قال الفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي إن «أول اضطهاد عرفه التاريخ هو اضطهاد النساء، هذا مما يجعل نسف الأسس التي يقوم عليها ذلك الاضطهاد خطوة ضرورية لنسف كل اضطهاد آخر».وقد يجادل المؤرخون جارودي في مدى صحة هذه الفرضية، ولكن مما لاشك فيه أن المرأة عانت أشكالا شتى من الظلم عبر التاريخ من قِبَل الرجل ومن قِبَل المجتمع ككل. ولا أدل على ذلك من تضمين الرسول صلى الله عليه وسلم في الخطبة التي ختم بها رسالته العظيمة أمرا مؤكدا على حسن معاملة النساء وزجرا رادعا عن استضعافهن أو اذلالهن.
من المعروف أن حركة تحرير المرأة أو حركة الأنثوية Feminism نشأت تنظيميا وفكريا في اوروبا، وارتبطت نشأتها بظرفين تاريخيين رئيسيين: الثورة الصناعية وما انتجت من نظام رأسمالي، والحروب الأوروبية. فبعد أن تحررت اوروبا من السيطرة الكنسية الخانقة، تبنت مبادئ الحرية الفردية والاستهلاك والتنافس المادي كأسس للمجتمع الجديد . وساهمت الحروب الاوروبية والتي ذهب ضحيتها ملايين الرجال في ابراز دور المرأة الاقتصادي والاستقلالي. فخرجت المرأة الى ميدان الانتاج لتلبي حاجات السوق الرأسمالية المتنامية ولتسد مكان الذكور الغائبين عن اسرهم. واستغلت المؤسسات الرأسمالية المرأة مرتين : مرة كعمالة بثمن بخس، وأخرى كمستهلكة لمنتجات الزينة، وتفننت الآلة الاعلامية الغربية الرأسمالية في ابراز مفاتن جسد المرأة وجمالها المادي بمعايير ومقاييس تتبدل بحسب احتياجات السوق، وكرست فكرة أن المرأة جسد. فانطلقت المرأة تناضل من أجل المساواة والحرية.
أما في مجتمعاتنا، فمما لاشك فيه أن المرأة، كالرجل وان كان نصيبها اكبر، قد رزحت في عصر الانحطاط تحت وطأة مظالم كثيرة، اذ كثيرا ما حُرِمَت من معظم حقوقها التي ضمنها الاسلام، مثل نور العلم والمعارف، وحرية اختيار الزوج، وحق الارث، وحق المشاركة المؤثرة في الحياة العامة ان ارادت، وقبل ذلك وبعده حق اعتبارها والتعامل معها كإنسان مستقل ذي كرامة آدمية مساوية تماما لأخيها الرجل وعليها مسؤولية فردية أمام خالقها. ولقد كان الاستبداد السياسي والتخلف الثقافي عبر تاريخ مجتمعاتنا العربية هما المصدران الرئيسيان ليس فقط لتخلف وانتكاس ادوار المرأة بل والرجل والمجتمع ككل، وان كان دائما نصيب المرأة مضاعفا باعتبار انها معرضة لاستضعاف ذوي القربى من الرجال الى جانب الطغيان العام للمجتمع والدولة.
ودليل على ذلك إن المرأة عندنا عندما شاركت في المظاهرات, تطالب بحقوق الشعب لأنها هي جزء من المجتمع, فالمرأة نصف المجتمع وهي التي أنجبت النصف الثاني, فقد عوملت اسوأ معاملة من قبل رجال الأمن, وهذا التصرف غير مقبول وغير حضاري فنحن بلد متحضر وديمقراطي ونحترم المرأة, الدين الأسلامي لا يقبل معاملتها بهذه الطريقة.
واذا ماراجعنا أدوار المرأة الحيوية والفاعلة في عصور ازدهار الاسلام، واذا ما اجرينا جولة سريعة في كتابات المجددين من مفكري ومفكرات الاسلام، نجد دعوة صريحة الى ضرورة إحياء مفاهيم ومبادئ الاسلام فيما يتعلق ليس فقط بحقوق المرأة الفردية ولكن ايضا بواجباتها النهضوية. من هذه الواجبات المشاركة السياسية والتي تعتبر، برأيي، في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ امتنا الحاسم واجباً، اكثر منها حق، ومسؤولية على كل فرد قادر رجل او امرأة ان يشارك في حملها لانقاذ مجتعاتنا المضطربة مما هي فيه.
وهذا يظهر لنا مدى شجاعة المرأة اللبنانية وليس كلما فكرنا في المرأة اللبنانية سبق الجمال كل الصفات فيها ولا تقبل إلا بأحدث موديلات السيارات، وآخر صرعات العطور والملابس, وإذا كانت صفة الجمال ثابتة لدى نسبة كبيرة من اللبنانيات، فإن التطرف في التجميل، أو تظهير الجمال، يأخذ بعقل العديد من النساء اللواتي ذهبت عقولهن مع نماذج نساء الشاشات والفيديو كليبات، اللواتي صرعن شباب العرب، الذين عندما يذكرون اللبنانيات تتسارع صور نساء الشاشة إلى مخيلاتهم, هذا ما كتب عن المرأة اللبنانية للأسف, لماذا دائماً تأخذون هكذا صورة عن المرأة اللبنانية؟؟ ولنفترض أن المرأة اللبنانية كذلك (صحتين على قلب الشاطر), فهي تتمتع بالجمال والذكاء والدهاء, ولا اي إمرأة عربية تضاهيها, وإذا كانت المرأة اللبنانية شوكة في حلق البعض, فالرجال يأتون برضاهم ويلبون طلباتهن بمنتهى السعادة.