أجزم بأنه لا يوجد مجتمع إنساني إلا وتعرض بطريقة أو أخرى لظاهرة التطرف، وما لحقها من تبعات مؤذية، وفي العموم هي حالة موجودة ومرافقة مع الأسف للبشرية منذ فجر تاريخها وحتى يومنا، والمتطرفون في العادة يلجؤون لاستدعاء المقدس وكل ما يمس مجتمعاتهم ومحاولة أن يكون هو المبرر لتصرفاتهم الرعناء غير المتسامحة والمحملة بالكراهية. كما هو معروف فإن مجتمعاتنا الإسلامية لم تكن في معزل عن مثل هذه الحالة، بل عايشنا وسمعنا جميعنا الخطاب الإسلامي المتطرف الإرهابي، والذي يستحضر آيات قرآنية لتبرير القتل وسفك الدماء وتفسيرها وفق الهوى، رغم أن ديننا أبعد ما يكون عن مثل هذا الجنوح والإرهاب.
أستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إيّاكم والغلو في الدين، فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين» حيث يوضح هذا الحديث الشريف الصحيح التحذير من الغلو والتطرف، لأنه يقود للفساد وسفك الدماء في نهاية المطاف، وهناك أحاديث كثيرة في هذا المضمار.
لمعالجة قضية مهمة مثل قضية التطرف يجب علينا النظر لجوانب عديدة مثل بعدها التاريخي وسبب ظهورها، والتنبه أنه قد يظهر لك أن مجتمعاً ما لا يعاني التطرف، لكن في الحقيقة هو يشبه النار تحت الرماد، قد يظهر لك بأنها منطفئة وهي في الحقيقة متوارية لا أكثر، فالمتطرفون عادة يتمتعون بالمكر والخداع، إلا أنه من المعروف أن وسائل مثل التعليم والتوعية ونشر المعارف بين الناس سياج يحمي ويحد من انتشار الأفكار المتطرفة.
يجب أن نعلم بأن التطرف يتغذى ويجد القوة من العقول السطحية، العقول التي تعتقد بأنها تعرف وهي جاهلة، التي تحسب أنها على قدر من التعليم وهي سطحية، حيث يأتي أرباب التطرف ويؤثرون عليهم ويجندونهم لتقديم أرواحهم وإزهاقها، بل القيام بعمليات إرهابية ضد الأبرياء وسفك دمائهم.