لم تكتف الطيار عالية طوال بمهنتها كطيار، بعد دراسة الطيران وتخرجها بامتياز من الأكاديمية الملكية للطيران، وإنما أصبحت مدربة طيران في أكاديمية “أيلا” للطيران مسجلة بذلك أصغر مدربة طيران في الشرق الأوسط؛ إذ كان عمرها في ذلك الوقت 21 سنة فقط.
وبقيت طوال مدربة في “أيلا” ثلاث سنوات ومعظم طلابها كانوا أكبر منها سنا؛ حيث عملت بعد ذلك في الخطوط الجوية وكان نوع الطيارة air line، لخبرتها على طائرة آيرباص 320، كمساعد طيار لمدة “3000” ساعة على المحركات النفاذة الإيرباص، وأصبحت عضوا في “99 لقائدات الطائرات”.
إصرار طوال الدائم على البحث عن التميز والإبداع جعلها تحرص دائما على تطوير مهاراتها وصقلها، فبعد مرور ثلاث سنوات على اشتراكها في منظمة “99 لقائدات الطائرات”، تم تعيينها كرئيسة للقطاع العربي للمنظمة، التي تعد من المحطات المهمة في حياتها.
وتعتبر طوال تقلدها لهذا المنصب من أجمل الأمور التي حدثت في حياتها؛ حيث كونت العديد من الصداقات النسائية من أعمار وجنسيات وثقافات مختلفة، على الرغم من صغر عمرها.
وتقول “استطعت إثبات وجودي في “99” كأول أردنية عربية على الرغم من صغر عمري”؛ حيث كانت تتقلد هذا المنصب الكابتن Yvonne Trueman، التي رشحت طوال لهذا المنصب بعد تأكدها من قدرتها على تقلده والاشتغال فيه على أكمل وجه.
وتضم منظمة “99 لقائدات الطائرات”، بحسب طوال، 5000 قائدة طيارة أنثى ومرخصة، وهي المنظمة العالمية الوحيدة المحتكرة للنساء من الطيارين.
وكانت المنظمة قد أنشئت في العام 1929 وكانت رئيستها إميليا آبرهارت، أول قائدة طيران قطعت المحيط الأطلسي واختفت، حينها تم تأسيس هذه الجمعية التي نادت كل النساء في الولايات المتحدة الأميركية فكانت من ضمنها 99 طيارا من الإناث، هذا العدد الذي تسمت به المنظمة.
وتضم “99” 56 قطاعا على مستوى العالم، من ضمنها القطاع العربي الذي تم تأسيسه في العام 1989 في السعودية وكان يضم آنذاك 12 قائدة طيران عربية، وفق طوال، منوهة إلى أن القطاع العربي يعد من أكبر القطاعات في هذه المنظمة بعد الولايات المتحدة؛ حيث أصبح يضم 94 عضوا.
الإرادة والتصميم وتجاوز التحديات، كما تقول طوال، هي ما تميزت به عضوات المنظمة وقد بدا ذلك من خلال الطيار الألماني من ذوي الإعاقة التي تغلبت على إعاقتها وانضمت إلى صفوف قائدات الطيران.
وتركز المؤتمرات على تعليم البنات في مجالات الطيران المختلفة، طيارات صغيرة بمحرك ومحركين وكذلك بدون محرك والطيران العمودي والبحري، إلى جانب التعرف على ثقافات مختلفة، وماذا تقدم للنساء الطيارين في مراحل حياتهن ومعرفة تراث البلد المستضيف للمؤتمرات وما يتميز فيها.
وتبين طوال أن المنظمة تقدم ومن خلال المؤتمرات التي تعقدها مجموعة من الأعمال الخيرية للدولة المستضيفة، منوهة إلى أن القطاع العربي فيه الثقافات والجنسيات مختلفة، ولكن يجمعنا حب الطيران، وعلاقة الأخوة التي تربط القائدات فيما بينهن، مبدية فخرها بما وصلن إليه بسبب إصرارهن وعزمهن.
ويضم القطاع العربي أول قائدة طيران أردنية، سورية، إيرانية، سودانية، بحرينية، مصرية ومن كل الوطن العربي، الأمر الذي أثرى القطاع وزاد من أهميته.
