يرد الباحثون الاجتماعيون وعلماء السيسيولوجيا تقهقر مكانة المرأة العربية عما كانت عليه في صدر الاسلام الى عوامل اهمها :
• الاستغلال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وعملية الافتقار الروحي والفكري التي يقودها مجتمع الذكور ضد مجتمع الاناث، كما يعبر بذلك الفيلسوف الفرنسي المسلم (روجيه غارودي)
• السلطوية التي تقوم على القهر والاذلال، في شتى نواحي الحياة.
• التغريب الناتج عن الاستقلال والفراغ المعنوي
• العدائية التي تقوم على الحسد والنفاق والتفاخر والتشاوف والتنافس والتزيف والتقنع وكل عدائية تسمي نفسها دفاعا عن النفس.
• الفقر الذي يجر الفقر، والعنف الذي يولد عنفا مضادا، يرتد على الاخرين من الاولين.
• التعصب الذي تبديه الجماعات المتحكمة ضد الجماعات المحكومة، فتسود بذلك ثقافة عامة ذات ايديولوجية تبرر التحكم.
فهذه الامراض الاجتماعية والسياسية كانت تفترس الجسم العربي طيلة قرون طويلة ماضية، أدت الى تموضع المرأة الحالي في المجتمع العربي المعاصر.
ومن خلال موقف المجتمع العربي المتخلف من تموضع المرأة في هذا المجتمع، قرر الفرد العربي المعاصر دفن المرأة حية، او ودأها كما كان يفعل في الجاهلية.
اي ان العربي كان يئدّ الانثى مولودة، في الجاهلية الاولى، والعربي اليوم يئدّ الانثى الشابة، في جاهليته الحاضرة - - - يئدها في الجهل ويئدها في حرمانها من التعليم، في حين يفسح التعليم للذكور فقط، لكي يستطيعوا الحياة في عصر لا يعيش فيه غير اولي العلم.
وفي احصائية نشرت عام 1981 دلت الارقام على ان سبب ارتفاع نسبة الامية في العالم العربي عائد الى ارتفاع نسبة الامية بين الاناث العربيات.
ففي العراق مثلا كانت نسبة الامية عام 1965 عند الذكور 65 % في حين بلغت عند الاناث 87 % .
ومن خلال هذا التموضع، ومن خلال هذا الوأد الثقافي والتعليمي للمرأة العربية في القرن العشرين، اصبحت المرأة العربية غير قادرة على القيام باي دور ايجابي في الحياة العربية غير كونها متعة من متع الدنيا - - فدور التربية المناط بالمرأة اساسا لم يُلعب من قبل المرأة العربية كما يجب له ان يُلعب، بعد ان حرمها الجهل والاغفال كل شئ تقريبا. فالتقارير الاجتماعية تشير الى ان نسبة مشاركة المرأة العربية لا تزيد عن 2 % نسبة الى عدد السكان كما هي الحال عليه في الجزائر.
لقد انعكس وضع المرأة العربية في الانتاج الثقافي سواء كان هذا الانتاج ادبيا ام فنيا.
ففي ظل الهيمنة الاستعمارية التي تتفاوت من قطر عربي الى آخر وفي ظل تصاعد الازمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يتحول هرم السلطة الى بناء محكم، شديد الاحكام، يليه قمعا فكريا وماديا، وهنا يرتبط وضع المرأة بوضع المجتمع نفسه. وبنفسية القاهر والمقهور، فتغيب الحرية وتتفاقم الازمة ويزداد الشعور بالسخط والاستياء.
ومع تزايد ازمة الطبقات الحاكمة ازدات حاجتها الى نشر الوعي الزائف الذي يسلب المرأة ذاتها الحرة وارادتها الحرة وبالتالي قدرتها على الفعل الحر - - - وفي مثل هذا المناخ الذي تسود فيه نفسية القاهر والمقهور، ينفجر الانسان بالاحباط العاجز والرغبة في تدمير ذاته وذوات الاخرين ويجد في المرأة كبش الفداء الذي يلقي عليه بكل احباطه وعجزه وخوفه وعذاباته.
* نزار قباني في (الضوء واللعبة).