عندما اختارت المرأة الثقافة عاشت في الوهم، لا أقصد بالثقافة الكم الذي تعلمته خلال سنواتها الدراسية وإنما أقصد بها ثقافة المساحيق والزينة والبحث عن الشهوة والشهرة، وخروجها من البيت وما أفسده على الأخلاق والقيم، فالمرأة لم تعرف قيمة الهوى والحبّ إلا بعد أن تدثّرت بروح الديمقراطية الحديثة التي نادت بالحرية، خرجت من مألوفها الذي عافته كما تعاف شيئا مكْرَها أمامها، عافت أن تصون نفسها من أوبئة الفساد والخلاعة، فوقعت في بئر لا قاع لها من التحرش اللذيذ والمائع على السواء، بل وقعت فريسة في يد الرّجل يلعب بها وقتما يشاء وكيفما يشاء، منذ أن عرفت الحرية والخروج، ومنذ أن سنّت الدول العربية قوانين المساواة بين المرأة والرجل ظهر الفساد في البر والبحر، أطلقت المرأة صرخاتها، وانفجر كبتها كالبركان، لأنها لم تكن تفقه معنى الحياة جيدا بل لم تكن تعلم بحقيقة وجودها في الدنيا.
لعن الله من كان سببا في خروجها من مألوفها، لأنها صارت عبدة للشهوات والملذات بعد أن كانت سيدة في بيتها، أضحت ألعوبة بين رجال المال بعد أن كانت عفيفة طاهرة، أصبحت تهوى أكثر من رجل بعد أن كانت تعيش مع سيد الرجال، خروجها مأزق كبير ساهم في تدمير كثير من الأسر، لا تقل لي من حقّها لأنّ ما تقولُه خرافة تخالف الفطرة وتنبعث منها رائحة كريهة تسد الأنوف، لأنها تخالف نفسها بنفسها، هي التي رمت بنفسها في أحضان الميوعة والبغاء وأرادت أن تكون عبدة للشيطان الذي تحدى القدرة الإلهية بإضافة لام القسم ونون التوكيد " لأزيننّ لهم في الأرض"، ترفض المرأة أن تكون عاملة محترمة فتتزين بأحسن زينة، وتتعطّر بأجود أنواع العطور، وتسحق وجهها بأفضل أنواع المساحيق ما جذب منها وما نفر، أرادت أن تبرز مفاتنها حينما تلبس الثياب الضيقة أو الكاشفة، وتتعمد اختيار أقصر الثياب لتلبسه، وهي تذهب لعملها دون رقيب ولا حسيب، لا تغضّ بصرها، ترمق بعينيها الرجال وتطيل النظر إليهم أحيانا، تَسبّب ذلك كله في هدم عائلات بأسرها.
ذكر لي صديق أنه يعرف عائلة كانت تعيش حياة هانئة، كان الزوجان على أحسن ما يرام، تعيش الأسرة الكفاف والهناء، فجأة تغيّر المسار، لماذا يا ترى؟ والسبب من هذه المرّة، إنه الرجل، زوجها حثها على العمل خارج المنزل لتروّح عن نفسها قليلا، ولكنها اتخذت مسارا مختلفا وكأنه دفع بأسرته للهلاك، تعرفت على زميل لها، أحبّته بجنون، صورته لا تفارق محيّاها، تعبث بزوجها وتعاشر عشيقها، جاءته يوما تصارحه أنه لم يعد له مكان في قلبها، ولم تعد ترضى به زوجا، حار الزوج في إقناعها، تجمّد في مكانه، ضرب رأسه بقوة على الحائط، لكنها مصرة على فراقه، تركته مع أولاده فجأة، ودون سابق إنذار، سوى أن الشيطان نزغ قلبها وغيّر وجهتها نحو الحرام، فمالت إليه وهو يعبق عليها بكلمات الود والحب، ظنت أنها كذلك، فسقطت في أحشائه، تمرّدت على كل القيم، نسيت أنها كانت محترمة فأصبحت مبتذلة، رضيت بواقعها الذي أوقعها فيه حبيبها بل شيطانها.
ومثل ذلك كثير في واقعنا مع الأسف الشديد، علاقات مشبوهة في العمل، وتلذّذ بالأجساد والنظرات دون حساب ولا رقيب، ظاهره عمل وزمالة وباطنه علاقة ولقاء ونتيجته هلاك وهدم لأسرة قد تكون بنيت، فدعاة تحرير المرأة لا يكفّون عن إغراق المرأة في وحل الشهوات، فهي تدرّ عاطفة وحبا، وتركع لمن أسال عليها قطر ندى الحب الدفين، واقع مهترئ، علاقات خارج الزواج، ممارسة الرذيلة في أي مكان ومع من نحب، لا قيمة للقيم ولا عبرة بالنُّذر، فالقرآن ينهانا والرسول ينبّهنا ونحن في غفلة من أمرنا حتى إذا اهتزت الأرض من تحتنا صرخنا في وجوهنا، لم نحن هكذا ولمَ الشيطان خذلنا؟