قبل أيام عدة دعيت إلى مناسبة احتفاء موظفات بمديرتهن التي تقاعدت عن عملها منذ بضعة أشهر، وقد سألت إحدى المنظمات، أليس من الغريب أنكن تحتفين بمديرتكن بعد هذه الفترة من تركها العمل؟ فأجابت بالعكس، لقد أقمنا لها حفلاً في آخر يوم عمل لها، لكننا اليوم نحتفل معها بمناسبة تخرج ابنتها، نحن نشاركها فرحتها، وقررنا أن نتكفل بكل شيء عرفاناً لها، لأنها طوال عملها تعاملت معنا وكأننا بناتها، فتوجيهاتها وتعليمها لنا وصبرها وتحملها لا يمكن أن تنسى.
أعتقد أنكم تشاركوني بأن هذه المديرة كانت إدارية ناجحة ومن الطراز الأول، لأنها تعاملت مع موظفاتها بروح طيبة وكريمة، ولم تبخل عليهن لا بالتوجيه ولا النصح والإرشاد، لذا شاهدت جميع الموظفات يشاركن في هذه المناسبة حتى المديرة الجديدة ونائبتها يشاركن في الاحتفاء بمن تركت كرسي الإدارة، ونحن نعلم أن كثيراً من المديرين عندما يتقاعدون يتم نسيانهم، بل البعض يغادر كرسي الإدارة غير مأسوف عليه، الكثير من المديرات والمديرين، يعتقدون أنهم سيظلون على كراسي الإدارة إلى الأبد، وينسون أنهم في يوم ما سيغادرون هذا الكرسي الوثير، ولا يبقى لهم إلا الذكر الطيب ودعوة في ظهر الغيب بالنجاح والتوفيق أو دعوات عليهم.
كلماتي لا تعني أن يتوانى أي مدير عن الوفاء بالالتزامات التي عليه لإرضاء موظفيه، ولا يعني التراخي في تطبيق القوانين والشدة إذا لزم الأمر، لكنها تعني الطيبة والتسامح والعمل على التعليم والإرشاد، بمعنى أن يكون المدير قائداً خلوقاً مبتسماً، وليس مديراً قاسياً عنيف اللفظ وفظ الأخلاق.
يقول المثل الفرنسي: «اعمل على أن يحبك الناس عندما تغادر منصبك، كما يحبونك عندما تتسلمه». وأعتقد أن المعنى الدفين والعميق لهذا المثل واضح للجميع، ليكن منصبك أداة لتطوير الأخلاق ونشر قيم المحبة.