مما عرف عن العرب في طرائق تسميتهم لمكونات البيئة حولهم ، أنهم وضعوا أسماء متعددة للمسمى الواحد ، وهذه الأسماء يتناسب عددها مع أهمية المسمى ومكانته ، فلو كان من الناس لفهمنا أن تعدَّدَ الأسماءِ دليلُ شرفٍ ونبل فيه ، وإن كان من النبات أو الحيوان فهمنا أهميته البيئية والحيوية بالنسبة للعربي .
ومن الحيوانات التي اهتم بها العربي غير الدجاج والكلب والبعير ، ( الهـِـرَّة ُ ) ذلك الحيوان الأليف الجميل الذي عَـدَّهُ النبيُّ الأعظم ( من الطوافين علينا ) (1).
القط أو الهر (ويطلق عليه العامة البِسُّ بكسر الباء)، و الاسم العلمي:( Felis catus) حيوان من الثدييات، فصيله السنوريات، دجَّنه الإنسان قبل نحو سبعة آلاف سنة. يعتقد أن أصل القطط البرية (أسلاف القطط) قد نشأت في جوٍّ صحراوي، ويظهر ذلك من ميل القطط إلى الحرارة والتعرض للشمس ، وغالبا ما تنام في أماكن معرَّضة لضوء الشمس أثناء النهار. وهنالك عشرات السلالات من القطط ، بعضها عديم الفراء وبعضها الآخر عديم الذيل نتيجة لتشوّه خلقي. .
تتمتع القطط بمهارة كبيرة في الصيد والافتراس تقارب السنوريات الكبيرة كالنمر، إلا أنها لا تشكل خطراً حقيقياً على الإنسان نظراً لصغر حجمها. تزن القطة بين أربعة وسبعة كيلو جرام ، وقليلا ما تصل إلى عشرة كغ. من الممكن للقطة أن تصل لـأكثر من عشرين كغ ، ويحدث ذلك عندما تطعم بشكل زائد. وهو غير صحي ويسبب أضراراً للحيوان. وللقطط قدرة كبيرة على الرؤية في الظلام ، وللقطة غطاء ثالث للعين، إذا أظهرت القطة هذا الغطاء بشكل مزمن، يعني هذا أنها مريضة. وتحب القطط النظافة، وكثيراً ما تلعق فراءها لتنظيفه ولكسب فيتامين سي. كما تحب ُّمطاردة الفئران. وتعيش القطة إلى نحو خمس وثلاثين سنة.وتشتهر بقوة حاستي السمع والشم ِّ .
والهرّةُ معروفةٌ ومذكرها الهرُّ ،والمُواء صوتها الجميل ، ولها أسماءٌ كثيرة ؛ وهي مِن أكثرِ الحيواناتِ أسماءً ؛ لأنَّهـا مُتداولة عند الناس ، وكلُّ ما تداوله الناسُ كَثُرَتْ أسماؤُه ؛ لأن كلَّ أناس يُسمونَه بِاسْم ؛ ولهذا كانت الهرّة كما أسلفنا مِن أكثر الحيوانات الأهلية أسماءً ، إضافة إلى الأسدُ والحمار والبعير والكلب و
الحصان والديك و ...ولقد تمكنْتُ من جمْعِ عشرين اسما للقط الجميل هذا كما سيمر معنا . وهذا عدا تسميتها بذات المُـواء ، بل يسميها الأطفال ( مو مو ، أو ميوْميو ) !!!
قيل ذهب رجل الى السوق ومعه قط يريد بيعه فمرَّ به مشتر وسأله بكم القط ؟
فقال بكذا وجاء آخر وقال بكم الهر وثالث بكم السنور ورابع ولم يتعدَّ الجميع في سعره الدرهمين وكان من عادة العرب ان تعدد الاسماء تدل على أهميّة المسمى كما أسلفنا ، بينما تعددت اسماء القط و لم يتجاوز بسعره الدرهمين ، فنظر الرجل الى القط ، وقال : قاتلك الله ما اكثر أسماءك وما أقل قدرك ! ثم رماه في السوق .
