الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

أين ذهب الرجال الحقيقيون؟

  • 1/2
  • 2/2

سيلفيا النقادى - مصر - " وكالة أخبار المرأة "

أيها الرجال - من البداية - لست من المناهضين ضدكم.. فى أى شكل أو صورة.. أؤمن - نعم - بالمساواة، لكن هذا لا يعنى أنى عدوة لكم أو أنتمى لأى حركة من الحركات النسائية المناهضة ضد الرجال.. أنا - هنا - أعرض قضية - قضيتكم - أعتقد أنكم تلمسونها جميعاً.. المشكلة ليست فى مصر وحدها، إنما هى حديث وسؤال العالم كله «أين ذهب الرجال الحقيقيون؟».. أين ذهب هذا الرجل الساحر بحكمته وتوازنه بشجاعته.. بطموحه.. بشهامته... بمروءته.. بجاذبيته.. بقوته ومسؤولياته.. أين ذهب هذا الرجل الذى يخرج منديلاً من جيبه ليجفف دموع امرأة؟.. وأين صدره وكتفه الحنون الذى يرقد عليه من يتعطش للطمأنة والأمان؟.. أين هذا الجهد الطموح من أجل العيش والبقاء؟.. وأين هذه الذكورة التائهة بين الحبوب الزرقاء المنشطة؟.. أين هذا الصوت الخشن.. وأين هذه الأجيال من زمن الرجال؟
الرجولة فى أزمة.. والنساء فى حسرة، وهوية الرجل ضائعة مع تطور القرن الحادى والعشرين.. مع تشجيع المرأة وتمكينها.. مع تغير المفاهيم التى نشأ وكبر عليها، مع المتطلبات والتغيرات الجديدة التى طرأت وتستدعى التكيف مع الرموز الرجولية الحديثة السائدة.. ربما حان الوقت أن يجتمع الرجال لتأمل النفس والوقوف مع الذات لمواجهة هذه التغيرات بدلاً من الإبقاء على هذا الوضع الذى يصعب دعمه الآن!..
ربما أنتم فى حاجة إلى تبنى حركة ذكورية مشابهة للحركة النسائية التى طالما وقفت فيها النساء يطالبن بحقوقهن وتفهم المجتمع لاحتياجاتهن.. ربما رفع شعار «أنقذوا هوية الرجولة» يكون مناسباً لجذب المؤيدين والمدافعين عن هذه الهوية التى فقدت الكثير من معانيها وجوهرها، جاءت كلها نتيجة لتغيرات اجتماعية وسيكولوجية سياسية واقتصادية طرأت مع تطور الزمن ولكنها - ومع ذلك - لم تساعد الكثير من الرجال على التكيف معها أو المثول لمعانيها الجديدة، مسببة فقدان هوية نشأ عليها الرجل ولم يعرف سواها!.
إننا بالفعل أمام قضية حقيقية.. قضية يرفض أن يستوعبها أو يناقشها كثير من الرجال.. وصحيح أنه وبالرغم من أن عدد الرجال أصبح يفوق عدد النساء فى العالم بـ٦٠ مليون نسمة حسب إحصائية البنك الدولى لعام ٢٠١٤ وصحيح أن هذا الرقم قد يراه البعض مهدداً لفرص المرأة فى العمل! إلا أن هذا - على الصعيد الآخر - لا يتسق مع المشاكل النفسية التى أصبح يعانى منها الرجل وتؤدى إلى ارتفاع أعداد المساجين منهم عن أعداد النساء وزيادة أعداد المنتحرين منهم أيضاً بالمقارنة للنساء.. لذا فنحن ليس فقط أمام قضية اجتماعية حيوية بل أمام سلالة تندثر، يقتلها يوماً بعد يوم تمكن الحركات النسائية.. دلال الأمهات.. الجلد المعنوى للذكورة.. الاعتراف والتأييد للشواذ وأخيراً افتقار الطلب على أهمية معنى البطل فى المجتمع..
الحركات النسائية التى يطلق عليها الآن «neo - nazi» من شدة عنفها وقسوتها لنيل حقوقها استطاعت أن تسلب من الرجل أدواته التى كان يستخدمها لحرمان المرأة من حقها، معتقداً أن عدم مبالاته لمشاعرها تصنع منه رجلاً.. صورة الرجولة انهارت بعدما أصبح الأطفال يمارسون «لعب الكبار» يشربون الخمر ويدخنون السجائر ويمارسون الجنس وهم أطفال، فما كان على الرجال إلا أن يتجهوا إلى ما هو أشد - المخدرات - التى طرحتهم أرضاً... الذكورة ضاعت من دلال الأمهات للفتيان وتغذيتهم بأنهم آلهة على الأرض «مفيش أجمل ولا أحلى منهم» وأن جزءا من رجولتهم ينبع من مدى قسوتهم أو جفائهم مع نسائهم، وإلا أصبحوا مثل «الهرة».. صورة الرجل اهتزت بعد هذه الحروب ووحشية القتال التى لا تظهر شجاعة الرجل أو إيمانه بما يدافع عنه بل تظهر آلات تكنولوجية عسكرية لا يناله منها أى عرفان أو مصداقية، إلا عندما يصبح شهيداً.. شكل الرجل: بقى وحش «عندما رفع شعارات يطالب فيها بحقوقه للزواج من رجل آخر!!».
نعم الرجولة فى محنة.. وأعتقد أن هذه التغيرات الجوهرية والأساسية المرتبطة بمبادئها ما هى إلا الوجه الآخر لمعنى المساواة الذى كانت تبحث عنه المرأة.. ولا بديل إلا أن تظهر «حركات ذكورية» مماثلة للحركات النسائية تتبنى وتساهم فى إعادة هذا التوازن المفقود وتفتح الطريق إلى هوية ذكورية جديدة تواكب هذه المرحلة من التطور الاجتماعى المحتوم.. فما عليكم إلا المحاولة.. وإلا ما هى البدائل؟!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى