طبيعة حياة اليوم تستلزم المعرفة والدراية والخبرة، تستلزم الاستعداد النفسي والذهني، فضلاً عن الشجاعة، وعندما أقول شجاعة، فإني أقصد معنى هذه الكلمة الحرفي، ليس لأننا ندلف نحو حرب أو صراع، بل لأننا ندخل في أتون أحداث ووظائف ومتطلبات وشجون وهموم، ببساطة ندخل في عاصفة قد لا نعرف بدايتها ولا متى تنتهي.
لا أريد من كلماتي أن تكون محملة باليأس ولا أن تحمل رسالة بؤس، بل أريدها أن تكون محملة بأهمية العمل على حماية النفس من مخاطر تبدل النفوس وتغير القلوب.
أريد أن نكون محصنين من الداخل، وأقصد من داخل أرواحنا لأي من معضلات الحياة لأي من أحزانها، أما الأفراح والسعادة، فنحن قادرون على التكيف معها بطبيعة الحال، المعضلة دوماً تقع في جانب الحياة المظلم، لذلك نشاهد ونسمع ونقرأ الكثير من النصوص والكلمات التي لونت بالسواد والظلام، نسمع عن الإحباط والحزن والألم.
أريد أن ننظر في حياتنا مثل إلقاء نظرة عابرة على صورنا القديمة قبل عام أو عامين تكفي، لنتعرف على ملامح من التغيير الذي أحاول التحذير من الحزن بسببه أو من الألم لوقوعه، فالذي أشير إليه أن مفاصل التغيير تبدأ من جانبها الشخصي الذاتي لكل واحد منا، ثم تنتشر هذه العملية، بسبب تبدل الزمن وتغير الأوقات لتصيب حتى تفكيرنا، فتتبدل ميولنا ورغباتنا.
لذا نسمع عن تطلعات وآمال وطموحات جديدة، نسمع عن تغييرات اعترت من نحب ومن راهنا على وفائهم وإخلاصهم، ومرة أخرى أحسب أننا في مسيرة الحياة تماماً، كما تتغير أشكالنا تماماً تتبدل أفكارنا وتكبر طموحاتنا، وفي وسط هذه المعمعة التي تتسرب إلى عقولنا ووسط أرواحنا بهدوء، فنغير ثوابتنا وننسى ضمائرنا وندوس على بعض من قيمنا ووعودنا ومبادئنا، لنحقق هدفاً جديداً أو غاية جديدة، أو الركض نحو فكرة نعتبرها منقذة وفريدة.
وفي ظني أن هذه الحالة تأتي بسبب دخولنا دوماً في السباق الخاسر، وهو مع الزمن، هذا السباق الذي لم ينتصر فيه أي إنسان، رغم هذا جميعنا ندخل أتونه بحماسة وتوق وكأننا نملك أمل الفوز أو حتى مؤشرات للفوز الذي يحدث أن البعض منا يدلف نحو هذا السباق بعفوية وحماسة، لكن بحكمة ومعرفة أن لا أحد يفوز، وفي الوقت نفسه يوجد آخرون يقتحمون مضماره، وهم في حماسة، وأول ما يفعلونه هو القسوة على من يشاركونهم الركض في هذا المضمار، لذا لا تتألم إذا تلقيت ضربة من أقرب الناس.