بانضمامه إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة، يكُونُ المغربُ قدْ خَطا خُطوةً مُهمّة في سبيلِ حماية المرأة المغربيّة من كلّ أشكال التمييز التي كانتْ عُرْضة لها، وبالتّالي فسْحُ المجال أمامَ المرأة لتحقيق مكاسبَ أخرى، وضعُ حدٍّ للنظرة "الناقصة" التي كانَ المُجتمع المغربيّ ينظرُ بها إلى المرأة،
الجمعية الديمقراطيّة لنساء المغرب، رحّبتْ بمصادقة البرلمان المغربي على مشروعيْ القانون المتعلقيْن بالموافقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة، والبروتوكول الاختياري المُلحق بالعهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية، واعتبرتْهُ "خطوة إيجابيّة أولى في انتظار إيداع أدوات الانضمام لدى الأمين العامِّ للأمم المتحدّة".
وبنَشْرِ المُصادقة على البروتوكولين الاختياريّين في الجريدة الرسمية بتاريخ 17 غشت الماضي، يكونُ قدْ تحقّقَ أحدُ أبرز مطالبِ الحركة النسائيّة في المغرب، والتي خاضتْ حملاتٍ وعقدتْ ندواتٍ دعتْ فيها إلى التعجيل بالانضمام إلى البروتوكول الاختياري، ورفْع التحفّظات التي كانَ المغربُ يُبْديها إزاءه.
وترى الجمعية الديمقراطيّة لنساء المغرب أنَّ انضمام المغرب إلى البروتوكول الاختياري المتعلق بمناهضة كافّة أشكال التمييز ضدّ المرأة يُعتبر خُطوة، -وإنْ كانتْ متأخرّة- من شأنها استكمالُ الانخراط في المنظومة الدوليّة لحقوق الإنسان، داعية الحكومةَ إلى الإسراع بإيداع أدوات الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة، ليدخل الانضمام للبرتوكول حيز النفاذ.
ويرُوم البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدَّ المرأة تمكينَ الدول الأطراف من الاعتراف بصلاحية لجنة القضاء على التمييز ضدّ المرأة، المعروفة بـ"سيداو"، للنظر في الشكاوى الواردة عليها، والمتعلقة بالتعرض لانتهاك الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية، بعد التأكُّد من استنفاذ جميع وسائل الطعن الداخلية للبلد الطرف.
غيْر أنّ من حقّ اللجنة أن تعيّن عُضوا أو أعضاءً منها، للتحرّي حوْل مزاعم انتهاك الحقوق، إذَا تبيّن لها أنّ المعلومات التي توصّلتْ بها موثوقة، وإعداد تقريرٍ يُرفعُ إلى اللجنة. وكانَ المغربُ قد انضمّ إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة سنة 1993، ثمَّ انضمّ إلى البروتوكول الاختياري خلالَ صيْف السنة الجارية. فهلْ يعني ذلك نهاية التمييز ضدّ المرأة في المغرب؟
"نحن واعيات بأنَّ الانضمام للبروتوكول الاختياري وحده لا يعني أنَّ عهد التمييز قد انقضى"، تُجيبُ رئيسةُ الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، غيْرَ أنّها تعتبر أنّ المُصادقة على البروتوكول يكتسي أهمّية بالغة، وتؤكّد: "النصوص وحدها لا تكفي، لكنها ضرورية، ودورها البيداغوجي مِحوريٌّ، في انتظار وضع وتفعيل السياسات العمومية الملائمة".
وتعتبر الجمعية الديمقراطيّة لنساء المغرب أنَّ الانضمام إلى البرتوكول الاختياري لـ"سيداو" خطوة إيجابية ، كونه يمثّل أداة ضرورية لتفعيل وتطبيق الاتفاقية والتصدي للانتهاكات الفردية والجماعية لحقوق النساء، كما أنّ البروتوكول هو أيضا آلية تعمل على دفع الدول إلى وضع التدابير المنسجمة مع روح وبنود الاتفاقية بما يكفل حماية النساء من التمييز.
غيْرَ أنَّ الانضمام إلى البروتوكل الاختياري لا يعني نهاية المشاور. وتقول الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب إنَّ ذلك ضمانَ مكافحة التمييز ضدّ النساء يقتضي التوفّر على ترسانة قانونية تُحاربُ التمييز وتضمن الحماية للنساء من كل أشكال العنف، سواء في الفضاء الخاصّ أو العامّ، داعية إلى التحسيس والتوعية اللازميْن بهذه الحقوق وضمان إنفاذها.
وفي الوقت الذي عزّزَ المغربُ ترسانته القانونية بعدد من القوانين الرامية إلى القضاء على التمييز ضدّ المرأة، ومُصادقته على عدد من الاتفاقيات الدوليّة، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل القوانين الداخلية والاتفاقيات الدولية وحْدها كافية لمحاربة التمييز القائم على الجنس، أمْ أنّ ذلك يقتضي تغيير نمط تفكير المجتمع ونظرته إلى المرأة؟
ترُدُّ رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بسؤال آخر: "من أين نبدأ لإحداث هذا التغيير؟ ثمّ ما هو المجتمع؟"، وتضيف أنَّ المجتمع عبارة عن علاقات وأدوار، ومنْها دور المرأة ودور الرجل، وينْبغي وضْعُ هذه الأدوار في السياقات التاريخية التي أنتجتها، قصْدَ فهْم علاقة السلطة التي تولَّدت عنها، ومن ثمَّ العمل على تفكيك علاقة "التبعية والدونية" التي تولدت عنها من خلال مدخل حقوق الإنسان والمواطنة الكاملة الذي يتوفر على مؤشرات تقود إلى بؤر التمييز، واللامساواة.
وتستطردُ المتحدّثة أنَّ هذه الغاية لا يُمكن أن تتحقّق بين عشيّة وضحاها، بل هي مسارٌ قد يطول، يستلزم توفير الإمكانات اللازمة لذلك، والعمل على أن يحصل التغيير عبر مؤسسات التنشئة وأساسا منها المدرسة ووسائل الإعلام، وزادت: ينبغي الكفّ عن إخضاع الحقوق الأساسية للنساء لمنطق الحسابات السياسية، وتحمُّل الحكومة لمسؤولياتها تجاه الواقع اليومي المتردي لملايين المغربيات وضمان أن يكون الغد أفضل وحاملا للكرامة والمساواة".
وعلى الرغم من مصادقة البرلمان المغربي على اتفاقية "سيداو"، إلّا أنَّ الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ما زالتْ تطالبُ برفع باقي التصريحات التفسيرية التي لازالت موضوعة على بعض مقتضيات الاتفاقية، لاسيما التصريح الموضوع على الفقرة الرابعة من المادة 15 والتصريح على الفقرة الثانية من المادة 2، مؤكّدة على أنَّ الانضمام للبروتوكول الاختياري يحتّم على المغرب إصلاح كل القوانين التمييزية ووضع الآليات ذات الصلة والوفاء بالتزاماته المتعلقة بالنهوض بالحقوق الإنسانية للنساء، وجعل المساواة حقا وممارسة للنساء والرجال دون أدنى تحفظ.