قبل ان أبدأ مقالتي هذه أحب أن أؤكد بأنه لا ناقة لي ولا جمل من وراء كتابة هذه المقالة، أو من دعم بنات جنسي، سوى تحقيق النمو والرفعة والتنمية والتقدم للوطن بأسره عبر تقوية الحلقة الأضعف في المنظومة المجتمعية، الا وهي الطفل والمرأة.
فبالرغم من مشاغبات الأطفال البريئة، وإزعاجهم أحيانا «للي خلّفوهم» ولمن كل من حولهم، فما زالوا مجرد أطفال لا حول لهم ولا قوة لهم إلا بالله، والأهل، وما تكفله لهم التشريعات والثقافات.. الخ كلها بإمكانها ان ترفع من شأن الطفولة او تهوي بها إلى الحضيض لا سمح الله.
والشيء نفسه ينطبق على المرأة، فبالرغم مما اشتُهِرَتْ به بعض النساء عبر التاريخ بكيدهن العظيم، إلا أن القاسم المشترك الأعظم المنضوية تحته غالبية النساء عالميا ومحليا وعربيا هو الموروث المجتمعي المعروف بتمييزه ضد المرأة على مر العصور وقد تخفّف من وطأته نوعية الثقافة والتشريعات السائدة.
بالمناسبة، أمضينا الأسبوع المنصرم مشاركات متنقلات بين ندوات متعددة أغلبها يتعلق بالتشريعات وعلاقتها بالمرأة فبين المرأة بقانون الأحزاب، الى المرأة بقانون العمل، الى المرأة وفجوة الأجور وإنصاف معلمي المدارس الخاصة، و«نتائج انسحاب المرأة من سوق العمل» تحت رعاية سمو الاميرة بسمة إلى «مشروع قانون الانتخاب والكوتا النسائية شاركنا بها بمجلس النواب.
وهذه بمجملها مؤشرات تعكس اهتماما كبيرا بالنصف الآخر من المجتمع آملين أن تتحول هذه التوصيات بحق المرأة الى واقع منفّذ، حيّ وممارّس على الصعد كافة بعد أن أعيت المرأة وأجهدتها الثغرات الموجودة بالنسيج المجتمعي ونظيره القانوني فالمؤتمرات كثيرة والتوصيات جاهزة ولكن العبرة بالتنفيذ!
فقد اثبتت تجارب النماذج الناجحة ان إنصاف المرأة تشريعيا وثقافيا فعلا لن ينعكس عليها وعلى أسرتها إيجابا فحسب وإنما على الوطن بأسره.
كيف ؟
فمثلا هنالك دراسة اقتصادية تشير إلى أن: إضافة إمرأة واحدة الى سوق العمل الأردني يعني إضافة 13 ألف دينار لاقتصادنا، وللأسف ان هنالك «واحدة» فقط من كل «8 » نساء قادرات على العمل، تبحث عن عمل بالأردن.
علما بأن امرأة «واحدة» من «اربعة» تبحث عن عمل بدول الجوار، وايضا يوجد إمرأة واحدة «من «إمرأتين «تبحث عن عمل وفق النسبة العالمية.
علاوة على نسبة مشاركة المرأة الأردنية في العمل تشكل ما نسبته 12.6 بالمائة من المعدل العام وهنالك إحصائيات أخرى تحصر نسبة المشارَكة ما بين 14-15 % إلا أن الفجوة الجندرية كبيرة حيث تصل نسبة مشاركة الرجال الى 47% في وقت مازالت فيه نسبة البطالة للإناث في الأردن تشكل ضعف نسبة الذكور.
وهذا يتناقض تماما مع نسبة التعليم المرتفعة للنساء الأردنيات، فشتّان ما بين نسبة التعليم ونسبة العمل.
كما ان المشاركة الاقتصادية للمرأة الاردنية في مقياس التنافسية العالمي جاءت في المرتبة 142 من بين 144 دولة، مما يضع الأردن بين الترتيبات العالمية المتدنية لضياع فرص اقتصادية، تعود لأسباب باتت معروفة لدينا تتراوح بين عدم المساواة الحقيقة بالأجور وبخاصة بالقطاع الخاص وحتى الأجور المتساوية بنظام الخدمة المدنية للقطاع العام يخترقها غياب المساواة بالفرص والعلاوات ناهيك عن عدم توفر وسائل النقل المناسبة، إضافة لطبيعة الظروف العائلية وما يتبع وكلها باتت معروفة هذا من جهة.
ناهيك عن الأصوات المنادية بضرورة عودة المرأة للبيت متخللة صميم مناهجنا المدرسية معللة ان افضل مكان للمرأة هو البيت، حتى تظل الى جانب أسرتهاوتحسن من تربية الأجيال من جهة أخرى.
هكذا يُدّرّس الناشئة اليوم علما بأن المكوث 24 ساعة بالبيت لا يعني أن المرأة تعطي الوقت النوعي لأطفالها وعائلتها فبعض النساء يهدرن الوقت فيما لا يجدي ولا يفيد.
فلو قيّمنا رياضيا قيمة عدم مشاركة المرأة بالعمل والتي تُهدَر نتيجة استبعادها اقتصاديا لوجدنا أن إضافة امرأة واحدة الى سوق العمل الأردني يعني إضافة حوالي 13 ألف دينار لاقتصادنا والتي تتوزع ما بين أجر للمرأة، أرباح للشركات، وضرائب إضافية للخزينة.
فلو كانت المشاركة الاقتصادية للمرأة بنفس قيمة معدلها لدول الجوار تقريبا واحدة من اربعة(أي 23%)، لكان الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 نحو 26.2 مليار دينار أي زيادة بقيمة 9% ولو كانت النسبة تساوي المعدل العالمي واحدة من اثنتين (أي 50 %)، لكان الناتج المحلي الإجمالي 32.5 مليار دينار أو ما يساوي زيادة نسبتها 36 %!
إن تحقيق نمو بقيمة 36 % يحتاج الى 16 سنة قياساً الى معدلات النمو الحالي.
فالتقدم والنمو واردان عندما تشارك المرأة بعملية صنع القرار وعندما تعلو الأصوات المناسبة المنادية بالمساواة لحثها على المشاركة بالعمل بدلا من إقصائها للعودة للبيت.
فهل ندرك فعلا أبعادها العشوائية ؟