وتتجاوز اسماء القط الـعشرين اسماً منها ، في اللهجات المحلية العربية ومنها عربي فصيح فمن أسمائه التي تمكنتُ من إحصـائـهـــا :
السنور : السَّنَرُ مُحَرَّكَةً : شَرَاسَةُ الخُلُقِ وضِيقه و منه اشتقاق السِّنَّوْر بالكسر وتشديد النّون المفتوحة وإِنّمَا لم يَضْبِطْه مع أَنّه من أَوزانِه اعتماداً على الشُّهْرَةِ : م أي معروف وهو الهِرُّ والأُنثَى بهاءٍ كذا في المصباح . قال ابن الأَنباريّ : وهما قَلِيلٌ في كلام العرب والأَكثرُ أَن يُقَال : هِرٌّ وضَيْوَن كالسُّنّارِ كرُمّانٍ . السِّنَّوْرُ : السَّيِّدُ بالكَسر هكذا هو مضبوط في النُسَخِ التي بأَيْدِينَا وضَبطَه الصّاغَانيّ بفتح السين وتشديد التَّحْتِيَّة المكسورة وهو الصَّواب لأنه قال فيما بعد : والسَّنَانِيرُ : رُؤساءُ كلِّ قبيلةٍ واحدها سِنَّوْرٌ .
تُسمَّى ( بَس ّ ) بفتح الباء ، و(بِسّ ) بالكسر .
قال في "القاموس" : إن العامة تكسِره ، وإلا فهو (بَس ) . وذكرها المعجم الوسيط أيضا ً وقال عنها فارسية ، وذكر أنها زجر للهرِّ وليس اسما ً له !
ومن أسماء القطة :
ذَكَرُهـــا الـ(قِطّ ) ، ويُسمَّى (سِنَّور) ، قال الرازي في مختار الصحاح : القِطُّ بالكسر الضيون وهو السنور الذكر والجمع قِطَاطٌ و القِطَّةُ السنورة و القِطُّ الكتاب والصك بالجائزة ومنه قوله تعالى : { وقالوا ربَّنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب } سورة (ص) / 16 .
والقطة في اللهجة الشامية يُسـمُّنها ( الأطّــة ) بإبدال القاف همزةً .
الهر والهرة . قال في الصحاح : الهِرُّ السنور والجمع هِرَرَةٌ كقردٍ وقِرَدَة والأنثى هِرَّةٌ وجمعها هِرَرٌ كقِرْبة وقِرَب وفي المثل فلان لا يعرف هِرَا من بِر أي لا يعرف من يكرهه ممن يبره وقيل الهِرُّ هنا دعاء الغنم والبِرُّ سوقها و هَرِيرُ االكلب صوته دون نباحه من قلة صبره على البرد وقد هَرَّ يَهِرُّ بالكسر هَرِيراً و هَارَّهُ هَرَّ في وجهه ، أي عبس واكفهرّ .ورأى رسول الله أحد الصحابة وفي كمِّه هرة فأسماه بأبي هريرة ، قال السُّهَيْلِيّ : كَنَّاه لِهِرَّةٍ رآها معه وروى ابن عساكر بسنده عن أَبي إسحاق قال : حدَّثني بعض أّصحابي عن أَبي هُرَيْرَة قال : إنَّما كَنَانِي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلَّم بأَبي هريرة لأَني كنتُ أَرْعى غَنَماً فوجدْتُ أَولادَ هِرَّةٍ وَحْشِيَّةٍ فجعلتُها في كُمِّي فلمّا رُحْتُ عليه سمِع أَصواتَ هِرَّةٍ فقال : ما هذا ؟ فقلتُ : أَولادُ هِرَّةٍ وجدتُها . قال : فأَنتَ أَبو هُرَيْرَة ..َ .
