يوم بعد يوم، تقتحم المرأة المغربية مجالات كانت إلى عهدٍ قريبٍ حكراً على الذكور فقط، فهي ترفض أن تبقى حبيسة المنزل والاكتفاء بأعمال يحددها لها المجتمع.
المرأة المغربية تسعى جاهدةً لكسب قوت يومها بنفسها، رغم مشقة بعض الأعمال، ما دامت ستضمن لها مورداً تستغله لتحقيق استقلالها المادي، أو لمساعدة زوجها في إعالة الأسرة. كما تسعى أيضاً إلى أن المشاركة في صنع القرار السياسي، من خلال اختراق هرم المسؤولية في الهيئات السياسية.
من التمريض إلى الجزارة
فاطمة الزهراء مستقيمي. شابة تبلغ من العمر 28 عاماً، اختارت منذ ما يناهز 9 سنوات أن تدرس مهنة التمريض، لكنها سرعان ما لم تجد نفسها فيها، لتسارع إلى تغيير المهنة بأخرى لا تبعد عنها كثيرا،ً فكلاهما تجعلانها قريبةً من الدم والآلات الحادة.
الجزارة كانت المهنة التي عشقتها فاطمة الزهراء، فتخلت عن الدراسة وفضلت العمل داخل مركز تجاري يعتبر الأضخم من نوعه بمدينة سلا قرب العاصمة الرباط.
ويحتوي المركز التجاري على محل خاص ببيع كل أصناف اللحوم، حيث ساعدها المسؤول عن الجزارين مبارك الوادي في تعلم أساسيات مهنة أحسنت استثمارها، ليجعل منها يده اليمنى في العمل.
فاطمة الزهراء التي تمارس هذه المهنة منذ نحو 8 سنوات، تحلم بامتلاك متجر جزارة خاص تعمل فيه النساء فقط، كما أكدت في تصريحات لـ "هافنغتون بوست عربي” أنها تكسبت احتراماً خاصاً من زبائنها الذين يعتبرون أن عمل المرأة في هذا المجال أمرٌ مختلف، إذ أنها تفهم مرادهم بسرعة، وتقدم لهم اختيارات كثيرة، “بل وطرقاً جديدة لتقطيع اللحم، ما جعلهم يستدعوني إلى منازلهم خلال أعياد الأضحى لأتكفل بمهمة تقطيع الأضحية”.
المرأة زعيمة حزب سياسي
من جانبها، تلقب نبيلة منيب بـ "حسناء اليسار المغربي" و"الزعيمة الفولاذية”. فبين العشرات من زعماء الأحزاب السياسية المغربية، تظل نبيلة إلى اليوم، الأنثى الوحيدة والأولى التي تتزعم حزباً وترأسه بصفة رسمية، بعدما تغلبت على كل منافسيها حول الأمانة العامة للحزب الاشتراكي الموحد المعارض في العام 2011.
فكر نبيلة منيب ورفاقها يساري اشتراكي، يجاهر بمطالب سياسية واجتماعية تتفق مع شعارات حركة “20 فبراير” الشبابية، والتي طالبت بالتغيير السياسي في البلاد عام 2011.
وتطالب الزعيمة اليسارية نبيلة منيب بالملكية البرلمانية، كما تتواجد دائماً في ساحات التظاهر والمعارك الحقوقية التي يجدها الكثيرون خطاً أحمر.
تعرف نبيلة، التي تشتغل كأستاذة مادة علم الغدد بكلية العلوم عين الشق في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بموقفها الداعي لـ "جمع شتات اليسار" بالمغرب، بل وتصنف هي هذه الدعوة ضمن "قائمة أحلامها"، التي تتضمن أيضا حلم رؤية بلدها في مصافي الدول الديموقراطية، حيث يسود العدل ويمتثل الجميع للقوانين.
فتيحة.. حارسة موقف للسيارات
منذ ظهور أولى ممتهنات حراسة مواقف السيارات في بعض المدن المغربية الكبيرة، تشجعت العشرات من النساء على مزاولة هذه المهنة، والتي يصنفها البعض في لائحة المهن المرهقة، بينما يجدها البعض خطرةً للغاية.
فتيحة هي واحدة من المغربيات اللواتي يشتغلن في حراسة السيارات، إذ أصبحت تكسب منها مالاً يغنيها عن مدّ اليد أو التشرد هي وابنتها الوحيدة بعد فراقها عن زوجها، لتتسلح بلباسها الأصفر الذي يميز ممتهني الحراسة، ولباس رياضي يساعدها على الحركة السريعة، خاصةً حين الركض وراء سيارات العاصمة الرباط، التي يفرّ بعض أصحابها من أداء تعويض للحارس.
فتيحة كغيرها من الحارسات، تهددها الكثير من المخاطر وهي تقوم بعملها، خاصة السارقين المتخصصين في السيارات، والمتشردين والسكارى الذين يعمدون إلى تكسير السيارات، بالإضافة إلى التحرش المستمر من أصحاب السيارات اللذين يرونها "تلك المرأة الضعيفة التي يمكن أن تشترى بسهولة بسبب قلة الحيلة"، حسب تعبيرها.