حسناء الادب الجزائري ، ثائرة ، مجنونة ...هادئة في نفس الوقت ... تقوّم حروب العالم كلها في لحظة كتابة منقطعة النظير ... اذا جاورتها احسستَ أنّكَ امام سيدّة فولاذية و لكنكَ ما تلبث ان تأسركَ بضحكة طفولية من عينيها حتى تنسيكَ وهلة تفكيرك الاول بها ... هي الطفلة المراهقة الآي تكتب بمزاج أمةّ منهكة ...
" وكالة أخبار المرأة " أجرت الحوار التالي مع الكاتبة الجزائرية هدى درويش وفيما يلي نصه ..
* ما هي الأمور التي حافظت عليها هدى درويش ؟!
- كل الحقائق في الحياة غير ثابتة بصورة مطلقة ،ليس هنالك في رأيي ما يظل في جوانح كاتب ما دون أن يتغير فكل الحقائق تحمل وجوها كثيرة لأنّ الحياة بطبعها فلسفية لا تقوم على بديهيات و من ثمة الكتابة ايضا ...لكنني اعود و أقول أنّ بعض الجوانب تحمل قدسية هائلة كوازع الدين و عقيدة الانسانية و الارتباط بالوطن ،تلك الجوانب الحاضرة دائما ...أعتقد أنني حافظتُ على كوني طفلة تكتب بمزاج مراهقة و مراهقة تكتب بمزاج إمرأة و إمرأة تكتب بمزاج أمة !!
* من الشعر الى الرواية كيف كان ذلك ؟!
- لم أنجز في نظري بعد العمل الروائي الذي يمثلني و يحملني في صورة حقيقية ،مازلت شاعرة و مازال الشعر يقاتل في داخلي جميع الأغراض الأدبية الاخرى ...اعتبر نفسي شاعرة بملقط إلكتروني حاد ...أغوص و اطفو على الوجع لذلك أكتب النثر بأسلوب شعري و كأنني احلم بفن روائي جديد على طريقتي ...و لا اشعر ايضا انني اريد التخلص من هذه اللوثة ...تلازمني ثنائية \"الاحتياج و الهروب\" و تضبط عالمي بين إيقاعين : الواقع و البوهيمية .
* روايتك الاولى \"حب يبحث عن وطن\" ...ماذا عن نساء بلا ذاكرة ؟!
- اعتبر عملي الاول \"حب يبحث عن وطن\"مجرد محاولة لكتابة الرواية ،مجرد بداية بملامح غامضة ...لقيت استحسانا و عمل عليها في شهادات ماستر قسم الرواية و نالت اصداءً لا بأس بها ...لكنني ارى نفسي اعود في صورة أنضج بكثير في عملي الجديد \"نساء بلا ذاكرة\" ...أتَجَلّىٰ فيه كامرأة بقصص و حكايات تحدث في شوارعنا الف مرة يوميا ...بطلات الرواية ثلاث :وهيبة ،حياة و روز و لكل منهن ظروف حياة و مدائن خذلان تقذفها الى عوالم الحلم ...اذكر في عملي أسلحة المرأة للتحرر : العلم ،السفر و المعاناة ...نعم إنّ المعاناة سلاح للتحرر ،من رحمها خرجت أعظم النساء ...اما عن بيئة العمل فمن وهران الى سوسة الى باريس و كلها مدائن عايشتها و اعرف البعض من اسرارها و اعرف أحزان نسائها و وجوههن الشاحبة ..
* هل تدافعين عن المرأة ؟!
- لا يمكنني الدفاع عن المرأة ان لم تدافع هي عن نفسها و إن لم تكن مؤمنة بقضيتها في تقرير مصيرها اليومي و السنوي و الابدي ...بكل تأكيد عذا الموضوع بالنسبة لي قناعة لا رجوع عنها لكن دفاعي ككاتبة قد يؤثر لكنه لا يغيّر شيئا بالرجوع الى الواقع ... بحكم أعمالي و أسفاري،المرأة محط اتهام ...في كل الثقافات و على مر العصور لكن الفرق بين حالة و اخرى يكمن في الجهل او العلم بماهية هذه المعضلة ... \"المرأة التي تجعل نفسها عرضة للقيادة لا تصلح أن نسميها امرأة ...هي مجرد جماد يقتات الحياة الى الموت \"...