القطو والقطوة
القطوس ، وفي قريتنا بركة ماء تجميعية حملت اسم ( قطــوس ) . وقال الزبيدي في التاج :
وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه ( أي القاموس المحيط للفيروزابادي ) : القَطُّوس كتَنُّورٍ : القِطُّ بلُغةِ الأَنْدَلُس وقال أَبو الحَسَن اليُونينِيُّ : أَنْشَدَنَا رَضِيُّ الدِّين الشِّاطبيُّ الأَنْدلسيُّ لبعض اللُّغَويِّين :
عَجَائبُ الدَّهْرِ شَتَّى لا يُحَاطُ بهَا *** منْهَا سَمَاعٌ ومنْهَا في القَرَاطِيسِ
وإِنَّ أَعْجَبَ مـــا جَاءَ الزَّمانُ به *** فأْرٌ بحمِصَ لإِخْصَاءِ القَطَاطِيس
البسينة
البيسة : وأصل الـ(بَـيْـس ) الفراء ، ولعلها سمِّيت بذلك لفرائها ! وبعضهم يقول ( أبيس وأبيسة)
وهو من اللغة الفرعونية ، يعرف هذا القط من أيام الفراعنة ومشهور في منحوتاتهم واتخذ رمزاً للرعب والخوف وهو فضولي للغاية ومحب للعب ، والأبيس الأصلي يكون ذا عيون خضراء أو ذهبية وهومشهور باللون البني المحمر فالأغمق منه ومن الممكن أن يكون أحمر ببقع بنيّة غامقة، ويعرف بجسده الطويل وأذنيه الطويلتين .
البسبوسة
البزون في العراق
الهارون ، وخاصة في مدينة دمشق وادلب وحلب .
- الدم
- العر
- النسم والبسم
-القطيوه
- العسني
- الضيون
في " تاجِ العَروس " للزبيدي : جاء
والقِطُّ: الضَّيْوَنُ ؛ كما في « الصّحاح » ، وهو السِّنَّوْرُ ؛ كما في « المُحْكَمِ »، والأُنْثَى: قِطَّةٌ ؛ كما في « الصّحاحِ » و« المُحْكَمِ ». وقال اللَّيْثُ: القِطَّةُ: السِّنَّوْرُ، نَعْتٌ لها دُونَ الذَّكَرِ . ونَقَل ابنُ سِيدَه عن كُرَاع ، قال : لا يُقَالُ : قِطَّةٌ . وقالَ ابنُ دُرَيْد : لا أَحْسَبُها عَرَبِيَّةً . وقال شَيْخُنَا : وتَعَقَّبَه جماعَةٌ بوُرُودِه في الحَدِيثِ . ج : قِطاطٌ ، وقِططَةٌ . قال الأخْطَل :
أَكَلْتَ القِطَــاطَ فأَفْنَيْتَهَـــــا *** فَهَلْ في الخَنَانِيصِ مِن مَّغْمَزِ؟
(هكَذَا أَنشَدَه الجَوْهَرِيُّ له ، قال الصَّاغَانِيّ : ولم أَجِدْهُ في شِعْرِ الأَخْطَل غِيَاثِ بنِ غَوْثٍ..) انتهى .
والجمع الضيَّاوِن؛ قال ابن بري: شاهده ما أَنشده الفراء:
ثَرِيدٌ كأَنَّ السَّمْنَ في حَجَراتِه *** نُجومُ الثُّرَيَّا، أَو عُيُونُ الضَّياوِنِ
أصل كلمة cat واشباهها - أغلب اللغات الاوروبية تستعمل كلمات مشابهة - وإن كانت مشتقة من كلمة قط أم لا ، واتَّضح ان الكلمة أُخذت من اللاتينية المتأخرة cattus من اللاتينية القديمة .catte عن المصرية المتأخرة caute وهي مؤنث كلمة caus.
وفي النوبية كديس kadis كما ذكر بعضهم وفي لغة البربر kaddiska .
