في القاعة المخصصة للمطالعة في الجامعة دار الحديث الآتي :كنت أذاكر بعض أوراقي القديمة فوقعت يدي على ورقة جدا هامة كنت قد أنتجتها كمحاضرة القيها أمام أصدقائي. وكان هذا دأبنا أيام الدراسة إذ كنا نقيم ما يسمى بالسهرات الثقافية وقد افدنا منها الشيء الكثير. والورقة التي بين يدي تحوي مقدمة المحاضرة والتي هي بعنوان "البيئة"
اللافت للانتباه هو أني اكتشفت معنى للبيئة طالما جال في خاطري ودار بخلدي؟
البيئة :- بالكسر هي الحالة (القاموس المحيط /ج1ص43.
وبناء عليه البيئة اصطلاحا :هي الحالة التي تسهم في تكوين التصورات لدى الإنسان عن الكون والإنسان والحياة أو هي :مجموعة الظروف الطبيعية المحيطة بالإنسان والتي تسهم في بناء شخصيته وتكوين فلسفته في الحياة.
والأروع من هذا وذاك هو تعريف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ قال ((كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ))في إشارة واضحة إلى أثر البيئة في بناء عقيدة الإنسان وبالتالي نهجه في الحياة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على خطورة دور البيئة الأولى والأساسية ألا وهي الأسرة (وبالأخص الأبوان )فالبيت إما أن يكون مليئا بأنواع الأزاهير الفواحة {قرآن _سنة _دروس علم _أدب. ..}وأما أن تملأ ه أشياء أخرى وهكذا. والنتيجة الحتمية أن كل بيئة ستنتج ما بذر الأوان.
ارايتم حقلا بذر قمحا ينتج حنظلا أو حقلا ملئ أشواكا بسبب الإهمال ينتج الخضروات المفيدة بالتأكيد هذا لن يكون. ففي هذه الأثناء كان الوقت المخصص للمطالعة قد انتهى فودعت أصدقائي وقفلت راجعا إلى البيت.فتناولت غداءي ونمت القيلولة. فأيقظني جرس هاتفي وأجبت .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا وسهلا أخي سعيد
(سعيد)آسف إذا كنت قد أزعجتك لكني سررت اليوم بموضوع النقاش في القاعة حول البيئة وأود دعوتك الليلة مع بعض الأصدقاء لإتمام الموضوع. فهل أسعد بتلبيتك دعوتي.
(أجبت )بكل سرور سوف نصلي العشاء في المسجد الكبير وننطلق.
(سعيد )إذا اتفقنا وسوف أدعو بقية الأصدقاء. (قلت )على بركة الله.
-في منزل سعيد دار نقاش ممتع حول موضوع البيئة ودورها الهام في تكوين شخصية الإنسان وتصوره للحياة.
استمعت إلى آراء الأصدقاء ووجهات نظرهم والتي كانت متقاربة تنطلق من تصور إسلامي وسطي. تكلم الجميع كل في وقته المخصص له من قبل مدير الجلسة؛ وما أسعدني أني لمست وعيا كبيراً يشعر بالأمل المتجدد أن في الأمة شباباً يحمل هما وهمة تسهم بقوة في ارتقاءها على المستوى الإنساني وخرجنا جميعاً بورقة عمل هذا مضمونها :ا-للبيءة دورها الهام في نشر ثقافة المجتمع
ب-الأسرة أخطر البيئات إذ هي المنبع الثقافي الأول في حياة الناشئة.
لقد شهدنا في عصرنا هذا اختلاط النماذج في ما يقدم للناشئة بسبب التطور التكنولوجي (انترنت -تلفزيون. ...)فالفضاء مفتوح على مصراعيه ويقدم بكل ضغطة زر ثقافة تختلف عن الأخرى .
لذلك فإن ما نشهده من تباين في وجهات نظر المسلمين وتصوراتهم عن الحياة سببه البيئة المنفتحة على العالم بأسره.
ه-لا بد من التعامل مع هذا الانفتاح بطريقة إيجابية واقعية فلا نغلق عيوننا ولا نصم آذاننا وإلا ذهبت مساعينا الإصلاحية في مهب الريح.
و-الخير في المسلمين إلى يوم القيامة لذلك لا بد من حسن استثمار هذا الانفتاح بالشكل النافع المفيد وذلك من خلال تشكيل فرق عمل كل له اختصاصه مما يسهم في ملئ الفراغ الحاصل لدى الكثيرين من شبابنا ويشعرهم أن لديهم الكثير ليقدموه للعالم ليسعد بهم وبما يقدمونه من خير كثير جاء به الإسلام.
وهكذا خرجنا بورقة عمل نافعة مفيدة سائلين المولى عز وجل أن ترى النور وتملا الدنيا سعادة وسرورا.
وغادرنا بيت سعيد مغتبطين بما أنجزنا، متعاهدين أن نسعى جهدنا لتنفيذ ما اتفقنا عليه.