الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

المرأة الإيرانية تحارب من أجل انتزاع حريتها

  • 1/2
  • 2/2

فاراناك أميدي - بي بي سي - " وكالة أخبار المرأة "

 تُعرف إيران بنزعتها الدينية المحافظة أكثر من دفاعها عن حقوق المرأة. وتتمتع النساء الإيرانيات بحريات أكبر من نظيراتهن في منطقة الشرق الأوسط لكن قد لا يدرك هذه الحقيقة من يعيشون خارج البلد.
وتحظى المرأة الإيرانية بحق التصويت، والكثيرات منهن عضوات في البرلمان. وبخلاف المرأة السعودية، يسمح لهن بقيادة السيارات، وحرية العمل، والمشاركة في الحياة الاقتصادية.
والأهم من ذلك، تشكل المرأة الإيرانية أكثر من 70 في المئة من عدد الإجمالي للطلبة في البلد.
لكن تلك الحريات التي حصلت عليها المرأة في إيران لم تأت دون صراع وتضحيات بذلتها نساء إيرانيات رائعات.
وعادة ما يُقال إن التعليم هو العامل الرئيسي المتحكم في الحرية، وهي الحقيقة التي وعتها تماما الناشطة النسوية بيبي فاطمة إستارابادي.
وإدراكا منها لهذه الحقيقة، أنشأت أول مدرسة ابتدائية للفتيات في إيران أثناء الثورة الدستورية عام 1905، والتي درست للفتيات كل شيء بدءا من الرياضيات وحتى الأدب، والخط، والتاريخ.
بداية الرحلة
واجهت بيبي معارضة شديدة من رجال الدين المحافظين الذين اتهموا مدرستها بأنها مأوى للفساد والبذاءة، لكنها أبدت مقاومة شديدة لتهب العديد من الشابات صوتا يُسمع ومستقبلا يُعاش.
واستخدمت نساء قليلات أصواتهن لإحداث أثر كبير في المجتمع الإيراني، من بينهن غمار أولملوك فازيري، التي ولدت قبل عام من الثورة الدستورية وبدأت الغناء وهي طفلة، وتعلمت غناء المرثيات (أغاني لرثاء الموتى) من جدتها.
بوصولها إلى سن العشرين، خاضت تحديا غيرت من خلاله هيمنة الرجال على عالم الغناء والموسيقى في إيران.
وصعدت غمار إلى المسرح دون حجاب في وقت كان السجن هو عقوبة النساء اللاتي تخلعن الحجاب.
وفي عام 1924، قررت الشابة الإيرانية الغناء على خشبة مسرح فندق غراند هوتيل في طهران، وهو ما فتح الباب أمام العديد من المطربات لأن يسرن على خطاها.
وبعد حوالي ستة عشر عاما، انطلقت أولى إشارات البث الإذاعي الإيراني وكانت المرة الأولى التي يسمع فيها الجمهور غمار عبر الأثير. وظلت أيقونة للتمرد والاستقلالية حتى يومنا هذا.
ولكن لم تكن الأغنية هي المنفذ الوحيد الذي تسللت من خلاله المرأة الإيرانية إلى الحرية وإلى أن لها صوتا مسموعا، إذ كان الأدب حاضرا أيضا ليمكن المرأة من المزيد من الحقوق عبر كتابة قصصها والتعبير عن همومها وتحدي الواقع.
وأحدثت فروح فاروقزادة ثورة غير مسبوقة في عالم الشعر الفارسي من خلال قصائدها الجريئة، والصادقة، والصريحة.
تزوجت فروح من الكاتب الساخر الإيراني المعروف بارفيز شابور في سن السادسة عشرة وأنجبت منه طفلا، إلا أن زواجها وصل إلى نهاية بعد عامين فقط.
وكانت شخصية مثيرة للجدل في المجتمع الإيراني الديني المحافظ، إذ كانت تلك المطلقة التي تكتب الشعر وتعلن غضبها من القيود التي يفرضها المجتمع على المرأة.
ودعت أيضا إلى التحرر والحرية لتهب المرأة في ذلك المجتمع المحافظ طاقة من نور انفتحت من خلالها على عالم من الممكن فيه تحقق تلك المفاهيم.
وكانت قصة وفاتها مأساوية، إذ لقيت مصرعها عن عمر يناهز 32 سنة في حادث سير.
الثورة الإسلامية والمرأة
عندما جاءت الثورة الإسلامية عام 1979، أطاحت بالكثير من الحقوق التي نجحت المرأة في انتزاعها بالجهد والصبر والألم على مدار عشرات السنوات.
