ما زال الكثير ولحد الأن يشكك في قدرة المرأة ومهاراتها على تحمل المسؤولية وتولي مناصب قيادية عليا في المجتمع ، وهذا ما دفعني الى كتابة هذا المقال المتواضع لتبيان جملة من القضايا الأساسية.
لقد منح الباري عز وجل المرأة منزلة كبيرة في الاديان السماوية كافة وسيما الدين الاسلامي ، وضمن حقها في الانتخابات وصُنع القرار إضافة إلى الدور الكبير الذي خُصّص لها في التربية وإدارة البيت ورقابة الأسرة وإنشاء المجتمع الإنساني وازدهار الحياة وتطورها. إن واجبات المرأة في البيت أمٌّ ومربية وزوجة لا تعيقها عن ممارسة العمل في مجالات أخرى من الحياة ، فقد أبدعت في أكثر الميادين تعقيداً في العديد من السنوات الطوال.. وبإصرارها وجهدها المتميز نالت الكثير من الشهادات والدرجات تألقاً وبريقاً. ولم تتطلع إلا إلى الارتقاء والنهوض بمجتمع لا قيمة فيه لتاء التأنيث اليوم. ورغم ما قدمته المرأة وما تسعى إلى تحقيقه تقف العراقيل عقبات في سبيل إضفائها مزيداً من التفوق وتحقيق أمنياتها. حيث يضن الرجل أن المرأة القيادية حزباً يريد هزيمته وإسقاطه ليبقى هو في الزعامة والسلطة ويعتقد بعدم صلاحية المرأة للقيادة وأنها في حال تمكنت من الوصول إليها فإنها تصلح للقيادة الوسطى وليس العليا، وأنها لا تصلح أيضا إلا لقيادة النساء فقط إضافة إلى أنها لا تمتلك الثقة العالية بالنفس(لتقف هذه العظيمة حائرة ما بين تلبية نداءات الواجب والمسؤولية وشعارات الانحناء وضبابية الرؤى). ورغم معرفتي القليلة وقلت معلوماتي وخبرتي ، إلا إني أبحرت مع هذه المقالة لعلي استطيع أن اقنع القارئ بحقيقة القبول بالمرأة كعنصر قيادي في المجتمع أو اقنع نفسي بعدم قبول المرأة القيادية. المرأة القيادية تمتاز بلغتها الفاعلة وتحملها المسؤولية.
إن دور المرأة ليس هبة يقدمها الرجل إليها بل هو حق من حقوقها ومسؤولية من مسؤولياتها ، وعليها هي الالتزام بهذا الحق وسوف لن يشفع لها التاريخ إن قالت أن الرجال هم من وقفوا حائلا دون تنفيذ ذلك لان الإسلام ينظر إلى المرأة كالرجل إنسان مستقل له كيان وله حقوق وهي شريكة الرجل في الحياة وفي الجنة فقد قال تعالى (كل نفس بما كسبت رهينة).
ومن الجدير بالذكر أن المرأة حينما تكون في موضع المسؤولية في المجتمع تثبت قدراتها الجبارة متحدية النظرة القاصرة لها ، متجاوزة طاقات الكثير من الرجال المؤهلين لمكانها القيادي ذاته ، منطلقة من مشاعر الأمومة التي تجعلها مسؤولة عن جميع أبناء المجتمع كأم تخشى على أبنائها وتنطلق من قيادتهم بدافع إنساني نبيل لا من منطلق المنافع الذاتية.
أن المتتبع لتاريخ البشرية يدرك بأن وضع المرأة بشكل عام وعملها بشكل خاص كان موضع مد وجزر عبر الحضارات والأمم الماضية والحاضرة. ويمكن القول بأنه لم تكن تواجه المرأة في واقع الأمر معضلة حقيقية تتعلق بطبيعة عملها ودورها في المجتمع والإسهام فيه جنباً إلى جنب مع الرجل، فقد ساهمت المرأة بدور فاعل سواء على مستوى المنزل أو الجماعة أو المجتمع الكبير، حتى وصلت في بعض الحضارات القديمة إلى أعلى المراكز القيادية...
هناك عدة قضايا مثارة في الوقت الراهن التي توضح تكامل المهارات القيادية بين المرأة والرجل:
القضية الأولى: هل من الممكن أن تكون المرأة قائدة إدارية؟
يمكن القول بأن معظم الباحثين والممارسين في مجال الإدارة والقيادة الإدارية النسائية يتفقون على أن الإجابة عن السؤال المتعلق بإمكانية تولي المرأة للمراكز القيادة هي (نعم).
القضية الثانية: هل تختلف المرأة عن الرجل في سلوكياتها وفاعليتها القيادية ؟
يمكن القول بأن نتائج الدراسات فيما يتصل بالإجابة عن السؤال المتعلق بمدى اختلاف المرأة عن الرجل في سلوكياتها وفعاليتها القيادية تشير إلى أن هناك الكثير من التشابه بينهما في هذين المجالين من القيادة. ويمكن القول بأن فعالية المرأة القيادية تزداد عندما تترقى إلى المراكز القيادية العليا، وعندما يتطلب الدور القيادي منها استخدام أسلوب التعاون وفرق العمل أكثر من مجرد التحكم والرقابة في بيئة العمل.
القضية الثالثة: لماذا لا يصل إلاّ عدد محدود من النساء إلى المراكز القيادية؟
هناك العديد من الاعتقادات الخاطئة لقدرات المرأة القيادية بشأن إمكانياتها وقدراتها الإدارية والتي غالبـًا ما تكون اعتقادات غير صحيحة ولا يوجد ما يدعمها في الواقع من دراسات أو بحوث. ومن هذه الاعتقادات:
* استحالة قيام النساء بعمل التنسيق بين أدوارهن في العمل وأدوارهن في الأسرة. .
