يعتبر العنف الاقتصادي من اقوى واشد انواع العنف ضد المرأة، فهو الباب المؤدي الى انواع اخرى من العنف مثل العنف اللفظي والعنف المعنوي والعنف الجسدي والذي يصل في بعض الأحيان الى العنف الجنسي. وتكمن المشكلة في موضوع العنف الاقتصادي للمرأة من زاوية عدم تفهم المجتمع لدورها فيه مما يؤدي حتما الى التقليل من شأنها وتهميش دورها في المساهمة في بناء المجتمع باعتبارها الزوجة والأم والأخت والجدة والزميلة في مجال العمل وغيره. فبحسب مؤشرات رقمية عالمية يعتبر ثلثا فقراء العالم من النساء وان 70% من النساء المسنات فقيرات مقارنة بالرجال المسنين. اما على مستوى وطني فقد اظهرت دراسة اعدتها اللجنة الوطنية لشؤون المرأة في العام 2009 ، ان نسبة الأسر الفقيرة التي ترأسها النساء بسبب وفاة المعيل او بسبب غيابه تصل الى 44.6% ، وان 62% منهن من الأرامل. ان العوائق الاجتماعية المتمثلة بالتقاليد البعيدة كل البعد عن الشرائع السماوية التي كرمت وصانت المرأة قد ساهمت في تأنيث الفقر –ان جاز التعبير- فنجد المرأة الريفية التي تعمل في زراعة الأرض المملوكة للأسرة لغايات تأمين وتوفير الأمن الاقتصادي لأسرتها ولتساهم بالتالي في الإنتاج المحلي ككل ، فهي تعمل دون اجر وفي ظروف قاسية في معظم الأحيان، نفس الشيء يقال عن المرأة المتزوجة التي تعمل في البيت لرعاية الأسرة وتلبية احتياجاتها ، فهي تقوم ايضا بنشاط اقتصادي غير مدفوع الأجر. اما المرأة العاملة خارج حدود الأسرة فتعاني ايضا من عوائق يفرضها المجتمع فهي تعاني من عدم توفر بيئة داعمة لها في العمل مثل صعوبة ايجاد رعاية بديلة مناسبة اثناء ساعات الدوام الرسمي او بسبب وجود فجوة في الأجور ما بين الجنسين مما يضعف من حماسة المرأة للمشاركة في سوق العمل. وعلى صعيد آخر يستغل بعض الرجال مفهوم القوامة لحرمان النساء من فرصة المشاركة الاقتصادية الفاعلة في المجتمع ، مثل فرض التزويج المبكر ، او الاستيلاء على حق المرأة في الميراث ، ويصل العنف في بعض الأحيان الى ارغام المرأة على ترك العمل او اجبارها على عمل لا ترغبه او الاستيلاء على مستحقاتها المالية ويصل الحال في بعض الأحيان الى التهديد بالطلاق. كل هذه الإشكاليات تعزز نظرية مجابهة العنف الاقتصادي الذي تعاني منه المرأة باعتباره مدخلاً لمعاناة الكثير من النساء فالمادة (11) من اتفاقية مناهضة جميع اشكال التمييز ضد المرأة تتناول استحقاقات المرأة بالمساواة في المعاملة وتطبيق معايير الأمن في العمل ، ويكون ذلك من خلال ازالة العوائق الاجتماعية والأخلاقية وتحصينها بتشريعات وممارسات فضلى تشجع عمل المرأة وتصون كرامتها في العمل دون اكراه او استغلال او تمييز لأي سبب كان.