يتهم الرجل الشرقي زوجته دوماً بأنها منبع النكد، والمادة الخام للعكننة، يشكو من "بوزها" الذي يمتد أمامها "شبرين"، ويلعن اليوم الذي ارتبط فيه بها، ودخل بإرادته في علاقة أبديه معها. يحلم باليوم الذي يرتبط فيه بغيرها؛ والتي يراها دوماً أجمل وأرق وأشيك .. دون أن يتذكر للحظة أن زوجته ذات يوم وقبل أن يدخل هو حياتها كانت الأجمل والأرق والأشيك ..
لا يعترف الزوج المصري بأنه آثم ومذنب أبداً، فهو دوماً يضع أحكاماً مسبقة يطبقها على تلك المسكينة دون النظر لاختلافها وتميزها الذي لايراه بعد الزواج أبداً. لأنه لا يقتنع إلا بما يردده هو وأمثاله من عبارات يتوارثها الرجال في بلادي جيل بعيد جيل.
عبارات حولت أي امرأة خارج نطاق الزواج لمزة حتى لو كانت بشنب، وكل زوجة "شلتة" حتى لو كانت قمر 14. أي علاقة لم تمر بالمأذون علاقة مثيرة حتى لو انتهت بقضية اثبات نسب. وكل زواج سجن حتى لو تفانت امرأته في خدمته ومنحته كامل حريته. فالرجل لا يحب الالتزام، يكره المسئولية، ويلعن الاستقرار رغم أنه يسعى إليه ويدفع كل ما يملك من أجله .. إنها ببساطة ازدواجية الرجل الشرقي التي تجعله يطبق المثل الشعبي القائل "عيني فيه .. وأخييه عليه" فهو بشرح دارج يتناسب مع عامية المثل .. "يبقى هايموت على الحاجة لكنه يطلع فيها القطط الفطسانة".
مشكلة الزوج المصري لا تكمن في إزدواجية معاييره فحسب، لكنها ايضا تكمن في الاختلاف الواضح بين مفهوم البيت لديه ومفهوم البيت لدي زوجته. وهو الاختلاف الذي لخصته لي مقولة أحد الأصدقاء ذات يوم عندما تبادلنا الأراء حول تلك النقطة فقال لي بمنتهى البساطة وكامل الاقتناع:
" الرجل أحلامه بسيطة جداً لا يطلب من زوجته المستحيل .. فسعادته تكمن في بيت نظيف، ولقمة شهية وست حلوة .. وبس."
وكأن الرجل لا يبحث في زوجته إلا عن خادمة وطاهية وعاهرة.
فالرجل يتزوج ليحقق رغباته من أكل وشرب وجنس وراحة .. لكن المرأة تتزوج لتبني بيتاً وتبحث عن ونس وتؤسس حياة ..
الرجل لا يطلب من زوجته سوى مايشبع به غرائزه.. بينما هي لا تطلب منه إلا أن يعاملها كانسان كامل وليس جسد فقط ..الرجل لا يعيش بدون جنس .. والمرأة لا تعيش بدون حنان.. وهنا مربط الفرس.. ولأن لجام هذا الفرس في يد الزوج او هكذا يجب يكون، فهو من يقود العلاقة.. يجب عليه أن يتفهم طبيعة المرأة، ويبحث عن مفاتيحها، ويدرك تماما أنها انسان كامل لها ما له وعليه ما عليه.