وظهر اتجاه محافظ أكثر قوة مما قاومته المرأة الإيرانية قبل الثورة، والذي أعاد لرجال الدين السلطة التي فقدوها على مدار عقود.
ومن المثير للسخرية أن المرأة الإيرانية كان لها دور بارز في قيام الثورة الإسلامية. فنزلت المرأة الإيرانية، على اختلاف انتماءاتها، إلى الشارع جنبا إلى جنب مع الرجل لتطالب برحيل الشاه الإيراني.
ولم يكن هناك فرق في ذلك الوقت بين المتدينات، واليساريات، وربات المنازل، والطالبات.
وكانت إمرأة هي من قادت حصار السفارة الأمريكية في طهران عندما احتجز عدد من الرهائن داخل السفارة.
كانت ماسومح ابتكار التي تلقت تعليمها في الولايات المتحدة هي من قادت ذلك الحصار، والآن تتولى رئاسة منظمة الحماية البيئية في إيران.
ودعمت النساء الثورة الإيرانية على أمل الحصول على المزيد من الحرية والاستقلالية، لكن سرعان ما أدركن أن العكس هو ما يحدث على الأرض.
وأصدرت السلطات في طهران قانونا يلزم جميع النساء اللاتي تعملن بوظائف في مؤسسات الدولة بارتداء الحجاب علاوة على إلزام النساء بصفة عامة بارتدائه في الأماكن العامة، وهو القانون الذي يواجه معارضة شديدة منذ إصداره وحتى الآن.
ولكن بعض الأحداث والاحتجاجات التي ينظمها الإيرانيون تمكنت من استعادة بعض التأييد الشعبي الذي فقدته على مدار السنوات الماضية.
كما أسهمت تلك الاحتجاجات في إزالة بعض القيود التي فرضها القانون بخصوص الحجاب، فظهرت الألوان المبهجة في أغطية الرأس علاوة على ظهور طرق جديدة لارتداء حجاب أكثر تحررا.
بذلك تحول ما كان يُفترض أن يكون زيا موحدا صارما ومتواضعا إلى ثورة في عالم الأزياء.
معركة مستمرة
استخدمت الصحفية والمدونة الإيرانية ماسيه ألينجاد أدواتها الصحفية في الاحتجاج على الحجاب الإجباري.
فأطلقت ماسيه حملة بعنوان "حريتي المسروقة"، مشجعة النساء على نشر صور بدون حجاب على صفحات التواصل الاجتماعي.
لكن هناك من أيقونات الدفاع عن حقوق المرأة الإيرانية من لم تختر هذا المصير بمحض إرادتها، بل ساقها القدر إلى هذا الدور.
فقد تحولت نيلوفار أردالان، قائد فريق المنتخب الوطني الإيراني لكرة القدم النسائية، إلى أيقونة نسائية عندما رفض زوجها السماح لها بالسفر للخارج، كما لم يسمح لها بالتقدم لاستصدار جواز سفر.
ودون تدخل منها، سلطت قصتها الضوء على الظلم الواقع على كاهل المرأة في إيران لتلقى ردود فعل تفوق ما أثارته أي ناشطة نسوية في البلاد من قضايا.
وفي سبتمبر/ أيلول 2010، تعرضت ماسوميح عطية لهجوم بمادة حارقة على يد زوج أمها لتُصاب بالعمى وتشوهات مرعبة في وجهها، إلا أن ذلك أعطاها المزيد من القوة اللازمة للمطالبة بحضانة ابنها.
وأصبحت بعد ذلك أهم قادة الحملات المطالبة بحقوق ضحايا الهجوم بالمواد الحارقة، ليزيد الاهتمام بهؤلاء الضحايا ويتمكنوا من توصيل أصواتهم إلى حيث يشاؤون في مواجهة من ينكرون عليهم الحق في ذلك.
وعلى مدار القرن الماضي، لم يكن الطريق مفروشا بالورود أمام المرأة لتحصل على المساواة والاعتراف بحقوقها.
وخاضت المرأة الإيرانية تحديات كبيرة للواقع المعيش، لكن ما حققنه من إنجازات تحطم على صخرة العنف والقسوة.
وعلى مدار تاريخ إيران، لم يثبت ولو لمرة واحدة أن المرأة الإيرانية استسلمت. فالنساء في إيران لا زلن يمثلن مصدر إلهام لجميع نساء العالم ليثبتن بذلك أنهن سوف يبقون قوة رئيسية تدفع إلى التغيير.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى