الشهيد والشهادة والشهود والإشهاد كلمات تُردُّ إلى الجذر الثلاثي ( ش هـ د )، وقد مرَّ ذكرها في القرآن الكريم ، وهي على العكس من الغيب ، فهناك عالمان هما عالم الغيب والشهادة ، أي الغياب عن الحواس والحضور .
وفي اللسان ( مادة : ش هـ د ) : من أسماء الله عزوجل: الشهيد. قال أبو إسحق: الشهيد من أسماء الله الأَمين في شهادته. قال: وقيل الشهيد الذي لايَغيب عن عِلْمه شيء.
والشهيد: الحاضر.
وفَعِيلٌ من بنية المبالغة في فاعل فإِذا اعتبر العِلم مطلقاً،فهو العليم،وإذا أضيف في الأُمور الباطنة،فهو الخبير،وإذا أضيف إِلى الأمور الظاهرة،فهو الشهيد،وقد يعتبر مع هذا أَن يشهد على الخلق يوم القيامة. ابن سيده: الشاهد العالم الذي يُبَيِّنُ ماعَلِمَهُ،شَهِد َشهادة؛ ومنه قوله تعالى: شهادة بينكم إِذا حضر أحدكم الموتُ حين الوصية اثنان؛أَي الشهادة بينكم شهادة اثنين فحذف المضاف وأَقام المضاف إِليه مقامه.
وقال الفراء: أنشئت رفعت اثنين بحين الوصية أي ليشهد منكم اثنان ذا عدلأَ وآخران من غير دينكم من اليهود والنصارى،هذا للسفر والضرورة إذ لا تجوز شهادة كافر على مسلم إِلا في هذا.
ورجل شاهِدٌ،وكذلك الأُنثى لأَنَّ أَعْرَفَ ذلك ِإنماهوفي المذكر،والجمع أشهاد وشهود، وشَهيدٌ والجمع شُهَداء.
والشَّهْدُ: اسم للجمع عند سيبويه،وقال الأَخفش: هوجمع.
وأَشْهَدْتُهُم عليه.
واسْتَشْهَدَه: سأَله الشهادة.
والشَّهادَةخَبرٌقاطعٌ تقول ُمنه: شهد الرجل على كذا،وربما قالوا شَهْدَ الرجلُ،بسكون الهاء للتخفيف؛عن الأخفش.
وقولهم: شْهَدْ بكذا أي حْلِف.
والتشهد في الصلاة: معروف؛ابن سيده: والتَّشَهُّد قراءة التحيات للهِ واشتقاقه من «أشهد أن لا إِله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
وفي التنزيل :((واستشهدوا شهيد من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أنت ضل إحداهما فتذكرإحداهماالأخرى )) سورة البقرة/ 282 .
وهذا لا يمثل انتقاصا لمقام المرأة أبداً وإنما يتسق مع طبيعتها في عدم الاهتمام بالأمور المالية والتجارية ، أما في الأمور النسائية الخاصة كالرضاع والحضانة وما حولهما فشهادة المرأة كاملة تماما وتردُّ فيها شهادة الرجل .
والشهيد في الإسلام من قُتِل مظلوماً ، أو قضى نحبه في سبيل هدف سام .
وهو كذلك في الشريعة النصرانية .
والشهادة في الفقه الإسلامي شهادتان:
1- الشهادة الأولى: هو القتيل مِن المسلمين يقعُ شهيدا في المعركة وهو يُقاتِل في سبيل الله؛ فهذاهوالشَّهيدُحقيقةً،وهذا له أحكامٌ معروفة في الإسلام من حيث الكفن والدفن و.....هولا يغسل،ولا يكفن،ويُدفن في ثيابه التي تَضمَّخت بالدماء الزكية،ويُدفن في المكان الذي وقع فيه صريعًا. وهي أحكام خاصة بالشَّهيد في المعركة تُطلب من مظانها.
2- ثمَّ هنا كشهادة حُكم،ولا يترتب من ورائها شيءٌ من هذه الأحكام المتعلِّقةبالشَّهادةأوالشَّهيدالحقيقيُّ.
هذا النوع من الشَّهادة؛وهي الشهادة الحكمية،إنما تنقل -بطبيعة الحال- مِن ما حكم الشَّارع الحكيم بأنَّ من اتَّصف بهذا؛فهو شهيد.
مثلاً: يقول الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن مات دون ماله فهو شهيد،ومن مات دون دمهِ فهو شهيد،ومن مات دون أرضه فهو شهيد))[رواه أبو داود والنسائي]،من قتله بطنه فهو شهيد،من قُتِلَ في الغرْق والهدم فهو شهيد، ويُقاس على شهيد الهدم الميت بحوادث السيارات والطائرات ،ومن قُتِلَ بداء السل فهو شهيد،والمرأة التي تموت في نفاسها فهي شهيدة.( رواه النسائي وأبو داود في السنن ) .
هذه بعض النَّماذج مما صحَّ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه أطلق عليه اسم شهيد،ومع ذلك فالعلماء مجمعون على أنَّ هذا الإطلاق لا يعطيه فضيلة الشهيد حقيقة الذي مات في المعركة؛وإنَّماهومن باب التَّقريب في الفضل؛يعني هؤلاء الذين أَطلق عليهم الرَّسول عليه الصلاة والسلام أنَّهم كذلك،أو أنَّ كل واحد منهم شهيد،له فضل لا يساويه في ذلك سائر الناس الذين لايموتون في حالة من هذه الأحوال. وألحقوا بهم ميت السرطان ، والجامع بينهم المعانــاة وقسوة الحالة التي ماتوا عليها ، والله أعلم , وأول شهيد في الإسلام هو السيدة سميّة أم عمّـار وزوجها ياسر رضي الله عنهم .
وهناك في بلاد الإسلام طقوس يتم فيها تمجيد الشهادة والشهداء ، فهناك مقابر خاصة بالشهداء وعيد للشهداء ، ومدارس للشهداء وأبنائهم ، ودروس ومساقات تتحدث عن الشهادة والشهداء ، وكان آخر هذه الطقوس ما تقرر في دولة الأمارات من تخصيص يوم للشهداء ، بعد أن استشهد عدد من أبناء الأمارات البررة على أرض اليمن دفاعــاً عن الشرعية ضد التمرّد الحوثــي والتمدد الشيعي الصفوي غير المبرر .
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين ، والحمد لله رب العالمين ،،، والله أعلم .