يقال بأن العصر الحالي هو الأصعب من حيث تربية الأطفال، ويرجع سبب هذه المقولة إلى التقنيات الحديثة من وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات والتطبيقات على الهواتف الذكية على مختلف أنواعها ووظائفها، وبطبيعة الحال لهذه الوسائل أثر بالغ وكبير، ولا يمكن تجاهله أو المرور عليه دون التوقف ملياً للدراسة والبحث، وهنا يأتي دور الجامعات ومراكز البحث العلمي.
في هذا السياق فإن الأكثر صعوبة من وجهة نظري هو التعامل مع المراهقين، فالفتيات أو الفتيان في هذه المرحلة العمرية، لديهم حالة غريبة من الثقة بالنفس المفرطة التي تجعلهم يعتقدون أنهم ملمون تماماً بكل شيء في الحياة، والواقع أنهم لتوهم يخرجون من البيضة كما يقال، فهم لتوهم يرون أشعة الشمس، فلا يدركون الأخطار التي تحيط بهم وتهددهم.
تأتي الهواتف الذكية، والتي باتت في أيدي الأطفال لتزيد من خطورة المهمة تجاه هذا النشء، فتاة أو شاب لتوه في مقتبل العمر يتلقى على هاتفه رسائل ومقاطع فيديو وصور من إحدى التنظيمات الإرهابية مع مؤثرات صوتية، وصور مؤلمة، فما الذي نتوقع أن يحدث في غفلة من أسرته وبعد عن الإشراف لهذه الفتاة أو الشاب؟ أو أن تصله مقاطع مخلة بالأدب والحشمة، فتثير الغرائز، وتدعو للانحراف أو حتى للإدمان، مرة أخرى يبقى الوضع خطيراً جداً، ونحن بحاجة للمزيد من التوعية، فالعالم فعلاً بات مفتوحاً على بعضه البعض، والحواجز تكاد تنهار تماماً، على الأقل في مجال الهواتف الذكية والصور والفيديو، التوعية يجب أن تشمل الأبوين، في كيفية التصدي والتعامل مع هذا السيل المعلوماتي الجارف، الذي يهدد الثوابت والقيم، بل يهدد حتى براءة الأطفال وعفويتهم ونقاءهم الأبيض. نحتاج لبرامج مستمرة وطويلة الأمد لتكون أكثر إقناعاً وأكثر تأثيراً.