* الطبيعة العاطفية للمرأة يجعلها غير ملائمة للقيام بالوظائف التي تنفذ من قديم الزمن من قبل الرجل.
* النساء يفتقرن إلى الولاء والالتزام نحو العمل في المنظمات؛ حيث يعتبرن العمل شيئـًا مؤقتـًا في حياتهن وليس له الأولوية.
* النساء لا يستطعن السفر عندما تتطلب ظروف العمل ذلك كما هو الحال بالنسبة للرجل.
القضية الرابعة : كيف يمكن للمزيد من النساء الوصول إلى المراكز القيادية ؟
يمكن القول بأن فرص النساء للوصول إلى المراكز القيادية متعددة وكبيرة، غير أن تحقيق هذا المطلب يحتاج في واقع الأمر إلى جهود مضاعفة من جانب المرأة ذاتها والمنظمة التي تعمل بها. فمن جانب المرأة فإن وصولها إلى المراكز القيادية يملي عليها ضرورة الاستعداد لهذا الدور من خلال تزويد ذاتها بالمعارف والمهارات الفنية والتدريب الإداري بما يضمن نجاحها كقائدة إدارية. أما ما يتصل بجانب المنظمة فإن هناك حاجة ملحة إلى إعادة النظر في الثقافة التنظيمية التي تحكم علاقة المرأة بالعمل بشكل عام وبالدور القيادي بشكل خاص.
والسؤال المحوري هنا هل تصلح المرأة للقيادة؟!
دراسة علمية أميركية أجرتها منظمة «PRCP» أظهرت أن 21 في المائة فقط من المشاركين يرون أن الرجال يتفوقون على النساء في القدرات القيادية، بينما قالت الغالبية العظمى (69 في المائة) بأن المرأة والرجل متساويان في القدرات القيادية. لا بل إن المرأة لديها من القدرات المهمة في القيادة ما يتساوى ، إن لم يفق الرجل ، منها مقدرتها على تذكر الأحداث الماضية ، وشدة ملاحظتها لدقائق الأمور، ومقدرتها على تأدية أكثر من عمل في وقت واحد Multi - Tasking. كما تمتاز المرأة أيضا بالجانب العاطفي الذي أراه ميزة لصالحها ، لأن هناك قرارات قيادية تحتاج إلى شيء من العاطفة ، خصوصا إذا كانت مرتبطة بمصالح الناس. وإذا كانت المنظمة تعمل وفق آليات العمل المؤسسي، التي تحكمها لوائح وقوانين محددة ، فلا يجب أن نقلق من مسألة العاطفة ، لأن القرار إن كان عاطفيا مجردا ، كتعيين غير شخص لا تنطبق عليه الشروط أو تسريح تعسفي لموظفة ، فإنه سيصطدم باللوائح والقوانين.
وها هو التاريخ القريب والبعيد يسطر لنا أروع الأمثال لنساء بارزات في مناصب قيادية كرئيسة الوزراء، والسفيرة، والوزيرة، والمديرة العامة، ومديرة المستشفى والمدرسة وغيرها، قدنا مؤسساتهن وفق أفضل المعايير المهنية. فلماذا نفكر ألف مرة قبل أن نعين المرأة في مناصب رفيعة.
كفانا مقاومة في تعطيل قدرات نصف المجتمع ، فقد أنفقت جامعاتنا مليارات المبالغ لتخرج لنا نساء متميزات ثم نقرر بتعسف ذكوري أن نختار لها الوظيفة التي نراها مناسبة، لأننا نزعم أن هذه المرأة تنقصها بعض الأمور. ولنتذكر دوما أن المرأة تختلف عن الرجل لتكمله.
والقيادة تعني القدرة على تحريك الناس نحو الهدف ، أي أن للقائد اتباع يتبعونه مثل الفريق الذي لا بد أن يكون له قائد يقوده ، والسؤال هنا هل القيادة فطرية أم مكتسبة؟ أن الفطرية نسبتها 2% والبقية مكتسبة ، وهناك خمس علامات للقائد النموذجي وهي الذكاء والمبادرة والشجاعة والتوازن ما بين العقل والعاطفة وما بين الروح والجسد وأخيرًا البيئة القيادية وأهميتها لخلق قائد.
هناك نماذج من النساء المسلمات خاصة وأنّ الاسلام كرّم المرأة وأنصفها وأعاد إليها حقوقها وهناك من الأوائل من النساء اللاتي يعتبرن قدوة في القيادة فأول من أسلم هي السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأول من استشهدت هي أم عمار، ولا ننسى أنّ الاسلام ذكر بلقيس كإحدى الرموز النسوية القيادية ، ثمّ ان هناك من الصفات القيادية التي تميز المرأة وهي المشاركة والاستشارة ، والتعاطف، والابداع وتفهم حاجات النساء والتفويض وإعطاء الصلاحيات ، وبعد النظر عند المرأة القيادية أكثر من الرجل لأنّها أكثر جمعا للمعلومات، والحوار والاتصال والتعبير عن المشاعر.
وهناك دراسة أجنبية أجريت في دول أوربية ودول من شرق آسيا خلصت لنتائج عن المرأة القيادية أنّها تراعي ظروف المرأة التي تعمل معها، وتفهم المشاكل التي تمر بها المرأة ، وتمارس التحفيز بشكل أفضل من الرجل القائد ، وتشرح ما تريد والهدف بشكل أفضل من الرجل ، وتقضي مع العاملين وقتا أكثر من الرجل ، وتنتبه للأداء الحسن والسيء.