ما الذي تريده الجماعات الإسلامية التي تعمل في المجتمعات الإسلامية؟ هل تريد هداية الناس كما تزعم وترفع شعار الدعوة إلى الله؟ وإذا كان المجتمع مؤمناً ويدين بالتوحيد لله، وتُرفع المآذن وتقام الصلوات، ويصوم المجتمع وتقام شعائر الدين في انسجام وألفة وسلام، فما الذي تعمل عليه مثل هذه الجماعات؟ الناس قد تحتاج تنبيه توعية، لكنهم لا يحتاجون لدعوة لله، لأنهم يؤمنون ويعبدون الله.
إذا كان أحد أفراد المجتمع يصلي ويؤدي كافة شرائع الدين، ولكن يصطدم دوماً بثلة من الأفراد في مجتمعه تحاصره، وتطلب أن يكون تعبده ودينه وفق رؤيتهم وطريقتهم ومسلكهم وفهمهم للإسلام، على سبيل المثال لا الحصر، زوجته وبناته يلبسن الحجاب المتعارف عليه، هنا تأتي مثل هذه الجماعة وتعتدي عليه وترهبه، حتى يأمر زوجته وبناته ويلزمهن بغطاء الوجه، ويتم هذا وفق شعار رنان هو الدعوة إلى الله.
هنا المعضلة الحقيقية، حيث تم اختزال مفهوم الدعوة لتحقيق أهداف حركية وحزبية ومذهبية لا أكثر ولا أقل، وهنا كذلك استخدام مقيت للدين وتفصيله على هوى هذه الجماعة، ثم تركها تعيث فساداً في المجتمع بحجة صون العفة وحماية الفضيلة، وأعتقد جازمة بأن السماح المبدئي بمثل هذه الممارسات هو الإشارة التي التقطها أصحاب الإسلام الحركي لتنفيذ أجندتهم وإرهاب مجتمعاتهم، ومحاولة فرض آرائهم بالقوة، ثم تحولهم للعمل العسكري الإجرامي الإرهابي.
يجب علينا لمعالجة الداء المتطرف إعلاء مفهوم المواطنة والوطن، وأن الجميع تحت القوانين مهما تلبسوا بالشعارات الرنانة، ثم حماية المجتمع والأفراد من هؤلاء الذين يحاولون استغلال الدين لإشباع رغباتهم بالسيطرة على رقاب الناس