قد تحطم العولمة الثقافية، القيم والهويات التقليدية للثقافات الوطنية، وتنصرف إلى ترويج لقيم فردية واستهلاكية " غربية "، وكأنها المفاهيم الوحيدة المقبولة لتعاون الدول في ظلها " العولمة "، حتى تبدو كأنها افتعال لصراع حضاري " جديد " وتحديدا مع الدول العربية، يمكن بموجبه فرض قيم ثقافية غربية، وهنا يحدث تغير يطرأ على جانب من جوانب الثقافة المادية وغير المادية، في الاحتكاك والغزو الثقافي وتيار العولمة، الذي يحدث اتصالا وتبادلا بين الدول، ناهيك عن بعض العوامل الخارجة عن إرادة المجتمع، كالعوامل السياسية أو الثقافية أو التكنولوجية، والتي قد تحدث صدمة ثقافية، بعد تغير ثقافي، مما يؤدي إلى حدوث فجوة بين القيم السائدة في المجتمع الجديد، والتي اكتسبت حيثما وحينما انتقلت تلك القيم من الموطن الأصلي، وبالتالي يحدث تغير في السمات الثقافية والاجتماعية، مع ذاك لا بد من تمسك ببعض و لا تنازل عن كثير منها، والتغير الثقافي والاجتماعي وفقط، يكون من داخل المجتمع، باستعارة الثقافة من مجتمعات قوية الثقافة، وبإضافة أو تحسين عنصر ثقافي، عن طريق الاختراع والاكتشاف لتلبية الحاجات، وذاك عن طريق الاحتكاك بثقافة أخرى قوية، وحينما لا تناسب عناصر الثقافة متطلبات البيئة والمجتمع، يكون التخلي عنها والبحث عن بديل هو النتاج، وعندما يتخلى أو يتناسى عن موروث العناصر الثقافية " بالإهمال "، يكون التغير الثقافي محدثا لتغير جذري في نظم المجتمعات وبنائها، مع دخول عناصر ثقافية جديدة عن طريق الأفراد، باكتسابهم لهذه الثقافات، والتي تأخذ بمرور الزمن الديمومة والاستمرارية، لتصبح تقليدا سائدا في المجتمع، وينولد منها نوع من الازدواجية الثقافية التي قد تنتهي لغير صالح الثقافة المحلية، ا وان تصبح الثقافة هذه، جزءا من نسيج ثقافة المجتمع الذاتية، وذاك حين الانخراط في تقنيات العصر الحديث من خلال استيعاب ثقافة التكنولوجيا الحديثة الوافدة، واستقدام أساليبها دون أية خلفية ثقافية، وكأن الأمر مجرد رغبة في الحصول على ثقافة ذاتية نمطية قد لا نفع لها .
عموما، ليس الثقافة العصرية غاية في ذاتها، أنما هي علم الوسائل أو"علوم الوسائل من اجل علوم الغايات" وحين تكون الثقافة العصرية واردة من حضارة غازية، قد تطمس معالم ومذاهب مؤلفات، وتكدس معلومات في غنى عنها، أو ليست بحاجة اليها، يضيع منها الجهد ويرسخ الاغتراب الحضاري في شعور المجتمعات، وبالتالي تكون، ثقافة بيئية مغايرة لواقع " معاصر " خاصة إن لم تستغل لتجديد القيم، أو لم تستعمل كعلم وسائل فقط، يؤخذ منها ايجابيها وترد إلى بيئتها المحلية لتكتشف منها أوجه القصور في تحليل واقع محلي بشعور محايد، وشعور الانتماء والاكتفاء بين الحضارات . الثقافة التقليدية، بطيئة التوازن في المطلب الاجتماعي والثقافة الاجتماعية، عليه نادرا ما يحدث خللا نتيجة اختراق خارجي يغرب عن البيئة، لكن ظهور المعرفة العلمية والتكنولوجية الحديثة، يؤدي إلى إحداث خلل حاد في متطلبات تلبية الحاجات المجتمعية المستحدثة، حينما لا يكون مهيأ لمواجهة هذا التغير في متطلباته وثقافته .
