ان العنف المجتمعي والحروب المستمرة الذي يعيشها العراقيون اوصل الرقم للأرامل والعوانس الى اكثر من مليون امراة يعشن شظف العيش ويعملن في ارذل الاعمال وافحشها واغلب تلك النسوة يعلن اطفالهن الذين مات معيلهم الوحيد وبقيت الأم وهي تعتاش على فتات موائد علية القوم ، لذا نرى ان محنة النساء العراقيات هي محنة ومشكلة قومية يجب ان تتصدر اولويات الحكومة العراقية ووضع الحلول السريعة والناجعة لتلك المشكلة التي لها اثارها السلبية الرهيبة على بناء الوطن فالام كما تصفها الوقائع هي المدرسة والمعلمة والمربية فالأجيال الخارجة من امهات يعملن مثل تلك الاعمال او المتسولات او السارقات تلك الاجيال هي الانعكاس الحقيقي لذلك الواقع المتردي والذي بالتأكيد سيكلف المجتمع والعراق ثمناً باهظاً تدفعه الاجيال من راحتها وتطورها …
لابد ايضا ان تلتفت المنظمات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان الى ما تمر به المرأة العراقية من مآس خلفتها الظروف المأساوية التي مر بها العراق … لعل البعض إصابته الدهشة والاستغراب المؤقت عندما رأى على شاشة التلفاز بعضاً من النساء وهن يعملن في معامل الطابوق ونحن العراقيين نعطي من اصابته تلك الدهشة المؤقتة الحق وما اهوله من منظر تلك النسوة وهن متلفعات بالسواد ويمتهنن تلك المهنة القاسية والتي يجب ان تكون محصورة بالرجال والرجال الأشداء فقط فليس كل رجل يستطيع العمل في تلك المهنة… لكن هل أصابت تلك الدهشة العراقيين من الرجال والنساء والذين شاهدوا تلك اللقطات على شاشة التلفاز ؟؟؟
الجواب كلا وأقول كلا ان العراقيين عندما رأوا تلك المشاهد لم ينفعلوا ولم يعترهم الاستغراب وربما حتى انهم لم يلتفتوا لذلك الخبر وتلك اللقطات والتي ادت الى صنع الانفعالات عند البعض وربما حتى ان بعضهم قد جافاه النوم وفارقه الهدوء وقضى ليلته وقد اصيب بالأرق الليلي واعتقد ان ذالك ادى الى خروجه الى شرفته ليستنشق الهواء النقي وبعد ان غزاه هواء ابراج الدخان الاسود المنبعث من ابراج تلك المعامل …
اكيد ان الذي لم ير النساء في مثل هذا المرأى يصاب بالذهول فالذي قضى عمره يرى النساء وهن في احلى حلة ويلبسن الاحذية العالية والملابس الراقية ويرتدن الحفلات ويرقصن مع الرجال وهن يشبكن ايديهن على خصورهم واكتافهم اكيد يصاب بالذهول من يرى تلك اللقطات الهوليودية وهو الذي لم ير وحياته قد افنتها الايام الى نساء يأكلن بالشوكة والسكين ولايعرفن الجلوس على الارض بطريقة جلوس بعض المخلوقات الحيوانية كما هو حال نساء العراق عندما يجلسن بطريقة (التربيع) وهن يأكلن دون ان يغسلن أيديهن لأن الوقت لديهن من الذهب وفرصة العمل في معامل الطابوق هذه. هناك من تتمناها من النساء وتتمنى بعض من النساء خارج المعامل ان تموت احدى النساء العاملات لتحل محلها فالطابور طويل والأيدي العاملة النسائية الجاهزة رخيصة .. اعتقد ربما ان نقدم نحن العراقيين اعتذارا لشعوب العالم الأخرى ونيابة عن تلك الفضائية التي اخرجت تلك النسوة للعلن بسبب ما أحدثناه من الم وحزن وتهيج للمشاعر المؤلمة لعرض تلك النسوة الفضائيات… العراقيون مرت عليهم تلك الصور مرور لقطات افلام كارتون (توم وجيري) او مرور لقطات افلام كارتون (كاسبر)لأنهم قد ألفوا مثل هذه الصور ليس على شاشة التلفزيون بل على شاشة الواقع اليومي .
ففي العراق هناك مهن لايمكن لك ان تتصورها ولايمكن لك ان تتحدث فيها لأنها لا تليق بالبغال والحمير والبعير ولكن تمارسها النساء من اجل تلك اللقمة الزقوم التي لابد لتلك النسوة جلبها لأفواه مشرعة كانها ابواب المساجد لاتغلق ابدا وبما ان الرزق قد شح والجوع سلطان فلا خيار لتلك النسوة اللواتي تركهن الرجال بسبب الحروب والمجازر الصدامية او بسبب الديمقراطية وقناصيها ومفخخاتها ومقابرها والعراق الجديد الذي اغتال الرجال لتبقى النساء يعملن من شروق الشمس حتى نومها بأعنف الإعمال فالتي تخرج منذ الصباح الى مساطر العمال لتعمل في البناء او تلك التي تعمل في جني الملح من البرك الاسنة او التي تعمل حمالة بضائع في الاسواق المزدحمة او قل تلك النساء اللواتي يقفن في التقاطعات وهن يمددن ايديهن للتسول وهناك من استسهلن مهنة البغاء ففيها المال الوفير وشهوة فراش فارقه الزوج او البعض منهن قد امتهنن مهنة السرقة او من وجدن ان الهجرة الى دول الجوار بعيدا عن الأهل والأقارب لتعمل بمهن لايمكن لها ان تعملها في العراق كفتيات ليل تخبرنا بذلك ولا ابتعد كثيرا اذا ادرجت مهناً غريبة على العالم مثل مهنة التهريب والقتل واستغفال المغفلين الى دروب حبائل النساء ومن ثم التهديد بالشكوى عليهم او دفع ماتجود به السمعة من دنانير حقيرة لتذهب تلك النسوة العراقيات الى بيتهن فرحات مما قد انجز وحصلن على ما يسد رمق اطفالهن… لو كان الامر الى هنا وانتهت المحنة النسوية وعادت الامور الى ما كانت عليه وتوقف رقم الاستهداف للمراة العراقية عند ذلب نقول من الممكن اصلاح مايمكن اصلاحه لكن ان يرتفع الرقم وتكثر المعاناة فأن الكثير من الطموحات ايضا تتوقف ولا يمكن للحلم ان يعاود المجيء.