لم اتوقع قط في صباي انه سالتحق بمؤسسة الجيش يوما, و ساحمل اسلحة رشاشة واخرى تقيلة متطورة من صنع دول عظيمة كالولايات المتحدة وروسيا وفرنسا ... لاحارب بها اعداء الوطن. كما لم اكن اتخيل ان ذلك الفتى البسيط الذي نتله الواقع ليعيش اسلوب الاقصاء في محيط مهمش, ان يصنع يوما رفقة اصدقائه البسطاء تاريخا لن يتكرر يوما. التاريخ الذي تستغله نخب اليوم لتقوي به وجودها وقوتها امام الراي العام الدولي, إنه تحرير الصحراء واسترجاعها من ايادي اقليمية قوية كان يضرب لها الف حساب. من صنع فرنسي بسانتيتيان,MAS 36 اتذكر اليوم الاول الذي لمست فيه يدي سلاح ال سنة 1936, سلاح قديم يعمل بالقوة العضلية للمقاتل ولا يحمل في احشائه سوى خمس رصاصات ترمى واحدة تلوى الاخرى. اتذكر حين تعلمنا كيفية استعمال مختلف الاسلحة الرشاشة من قبيل \" الفال \" و\" الكلاشنكوف \" والبيستولي متريوز ب.م 5 \" وكلها فردية خفيفة ترمي بالرشق اتوماتيكيا وتصل سعة خراتيشها الى 30 رصاصة بسرعة تبلغ 816 متر في الثانية. لاانسى كذلك تلك الرصاصة الحية الاولى التي صوبتها بسلاحي البلجيكي \" الفال \" صوب الرقم عشرة المرسوم في السبلة الكرتونية. كان الامر مخيفا حين سمعت من المأمور قوله \" الى خط الرمي تقدموا \" وقوله \" صوبوا ونيشوا واطلقوا النار \". صوت الرصاص تلقائيا هو مزعج, ويكون اقوى خوفا حين كان الضباط يدخلوننا الى خنادق تحت الارض ويأمرون زملائنا ليطلقوا النار فوق رؤوسنا. لااحد يتمنى ان يصير في مثل هذا الموقف رغم ان الامر لايعدو كونه تدريب الا ان غايته كان لهدف يحمل من الخطورة ما لا تتحمله طاقة احد. من الروعة ان يكون لي شرف تبوأ صدارة نتائج احسن الرماة من مجموع حوالي 800 متدرب عسكري, وانا فتى ذي الثامنة عشرة ربيعا من اصل امازيغي تطغى عليه الحشمة والوقار والمتحلي بالصبر والذكاء. كيف لي الا اكون كذلك وفي دمي جينات لرجال ابطال قهروا المستعمر الفرنسي في كل شعاب واودية جبال الاطلس المتوسط ابان الحماية وبعدها. اخترت مع الستة الاخرين ليوم اجتمع فيه خيرة الرماة وبحضور ضباط كبار ذوي اوزان ثقيلة, قوة وشهرة . كنا سبعة عسكريين مبتدئين والهدف ان نرمي بسلاح \" ار.بي.جي 7 \" المحمل على الكتف متخصص ضد الدبابات. سلاح جماعي خفيف, من عيار 40 ملم, جنسية روسية, يحمل صاروخ مدمر. في اليوم المعلوم, تمنيت لو لم اكن ضمن المتبارين لطبيعة الجو المخيف المصاحب للمشهد, اخترت عن طريق الصدفة ان اتمركز في الصف الخامس من اصل سبعة رماة بال \" ار.بي.,جي \" . مع اعطاء امر اطلاق النار شعرت بالواد الذي كنا نمارس فيه التدريب وكأن زلزال مدمر يبتلعه من شدة انواع القصف. انواع مختلفة لموسيقى تصنعه افواه اسلحة رشاشة واسلحة الهون من مختلف اعيرته. كل انظار ذلك اليوم توجهت صوبنا بسبب الفرجة التي تصنعه ال \" ار. بي. جي \" والتي تضاهي فرجة سباق 1500 متر عدوا في اكبر ملتقيات العاب القوى, نظرا لقيمة الصاروخ الذي يحمله السلاح وبحكم ان التصويب يعتمد على مدى فهم وذكاء الرامي, ولان ضياع الصاروخ له تكلفة يتحمل الرامي نتائجها. اختار المشرفون عنا اسم محمد كاول جندي يبدأ الرمي لما يحمله هذا الاسم من دلالة في نفوس المسلمين الذين يرجون ان ييسر الله عملهم, وذلك خوفا من عقاب الكولونيل ماجور ع. الكريم الذي يتموقع على خطوات منا منتظرا النتائج المرجوة واخد فكرة عن سقف مستوى تداريبنا. للاسف سقط السلاح من يد الرامي, بسبب خوفه من شدة الانفجار الذي احدتته الطلقة. اخطا تصويبه وضاع الصاروخ وكانت نتيجته كما المعتاد ان انبطح محمد ارضا ليتلقى 10 جلدات بحزام من جلد سميك على سوأته. وكذلك الامر لمن تبعوه من الثاني والثالث والرابع. حين جاء دوري, اخدت ال \" ار.بي.جي \" فوق كتفي وانحنيت فوق جدار التصويب, احسست ببطني كله يدق من شدة الخوف وكأن مرض \" بومزوي \" قد احتل جسدي فجأة. لم تتركني هذه الدقات ان اتبع قواعد التصويب الناجح. كان من ذكائي ان استفيد من اخطاء زملائي ولو اني كنت على استعداد لتناول نصيبي من الجلدة. مااستفدته من اخطاء من سبقني جعلني اطرح لنفسي سؤالا وجيها, لماذا صواريخهم تميل صوب اليسار؟ بعد قرائتي لهوامش الاخطاء, حاولت قدر الامكان تصحيح هذا الهامش درجات الى جهة المغايرة, رغم خطورة هذه المغامرة التي جاءت في اول تجربة لي وفي هذا الوقت بالذات. الهدف كان كومة من احجار واثربة على شاكلة دبابة متوقفة على بعد 300 متر. بعد تلاوة المعوذتين وتصويب وتنييش اطلقت الصاروخ الذي اصم اذني وزلزل موضعي وكاني رميت برميل متفجرات او اطلقته من طائرة ف 16. خلال اقل من ثانية رايت الغبار يتطاير من وسط الهدف والجميع من حولي يصفق ويصفر والكونيل ماجور يطلبني استفسار الخطوات التي اتبعتها. لم يكافئني احد على هذا الانجازالعظيم , لكن نلت منه الشهرة, ومزيدا من الاحترام والتقدير...