نعيش هذه الأيام فرحة الاحتفالات باليوم الوطني، فضلاً عن مناسبة غالية علينا خلالها نستذكر أبطالنا ومن ضحوا بالنفس في سبيل الله ثم الوطن، شهداء الحق الذي ارتقوا سلم المجد لنصرة الضعيف ونجدة البائس المحروم.
في هذه الأيام نستعيد أيضاً ذكرى الآباء والأجداد، وتراثهم الخالد العظيم، هذا التراث الذي نبع من واقع مرير وحزين محمل بالفاقة والحاجة والبؤس الإنساني بكل ما تعني الكلمة.
البعض يعتقد أن حالات الفقر والتعب وضنك المعيشة التي عاناها آباؤنا وأجدادنا كانت فترة وجيزة أو عابرة ولوقت قصير، والواقع أن إنسان هذه الأرض منذ أمد طويل وهو يعيش قسوة الصحراء بكل تجلياتها وتفاصيلها، ويعيش ملوحة البحر التي لا ترحم وتقلباته التي تأخذ الأحبة.
رحلة إنسان الإمارات على ثرى بلاده لم تكن رغداً وخضرة، بل كانت أشواكاً وظمأ وتعباً، كان خلالها البحث عن سبل الحياة لا ينقطع ولا يتوقف، وبمراجعة بسيطة وموجزة للتراث الشفوي الذي وصلنا من الآباء والأجداد، سواء أكان في مجال الشعر أم القصص ستجد ملامح واضحة عن تحدي الفقر والإيثار في مواجهة الحرمان، والكرم أمام شح الموارد والطعام. هذا الواقع دون شك هو الذي صقل إنسان الإمارات منذ فجر تاريخه على ترابه وأرضه، حتى عصرنا الحاضر.
الآباء والأجداد لم يهاجروا لم يتركوا الوطن لم يتخلوا عن الربوع ومرتع الطفولة، على الرغم من أن في الهجرة حلاً وسعياً إلى الأفضل، لكنهم كانوا على يقين بأن الله سيخرج جوهر هذه الأرض، بل إنها ستكون أرض الخير والمحبة. ولم يخلف الله الوعد، وصدق ظنهم لأنهم صدقوا مع الله في النية والقول والعمل.
ذكرى الوطن هي مجد الحاضر وتطلعات المستقبل وعبق الماضي، هي ملحمة الإنسان من أجل الحياة السعيدة المتسامحة الخيرة، والأبناء على ثرى خطوات الآباء يواصلون المسيرة.