تزامنا مع الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة التي تبدأ في الخامس والعشرين من هذا الشهر وتستمر لمدة ستة عشر يوما (25 – 10 كانون الأول ) تسلط الضوء على ما تعانيه المرأة العربية اثناء الحرب حيث يعرّف الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد النساء بأن العنف (هو اي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية او جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد ، أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة) فمن هذا التعريف الاممي نجد توضيحاً شاملاً لما هو العنف الموجه ضد المرأة, حيث يتضمن الأفعال التي من شأنها إلحاق الأذى بالمرأة حتى لو لم يؤد إلى ضرر, وهو يشمل العنف الاسري وعنف المجتمع. وعليه فأن النساء والفتيات بالمنطقة العربية يتعرضن لأبشع انواع العنف الناتج عن الصراعات السياسية, والذي يشمل بمجمله القتل، والإصابة، والإعاقة، والتعذيب. والمعاناة من التفكك الاجتماعي والاقتصادي. كما يشمل معاناتهن النفسية من آثار العنف قبل وأثناءالحرب وبعده , واثناء الهروب من مناطق القتال. اضافة للعنف الجنسي المتمثل بالاغتصاب، والزواج القسري، والتعذيب، والاتجار,وسبي النساء ,والعمل القسري. ومعاناتهن من ويلات النزوح, حيث تعتبر النساء والأطفال الأكثر تضرراً في حالات النزوح والالتجاء للمخيمات , اذ يتوجب على المرأة تحمل وطأة فقدان الممتلكات والسكن والإرهاق النفسي والجسدي خلال عملية النزوح , وكثيراً ما تصاحبها حالات الخطف والاغتصاب مروراً بقسوة العيش بالمخيمات. وتؤدي هذه النزاعات إلى تأثير بالغ على حياة النساء. مثل تغيّر الدور الاقتصادي والاجتماعي وتفكك الأسر، ، كما تقل فرص المرأة باكتساب مركز اقتصادي اواجتماعي , فالمراة العربية تتعرض لابشع انواع العنف سواء كان ذلك في ظل الاحتلال الاسرائيلي, اوفي ظل النزاعات المسلحة. وظاهرة العنف اصبحت أكثر انتشارا مع انعدام الاستقرار السياسي واستمرار الحروب في المنطقة العربية، وبالعودة لقرارات الامم المتحدة التي تناهض العنف , والتي اهمها قرار 1325 نجد ان اعضاء مجلس الامن ولجنة المرأة بالامم المتحدة يبدون قلقهم من عدم تفعيل هذا القرار ,الذي دعا فيه مجلس الأمن إلى تمثيل أكبر للنساء في جميع مستويات صنع القرار وحل النزاعات ؛ ولكن ومع مرور سنوات عديدة وجد مجلس الأمن بأن النساء لم تحظين في مناطق الحروب والصراعات بحماية تخفف الويلات التي يعانينها، ولم يلمس زيادة تذكر بنسبة تمثيل النساء في صنع القرار وحل النزاعات؛ الأمر الذي استدعى مجلس الأمن ان يصدر قرار 1889حيث سلَّط هذا القرارالضوء على العنف وانعدام الأمن وسيادة القانون والتمييز الثقافي , بما في ذلك ارتفاع معدلات التطرف والأفكار الـمتعصبة والتي جميعها تعيق مشاركة النساء في حل النزاعات ،كما جدَّد القرار الدعوة لجميع الأطراف بوقف كل انتهاكات القانون الدولي بما يتعلق بحقوق وحماية النساء والفتيات، وأكد مسؤولية كل الدول بإنهاء سياسة الإفلات من العقاب ,ومعاقبة المسؤولين عن كل أشكال العنف، بما في ذلك العنف الناتج عن النزاعات المسلحة.
إن واقع المرأة العربية في تراجع نسبي كبير، يمثل مجمل التراجع في تقدم المجتمع المدني العربي. اذ لا يمكن تحقيق تقدم في قضية المرأة طالما ظل مجتمعها طائفيا ومذهبيا في مبناه وعلاقاته، ويحرمها من الحقوق السياسية المتساوية , ومن فرص النمو والتعليم والتقدم في تطوير قدراتها الخاصة ووعيها، ومشاركتها في عملية التنمية الإنسانية والاقتصادية لمجتمعها.