وحدثني باحث في الشؤون القططية :
وإذا أردت أن تكلم قطة فما عليك إلا تقول : ( تْشْ ) بضم التاء ، ليست ( تِشْ ) ولكنها مثل ( cho ) بضم الشفتين وإلصاق طرف اللسان بلثة الأسنان العليا ، مع التكرار ، وناد أي قطة مارة بهذا الصوت ؛ ستجدها تقف ، وربما التفتت إليك ، وربما إذا كانت اجتماعية أكثر ردت لك التحية بـ ( مياو ) ، وقد جربتها كثيرا ، فقلَّما خابت معي ، ويطول ذلك أحيانا فيتحول إلى حوار وأخذ ٍ ورَدٍّ ، أقول : ( تْشْ ) فتقول : ( مياو ) ! فأقول : ( تْشْ تْشْ ) فتجيب : ( آو ) تختلسها اختلاسا ، كأنه جواب سؤال معتاد ... الخ ، فإذا قلت شيئا بلغة البشر نظرت مندهشة لا تحير جوابا ، وإذا سكت برهة لم أتكلم تطوعت فاستأنفت الحديث بسؤال من عندها ... وهذا حاصل فعلا ..
وفي باديتنا ننادي البس ( الهر / القط ) بنداء : ( بِـسّ ) ...
وفي بعض أنحاء اليمن والحجاز والشام ينادى بـ( قط قط ) !
ويُنسب إلى بعض الطوائف المذهبية الشامية أكل لحم القطط ، وهم أيضــاً لا يرون اسمه جائزا أخلاقياً ، فلا يجوز لك أن تقول ( قط ) أبدا بل ( بس وبسينة ) وقرأت في قصيدة من شعر النبط تتندّر بأكلهم لحوم القطط :
اذكـــروا أكلكم حاوي القذر *** من لحم واوي أو شذاة كلابهــــا
تتفننوا فيهـــا ولا تبدو كدر *** وبساسكم بالزاد وين اذنابهـــــا ؟!
وتعدد ذكر الهرة في الأحاديث الشريفة ، وأبرزها (دخلت امرأة النار في هرَّةٍ حبستها ....) .
ولنا قصيدة جميلة خلَّـدْتُ فيها حكاية قطة في مسجد حيِّنــا بالعوير / دبي ، منها :
وقطَّــةٍ بيضــــاء كالحليب ِ*** أحببتهــا في طبعهــا الأريبٍ
تنطرنــا في بـابِ بيت الله ْ*** إذا دعـــا الإمـــــام للصـلاهْ
كأنَّها الدليلُ للحيــــــارى *** أو سادنُ الناقوس للنصـارى
كما تعدد ورودها في القصص الشعبي واللغوي الجذوري ، ومنها هذه الحكاية :
أراد سِنَّوْر مُحاكاة الأسد, فسمّى نفسه الشَّرَنْبَث، وتكنّى بأبي الْفُرْهُودِ ثم َّكسعَ كُنيته بالصَّغير تواضعًا, فظنَّ أنَّ الأمر إنِّما أُعدَّ له, وأنَّ الزَّعامة إنِّما خُلقت من أجله, فَوَتَّرَ كُلْبة خَطْمه ونفشَ ذيلَه, وراح يتبهنس، وحين رأى الأسد أخذه السَّلْح، فكأنما سُقِيَ حادورًا.
وهذا شرح بعض المفردات:
السنّور: الهر
الشرنبث: من أسماء الأسد
الفرهود: الشبل
التّبهنس: التّبختر
السَّلح: ذاتُ البطن
الحادور: عقار مسهل للمعدة.
---------------------هامش :
(1)- وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- « أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في الهرة: إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم » أخرجه الأربعة، وصحَّحه الترمذي وابن خزيمة .
قال رحمه الله عن أبي قتادة -رضي الله تعالى عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال في الهرة: ( إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم ) ، والمقصود :
أن الهرة وهي القط أو السنور، تطوف على الإنسان في بيته، ويكثر ملابستها للإنسان، تدخل البيت فتكون قريبة منه، فملامستها له كثيرة، وأيضا قربها من الآنية التي يستخدمها الإنسان كثيرة؛ ولهذا الحديث سببُ وُرودٍ ، وهو أن أبا قتادة - رضي الله عنه - أصغى للهرة ماء فقيل له في ذلك فقال : إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول : « إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم ». وهذا يدل على أن أبا قتادة -رضي الله عنه - فهم من ذلك ما وقع من النبي - عليه الصلاة والسلام - وهو أن الهرة من الطوافين ؛ ولأجل كونها تطوف فليست بنجسة ، وفي هذا الحكم رفعٌ للحرج عن الأمّـة .