كنت أظن اني ترسخت في العشق، أعترف ان الخوض في تفاصيلك ليست بالمعارك السهلة التي خضتها لإحتلال انفاسك ،واستعمار عينيك ...يرغمنا القدر أحيانا ان ننتظرعلى رصيف الحياة، مع علمنا أنه لا شيء يأتي، تعم الفوضى والخوف أرجاء الأمكنة، ويرتقي شهداء الحب إلى عالم التيه ،ولا يبقى في الفضاء إلا أسرى الخوف متهالكين بلا قيود او قضبان فاقدين لمدارك العشق نتيجة خوف خوض التجربة وارهاصاتها...في عراء الكلمات نحيا .. يتملكنا العجز احسانا على حمل السلاح الجرأة وعلى على تنفس همسات الحبيب ، وتبقى عيوننا مصوبة على سراب الحياء، ربما نرى في الخجل منقذا من لحظة هاربة من المجهول ...ترتد الحروف وتشرد وتسافربلا معنى في غضبة الريح ، طفولتنا الورقية عاشقة لبسمات الأمس المرسومة في أزقة الظلام...تحاور نفسها، وتواصل الركض نحو حواجز الصمت ، ذات ماض كتبنا أسماءنا على ورقات الورود ولكننا أضعنا الرائحة واللون، وفقدنا أجندة الذكريات، فليس لدينا احصاء عن صولات هزائمنا ..على ذات الورق وقبل أن ياتي الخريف الدائم سأكتب لأمثال مريم الحاملات في قلوبهن وميض رغبة جنون ، ابقين على قيد العشق خارج الزمان والمكان حتى وإن لم يكن لكن ملامحا..
أما نحن فقد عُدنا قبل منتصف الطريق، تعطلت عقارب الساعة ، الاّ أن بياض الزمن اكتسح المسافات، اعتزلت أبجدية السباحة بين الكهوف للبحث عن حلم مبتور، ذبلت جذور الكلمات في الصحراء بعد أن ارتشفت الجفاء، سألني العابرون عن عنوان المقاعد فقد عتمت السماء بعد الشروق، اجبت اسرعوا من طريق الشاطئ فالزمان يأتي مزمجرا ويغمض عينيه قبل الوصول... ربما لو التقينا كلنا هناك سنتمسك جميعنا بخيط رفيع ... نهرب من ضجيج الشوارع دون ان ننفلت ... نصنع الحب ونعجنه بالتحدي ... نحافظ على شبهة الجنون ونتعرى من جلد السماء ... نمزقه بسكاكين العدم ولا نجلد انفسنا بسياط إثم الإنتظار ... ونطلق سراحنا من الوهم...كل ذلك قبل منتصف الصمت النهائي ..قبل ان تدفع الشياطين المراكب المحملة بأثقل الأماني إلى أعماق اللعنة ، فالشياطين المصفودة تتحرر بعد ذلك .
ها اني اليوم مثلهم في مساءات الإنتظار أتذكر،... كيف التقينا..؟ لا اعرف...ولا كيف افترقنا..؟ باب حيرة اخرى استوطنتني ، ما لا انساه أنه كان زمنا قصيرا، لونته بألوان الطيف،ربما انا من قتلتك بلهفة مجنونة ، أسرعت الخطى لأصل اليك فتهت ، كنت حلما معطبا ، طيف من ورق جاف حمله الريح بسرعة فآختفى ، لكن صوتك بقي يسكنني وانتشي به كلما نزل المطر وبللني...صرخت لأناديك لم تسمعني أو ربما سمعتني وتعمدت أن لا تلتفت ومضيت.. بقيت أنا رهينة الحلم الألماسي . حين وضعت قدمي بوطن الحلم ، بعد تعب رحلة اربكتني رعشة الوصول ، فقدت توازني مع وقوع حقائب الكبرياء ليكسر صوتي ايقاع العبور ...للحظة تطلعت لكل الوجوه بلهفة من اشتاق لحلم اخر، أو موعد أنتظره زمنا واحتضنته للحظات وعاش ساعات بخلاصة عمر بلا تأشيرة ، بين لهفة الترقب ولوعة انتظار ..لم أكن من ضمن الصور او القصائد ..كنت فقط مسافة وهم عبرتني لتصير جزءا من كأس الحلم ..فملأته بفراغ اللحظة وتوازيها مع ساعات الغياب ناديتك بلهفة منتظر... يا أنت .. لكن صدى صوتي بقي يردد نفسه ....لم أكن أتوقع ان رحلتي معك قصيرة والصفحات المكتوبة بعد الرحلة الأخيرة تخلو من وجودك بين من يعبرون ...فقط بقي لي جنون طيف يعبر ما بين رسائلي وبين صور تؤثت بحر الذاكرة بموعد شبيه بما رسمته في زمن المسافة الفاصلة بين الحلم والغفوة.لا أريد أن أستفيق حتى لا أخدشه ، صافحت الحلم وقبلته بين عينيه لأسترضيه، وقفت ذات الشاطئ كان يحمل الألوان ، وأنا انتظر الطيف فأتى رماديا وسحب من يدي الفرشاة ، بكيت وعانقت الغروب عله يسحبني معه للشفق ، تناثرت دمعتان أنبتت شجرة ظل ، قال الحلم للطيف لنغادر الآن حتى لا نزعج الموج الهادئ ،سنلتقي يوما في ضوء قنديل صبح لنبقى أحياء.....هذه معركة العشق التي خضتها معك ، كنت محاربة ضعيفة... لا أمتلك من الجند والعتاد ما يكفيني لأقتحم كل حصون التردد ، وأقطع كل رؤس الخوف ... وأخمد نيران ثورات الخجل ....