وتلفت طوال التي كان الطيران مجرد حلم يراودها منذ أن كانت طالبة على مقاعد الدراسة، لاعتقادها بأن الذكور وحدهم هم من يستطيعون شغل مهنة الطيار، إلى أن مشاركة المرأة في مجال الطيران منذ العام 1970 فتحت مجالا كبيرا للأنثى العربية للإبداع في مهنة كانت حكرا على الذكور واستطاعت أن تصل إلى مبتغاها وإثبات أن المرأة العربية مؤهلة وقادرة على العمل في هذه المهنة كالرجل تماما.
وتؤكد أن المرأة الأردنية أبدعت في مجال الطيران وأثبتت وجودها، لافتة إلى أن الفرص أصبحت أكثر أمام المرأة في الأردن وأسهل.
وتضيف “الطائرة لا تعلم من يسوقها وإنما تستجيب لأوامر من يقودها”، مستشهدة بالكابتن الطيار سمو الأميرة بسمة الحمزة التي تعد أول طيار أردني شراعي مرخص وأول قائدة طيران والوحيدة المرخصة aerobatic، فضلا عن كونها عضوا بالقطاع العربي التي أولت اهتماما كبيرا بها ودعمت النساء العربيات في المهنة.
واستطاعت الطيار عالية طوال، وعلى الرغم من رفض أهلها لرغبتها في أن تكون طيارا، أن تكسر القيود والحواجز كافة وأن تطلق لطموحها عنان السماء، وتلحق به لتصل إلى ما كانت تصبو إليه، فإلى جانب رغبتها كان تفوقها في المدرسة وحصولها على المركز الثاني على مستوى المملكة في الثانوية العامة، سببا في دخولها إلى الأكاديمية الملكية للطيران الصغير.
وتردف “عند قبولي في كلية الطيران، رأيت دموع الفرح والفخر في عيني والدي”، لافتة إلى أن دعم جدها لها واقتناع والدها بحلمها بعد أن كان رافضا ذلك، لأنها ابنته الوحيدة، جعل حلمها يكبر شيئا فشيئا.
وكانت طوال الأردنية العربية التي تم تكريمها من ضمن 5000 قائدة طائرات في ميونيخ من قبل رئيسة منظمة “99 للقائدات” مارثا فيليبز في الملتقى الدولي.
وفيما يتعلق باستضافة الأردن لمؤتمر الطيران، تعرب طوال عن فخرها بهذه الاستضافة، مؤكدة أنه من أجمل المؤتمرات التي تم عقدها.
واستطاعت طوال، ومن خلال هذه الاستضافة، أن تعرف المشاركات في المؤتمر بالجانب السياحي، الثقافي والعادات والتقاليد للأردن الذي تميزه عن أي بلد آخر.
وتخص طوال أكاديمية “آيلا” للطيران بالشكر، التي زودتها بطائراتها كافة بمحرك واحد ومحركين، النادي الملكي الشراعي ورم بالون واتصالات زين، بالإضافة إلى جمعية إحياء التراث الأردني، الذين بذلوا جهدهم في التعريف عن الحياة التراثية في الأردن، وهيئة تنشيط السياحة التي كان لها دور كبير في دعم المؤتمر والخطوط الملكية الجوية الأردنية.
ووصفت طوال النجاح الكبير للمؤتمر الذي حظي بالعديد من الداعمين؛ حيث تم جمع مبلغ 4000 دولار، تم توزيعه من قبل المنظمة لدور العجزة واللاجئين والكنائس التي آوت اللاجئين.
وتذهب طوال إلى أن قطاع الطيران يسهم بنسب كبيرة في التنمية المستدامة لأي دولة، كما أن له دورا كبيرا في تنشيط القطاع السياحي، ما ينعكس إيجاباً على اقتصاديات أي دولة، الأمر الذي يجعلها تركز في الفترة المقبلة على تعزيز مفهوم دراسة مجال الطيران لدى الإناث كون نسبتهن في القطاع خلال الفترة الحالية محدودة قياساً بالدول الأجنبية، علماً أن الفتاة العربية تمتلك من القدرات الكثير والتي تؤهلها للنجاح في أي مجال تكون من خلاله ولو كان قطاع الطيران.
وتتوجه طوال إلى كل فتاة عربية وأردنية تجد في نفسها الرغبة في أن تصبح “طيارا” وقادرة على تحقيق حلمها أن تتواصل معها، مؤكدة أنها ستكون داعمة ومساندة حقيقية لهن حتى يتخرجن ويصبحن قائدات، لا سيما وأنها تعمل على إعطاء أي فتاة ترغب بدراسة الطيران التسهيلات الممكنة كافة، كما أنها تلعب دور المرشد الأكاديمي لها أثناء الدراسة.