انطلقت الحملات الانتخابية للمجالس البلدية في دورتها الثالثة والتي تشارك فيها المرأة لأول مرة في تاريخ المملكة الأحد الماضي 29 نوفمبر 2015، عن عدد غير متوقع من المرشحات اللاتي قارب الألف مرشحة على الرغم من انسحاب ما يقارب المئة مرشحة، حيث بلغ المجموع الكلي 979 مرشحة مقابل 5938 مرشحاً، مما يشكل عدداً جيداً لتفريق عدد الناخبين المحدود بين هذا العدد الضخم من المرشحين، لاسيما الذكور منهم، والمتنافسون جميعاً على 2106 مقاعد منتخب. ويعطي النساء فرصة للفوز. ويبلغ عدد الناخبات: 124,544 في حين أن عدد الناخبين بما فيهم المجددون من الدورات السابقة 1,486,477 وفق جمع الأعداد في موقع لجنة الانتخابات البلدية، وهو ليس عدداً أو نسبة كبيرة حسب تقاليد الانتخابات.
الحماس منقطع النظير على الرغم من شهريّ الانتظار والغموض الذي التبس هذه الفترة بالنسبة لآلية الحملات والمشاركة، وما تخللها أيضاً من إجراءات الترخيص التي لم تكن سلسة في كل مكان اعتماداً على درجة تدريب موظفات كل منطقة، ودرجة التزام المراكز بين بعضها وبعض (رصدت تجاوزات لمراكز سكاكا والقريات النسائية المتكررة أخّرت صدور التراخيص).
الحماس منقطع النظير على الرغم من التضييق حتى الاختناق على الحملات الانتخابية والإعلان عنها والوصول إلى المرشحات والمرشحين.
الحماس منقطع النظير على الرغم من أن وسائل التواصل السريعة كالواتساب والرسائل النصية قد منعت ودخلت تحت دائرة الاستبعاد.
الحماس متقد للاطلاع على قائمة المرشحين النهائية واستلام التصريح الرسمي للبدء بالحملة الانتخابية على الرغم من تأخر بعض المراكز أكثر من يوم لإعلانها معطلين المرشحات والمرشحين من البدء بحملاتهن/م.
الحماس ما زال قائماً على الرغم من تفاجئنا في ليلة صدور القوائم النهائية للمرشحين والمرشحات وبداية الحملات الانتخابية باستبعاد عدد من المرشحات والمرشحين دون إبداء الأسباب حتى الآن ونحن في نهاية الأسبوع الأول من فترة الحملات الانتخابية والتي ليس لها سوى 12 يوماً. اللجنة الانتخابية تعد المرشحات المستبعدات بالتعويض، ولكنه تعويض الترخيص الذي لا يتجاوز المئات، ولا يشمل تعويض التجهيز للحملات الانتخابية التي يدخل فيها حجز قاعات وطبع مطويات وتجهيز أفلام يوتيوبية وعروض تقديمية وبرنامج انتخابي ربما أعطي لشركة علاقات عامة لإنجازه مما تصل تكاليفه إلى ما لا يقل عن مئتي ألف ريال، فما هو تبرير لجنة الانتخابات البلدية الانتظار حتى آخر لحظة لتعلن الاستبعاد والذي لم يصل رسمياً إلا بعد تسربه. اللجنة العامة للانتخابات البلدية بحاجة إلى استدراك هذه التفاصيل التي تؤثر على شفافيتها ونزاهتها.
لأبدأ من اليوم الأول وحتى ما تحتمله هذه المساحة ثم نكمل، أبدأ من يوم الانطلاق حيث كان لمبادرة بلدي احتفاء خاصاً بهذه المناسبة التي تتناسب مع طول الأمد والانتظار للوصول إليها. وكان الاحتفاء من خلال الملتقى الأحدي الذي يصل عامه الثالث والعشرين من لقائه الثقافي النسائي في منطقة الرياض، وهو الذي شهد أول النداءات لمشاركة المرأة في الانتخابات البلدية عام 2004 وها هو يشهد يوم الأحد الماضي انطلاق مشاركة المرأة الكاملة، كمرشحة وناخبة، في سباق الانتخاب للمجالس البلدية. كانت لحظة تاريخية من نوع خاص حاولت قدر الإمكان آنذاك التعبير عنها في وسط لفيف الزميلات وعدد كبير من المرشحات وعدد أكبر ممن شهدن تلك الأيام من شهور صيف 2004 وما تلاها من محاولات تثبيت الحق، ولا أعتقد أني نجحت في إيفاء اللحظة حقها.
ثم أمر على العملية الإبداعية التي قامت بها نساؤنا في أنحاء المملكة بأشكال مختلفة لتتغلب على غيابها عن وسائل الإعلام وغياب صورتها وغياب تواصلها المباشر مع الناخبات والناخبين، فاستثمرن في وسائل التواصل الاجتماعي المتبقية، وكان استثماراً لا بأس به؛ تويتر، فيسبوك، يوتيوب، إنستغرام وسنابشات، والبعض لجأ للتلغرام أيضا. ولكنها كما ترون آلية لا تتناسب إلا مع من يده في يد هذه الوسائل والتي لا تغطي كل المملكة أو كل الفئات العمرية، أي أنها محدودة أمام المرشحات ممن لا يتقن هذه الوسائل وأمام الناخبات ممن ليس لديهن اتصال بهذا العالم.
وقبل أن أؤجل بقية الحديث إلى مساحة الأسبوع المقبل مما لا ينتظر التأجيل أحتاج أن أذكر اللجنة العامة للانتخابات بأنها بحاجة لكثير من المراجعات في آلية العمل، فمن غير المعقول أن نقيم انتخابات لا يوجد للناخب أو للمرشح طريق فيه لأحدهما على الآخر. فالحاجة ماسة لتوفير وسيلة تواصل بين طرفي العملية الانتخابية بشكل أو بآخر، وليكن إلكترونياً طالما أن عالمنا الانتخابي افتراضي بوضع رابط لكل مرشح بجانب اسمه/ا، فمن غير الطبيعي أن أبحث عن برامج مرشحي ومرشحاتي الستين في فضاء غير معروف وغير متأكد منه!
هناك خلل كبير في الموضوع. والدتي على سبيل المثال في منطقة العوالي في مكة المكرمة تسألني عن مرشحات المنطقة وعن حملاتهن الانتخابية وكيف تصل إليهن وتتواصل معهن وهن يبحثن عن الناخبات ويعتقدن أن أحدهن سيقرأ لافتة في الشارع أو تغريدة في تويتر ويصلن إلى مركزهن الانتخابي في الوقت المحدد في مكان ما.
وما زالت اللجنة العامة للانتخابات قد قاربت على الانتهاء من مهمتها وهي لم تنظم أي لقاء عام لها مع المرشحات والناخبات والمرشحين والناخبين في كل منطقة من مناطق المملكة كما تمت المطالبة منذ انطلاق التسجيل في شوال.
وعلى المحك الآن قدرتنا على تحويل هذه التحديات إلى فعل وانتخاب وإلى تحفيز الناخبات والناخبين إلى الخروج يوم السبت القادم 1 ربيع أول (12 ديسمبر) من الساعة الثامنة إلى الخامسة للتصويت على من اختارت واختار بعد تمحيص في السيرة الذاتية، إذا توفرت، والبرنامج الانتخابي، إذا توفر، وهما المحكان للاختيار المواطني السليم.