إن ثقافة عصر المعلومات، لا تعترف بالحواجز،! فهي ثورة اتصالات واتفاقيات دولية في السياسة والاقتصاد يحول العالم إلى قرية ثقافية واحدة، الثقافات التقليدية لا تستطيع الصمود أمام هذه الثقافات المسلحة بوسائل وفعاليات قادرة على الاختراق، ناهيك عن إن الثقافة الذاتية، مهما حاول حمايتها، غير واضحة أو ملموسة كما في الثقافة المعاصرة، لأنها محدودة وقائمة على بيئة لفظية . أن ممارسة الثقافة الحديثة وعصرنة الثقافة، بالإمكان معها، التماشي مع مبدأ الأخذ بأفضل الحلول، دون التخلي عن الموروث والتقليدي من الثقافة، وممارسة الثقافة بتقنيات بتطبيق مبدأ الأصالة والمعاصرة والتوفيق بين التقاليد والتكنولوجيا، عيه، وكمبدأ يطبق، فان الثقافة المعاصرة والهوية، سوف تتغير ولن تكون كما هي كانت عليه، حيث لابد من مواكبة التغيرات والتعايش معها بما يغير الكثير من المفاهيم والسلوكيات، وان عبرت الثقافة العصرية بطبيعتها عن روح المجتمع الحديث، فالثقافة الشعبية " أيضا " مصدر الهام للثقافات الجديدة الوافدة، نتيجة النقلة الاقتصادية والتحولات المجتمعية ووجود غير المواطنين بسلوكيات تؤثر في الثقافة المحلية .
قد يروج لفكرة اعتبار الثقافة الغربية رديفة للثقافات المحلية، وحين ذاك يكون بعض اللزام، أن يتأقلم ويتعامل معها،! وقد بعض التخلي عن خصوصياتها الثقافية " المحلية "، وهذا هو التأثير الغربي في نقل الفكر المزاحم لثقافة، الخالق لنوع من الازدواجية بين الموروث والوافد، مع صراع بين ثقافتين، قد معه ينفصل عن التراث القديم، حتى يبدو منعزل بالتالي، عليه، لو أعتمد كإستراتيجية التعاون الإقليمي بين الدول مع تنمية الموارد البشرية، والفكاك من قبضة نظم عولمة مالية ثقافية " رأسمالية " مركزية، وكان العماد على الذات مع اندماج ولو كليا مع العولمة الثقافية، لوقف على الآثار السلبية للعولمة أو الدعوة للانعزال عنها، مع تفاعل ايجابي حكيم، هذا كنهج استراتيجي أول مطروح، والثاني، في الحصول أو محاولة الحصول على ما يمكن كسبه من العولمة وقبول نظمها، مع ملاحظة المحتمل من الخسائر، إن لم تكن مكاسب على المدى البعيد،! وعموما في العولمة، والعولمة الثقافية، على وجه الخصوص، لا بد من التعامل معها كظاهرة ايجابية حتمية، التكامل معها لحاق إلى التكامل بين المال والتكنولوجيا، خاصة والدول في الوقت المعاصر، وحتى الشعوب والأفراد، تقاس قوتها بكم وعدد خطوط الشبكة العنكبوتية والانترنت، كيفيا وفهما في الاستخدام وتوجيها للمعلومات .
إن سرعة الاندماج في الشبكة العنكبوتية " والمعلوماتية " تزيد المكاسب المحتملة للدول، وحيث من الوجوب والمهم، إتباع استراتيجيات متعددة المستويات، قائمة على التفاعل مع العولمة، كإستراتيجية ثالثة، تحقق تكامل إقليمي بين الدول ليتقوى مركزها التفاعلي التفاوضي، وهي على هذا التركيبة للعولمة الثقافية، عليه تكون فكرة تأييد التعامل معها، مع بعض عناصرها ، والهدف من ذلك هو التعامل المتوازن والايجابي لتقليل الخسائر وتعظيم المكاسب مع القضايا الثقافية، بناءا على تعامل تدريجي يقوم على دعم استراتيجي وتركيز على صياغة أجندة نظم دولية . إن فهم العولمة بمضمونها، يحجم الخسائر وأكثر واقعية في التعامل الايجابي معها، والدول العربية ليست بغنى عنها، وليست برافضة لمفاهيمها، وان انتقدتها بأسلوب وأخر، وهنا يتضح إن، من الاستراتيجيات ما هو ممكن في ضوء فرص متاحة وقيود من تكون اجتماعي، راهنة أو غير، ومنها ما هو موسوم بتحليل المتغيرات، والوقوف على مدى تأثيرها بعضها ببعض حينما تتسم بالنظرة الشاملة، وعلى ذاك يتحدد ما ينبغي على الدول عمله على مستوى عالمي، وما على الدول مواجهته في مجابهة خطر تهديد الثقافة المحلية .