بعض الأمهات والآباء يجلبون الضرر لأبنائهم دون قصد، فهناك من يبالغ بالحماية الزائدة على الحد، لدرجة منع الطفل من اللعب أو ممارسة حياته الطبيعية، وهناك من يرغب في أن يكون أطفالهم متفوقين وعباقرة، وهناك البعض ممن يريد لطفله أن يكون نسخة عنه، فيحب ما يحب ويتصرف مثل تصرفه ويفكر مثله، رغم صغر سنهم، وهذا جميعه يحرم الطفل من تكون شخصيته ومن النمو الطبيعي، وبالتالي فإن المستقبل قد لا تحمد عقباه في عقل طفل نشأ بهذه الطريقة المربكة المقيدة.
أسوق هذه الكلمات بعد أن تبادلت التواصل مع إحدى السيدات عبر الإيميل، حيث كانت تسأل أولاً عن أفضل طريقة لتربية الطفل، وتنمية ذكائه، أعجبني تساؤلها، لذا سألتها عن عمر طفلها، لتأتي المفاجأة أنه تجاوز الشهر الخامس، دهشت وأيضاً أكبرت لها حرصها، دهشتي منبعها صغر سن طفلها، ولكنني أكبرت لها الحرص على تثقيف نفسها من الآن، في كيفية السير في تربية هذا الطفل لتكون على نهج علمي سليم.
هذه الأم كان واضحاً أنها تريد من طفلها أن يكون عبقرياً وذكياً، وتعلق عليه آمالاً كبيرة جداً، خصوصاً إذا علمنا أنه طفلها الوحيد، وهي ليست صغيرة في السن .. أبلغتها بأن خشيتي بأنه كلما تقدم العمر بهذا الطفل ونما أكثر، أحاطته بالرعاية الشديدة وربط قيد معنوي ونفسي في حلقه، فلا تترك له أي خيار للتجربة ولا للاستفادة والتعلم، ويصبح كل شيء يُملى عليه، فينشأ فقيراً في كيفية التعامل مع الآخرين، لا خبرات ولا الطرق الصحيحة، وهذه الكلمات ليست مخاوف بل إنها ما وقع فيه البعض من الآباء والأمهات خلال تربيتهم لأطفالهم، لذا لهذه الأم: نعم ثقفي نفسك لرعاية طفلك، ولكن لا تحكمي القيد..