* متى تضعين ثقتك في الناشر الجزائري ؟!
- لا أعتبر المسألة مسألة \"ثقة \"لأنني ببساطة لا أعتقد أنّ الناشر الجزائري عموما راضٍ عن حاله او تعامله او شروط عمله ...هو يعاني تماما مثلما يعاني كاتب لا تصل أعماله الى مكتبات بلده الا متأخرة جدا ... لذلك اتمنى الأفضل ،اتمنى ان يبقى الناشر الدعم الفاعل من جميع الجهات القادرة و من وزارة الثقافة ايضا ... و ان نعمّق تحسيس المواطن الدائم اتجاه الكتاب .
* لماذا يرتبط النشر بمعرض الكتاب؟!
- لدى تواجدي في العديد من مدن العالم هنالك ملتقيات و كافيهات ادبية تنعقد حتى في اصغر البقاع ...مدينة ليموج مثلا و ضواحيها بوهيمية بامتياز ليس اتجاه الكتاب فقط بل الرسم و الموسيقى و جميع الفنون ،لأننا حين نغرس فكرة احترام الإبداع و تقديره بجميع صورها و منذ الأطوار الابتدائية لا نحتاج في المقابل الى مهرجانات ضخمة حتى يلتقي القارئ بالكاتب ...كل يوم في تلك البلاد يولد كاتب جديد و شعر و نثر متجدد ...على عكس الجزائر او بعض البلاد العربية فمعرض الكتاب هو فرصة حقيقية تجمع الكاتب بقرائه ...فرصة لاستقطاب الصحافة و المهتمّين ...فهو القبلة التي يتجه الى فعالياتها الجميع .
* لماذا تأخر صدور الرواية؟
- السبب الأساسي و بعد ان تم التعاقد مع دار نشر معينة ،غيرّنا الفكرة من طبعة محدودة الى طبعة عربية موسعة و تحمس الناشر لذلك و بدأ العمل عليها فعليا هو و فريق الدار بالتناسق مع دور نشر متعاونة ..الا أن بعض الصعوبات كانت اكبر منا جميعا و احتراما للتعاقد الذي كان بيننا أردنا كسب بعض الوقت وصولا الى الهدف لكن ذلك لم يكن موفقا فقمنا بعدها بفسخ التعاقد بطريقة حضارية و بعد تشاور و تفاهم كما أنني على علاقة طيبة جدا مع هذا الناشر الصديق و قد تجمعنا تعاونات مستقبلية قريبة .
* كيف تقيّمين مستوى الكتّاب الجزائريين؟
- أولا ...انا أبدي رأيي فقط ، أنا كاتبة كجميع الكتاب و الكاتبات و مهمتي كمهمتهم ، نحن اصحاب رسالة فحواها :السلام و المحبة و الانسانية لذلك أرى أنّ هنالك تغيير معتبر ...مستوى القارئ يتحسن بالموازاة و عذا هو الأساس لأن الجمهور هو الحكم الفصل ...و العيب فيمن يقيّم احيانا هو الربط بين مستوى الكاتب و نيله جائزة ما او تكريما مهرجانيا ما ... و لنقل مثلا ان جبران خليل جبران \"العظيم جدا\" لم ينل جائزة واحدة خلال حياته و مع ذلك ظل \" الكاتب النبيّ العالمي \" لانه كان صاحب رسالة ...فمشكلتنا الان انه تم تسييس الادب و عولمته و فبركته على شكل علاقات عامة و احتكارية لذلك نخاف جدا ان لا تكتسح النخبة المرجوة الى فوق العينات و أن يُغّيَبَ كيان الكاتب الحقيقي ...!!