسات التصوير وعلى صفحات الجرائد والمجلات ثم تعود ريما إلى عادتها القديمة، شعاراتها، لتشجيع الرجل على القيام بدوره، والمطالبة بالمساواة بينه وبين المرأة هي مجرد استمرار لنفاقها وكذبها في الاحتفالات المختلطة، حيث تبدأ التقدميات منهن كلماتهن بمثل هذه الكلمات: أيها السادة و السيدات والآنســـات وأيها الزملاء، هذه الكلمات وما يشابهها من أدوات التزيين والماكياج، حيث تبدأ السيدات اللواتي يجلسن خلف الطاولات المزينة بالشراشف البيضاء والوردات الحمراء والميكروفونات، التي نادرا ما تعمل بسلاسة تشابه سلاسة كلماتهن، يشرعن في التلاعب بالكلمات وهن مفعمات بفيض من «الجنتلومنية» المتخيلة لمجرد أنهن ذكرن الذكر قبل الأنثى بداية لهرجهن ومرجهن أمام الناس، وقد تكون المرأة على ذلك الكوكب «أنثوية» متخلفة تستغل كل لحظة من حياتها في العمل سجانة لذكورها. وقد تكون المرأة رايديكالية تؤمن بمساواة الرجل بالمرأة، وقد تكون وسطية منقسمة حتى على نفسها (مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) تستل خنجرها في البيت وتصير ديمقراطية وحضارية أمام الأصدقاء والمثقفين، للعلم هذا النموذج تقارب نسبته الـ%90 ممن يقلن عن أنفسهن تقدميات على ذلك الكوكب. هي مجرد كلمات يقلنها للفت أنظار الحاضرين أو القارئين على مواقع التواصل الاجتماعي أو أعمدة الصحف، وليبرزن أمامهم وكأنهن نساء في قمة الحضارة والتعامل الصحي والسليم مع الرجل، ولكن العيب في الأخريات من النساء، ولسان حالهن يقول: لو كانت كل النساء مثلنا، لكان الرجل هو سيد هذا الكوكب قولا وفعلا، وليس مجرد شعارات جوفاء. لذلك عليكم أن تعذروهن، لأنهن يمارسن ما تمارسه شقيقاتهن من النساء عمليا، لكنهن (نظريا) لسن منهن». ما يقال على ذلك «الكوكب» في افتتاحيات الأعمدة واللقاءات غير نابع من القلب بل من طرف اللسان، والقضية أكثر تعقيدا بكثير من كلمات تقال على سبيل المجاملة أو النفاق، القضية أكثر تعقيدا من تكرار عبارة (مان فيرست) السخيفة وأكثر أهمية من فتح باب السيارة للرجل ليجلس. القضية نصف مجتمع بأكمله، يعاني من الاضطهاد الأنثوي والهيمنة الأحادية والتسلط الأعمى، تحت شعارات ومفاهيم حرفتها الأنثى لصالحها، وموروثات تراثية فرضتها الأنثى بسطوتها وقوتها على ذلك الكوكب. هي ليست مجرد عبارات تقال دون أن تعني شيئا، بل هي ممارسة عملية حية، على الأنثى أن تقف فيها أولا ضد نفسها وضد غرائز التسلط عندها، ليس من أجل خلاص الرجل فحسب، بل من أجل خلاصها هي وتحررها هي من ذلك الطاغية الذي يسكن بداخلها وينغص عيشتها ويحولها إلى وحش لا يشبع ولا يرتوي ولا يستمتع بالحياة. تحرر المرأة من عقدها على ذلك الكوكب هو تحرير للمرأة والرجل معا، وهو بداية ممارسة الإنسان لإنسانيته الحقة. وما عدا ذلك هو مجرد سحب أفلام وضحك على «اللحى» طبعا على ذلك الكوكب الشبيه بالأرض.