القلب تعب واخذ يئن ويتوسل ان اتركه وشأنه والقلب ينزف دما والما من واقع خرب ومبعثر في كل شيء وعلى كل المستويات ولاسيما واقع المرأة العراقية وما تعانيه من ظروف صعبة للغاية في ظل صراعات ونزاعات لا تنتهي سواء كان سياسيا ام دينيا ام عشائريا ام إقليميا ودوليا فهذا الواقع المزري افرز لنا في هذه المرحلة ولاسيما بعد عام 2003 عام التحرير من كل أنظمة العبودية والطغيان الذي عشناه وعلقت المرأة العراقية آمالا وبدأت ترسم خارطة لاحلامها ومشاريعها التي كانت مؤجلة لحياتها وحياة أولادها في ظل حياة كريمة حرة لا يستطيع أي شخص بعد ذلك ان يمس طرفا منها واذا بها تصطدم بواقع لم تكن تراه حتى في الاحلام وبدأ يتلاشى كل شيء مجددا وما عليها الا ان تنتظر وتقبع في البيت مجددا وتصبح سجينة مرة أخرى بقالب جديد وبقيود جديدة ومزركشة بالوان الديمقراطية والحرية التي حلمت بها عقودا وعقود. ونسوا وتناسوا ان من اخرجتهم للحياة بعد معاناة تسعة اشهر من الحمل والولادة واعطت من شبابها وصحتها حتى تصنع منهم رجالا وأصحاب قرار هي المرأة هذا الكائن الذي وضع الله سبحانه وتعالى كل الحكم به حكمة في الصبر على الحمل والولادة وحكمة في الصبر والانتظار الطويل حتى يصبح رجلا وحكمة بالصبر على الظلم والجور والفقر واستعبادها واهانة كرامتها وانسانيتها من نفس الرجل الذي خرج من بطنها بعد طلقات من الألم والموت البطيء الذي رأته اثناء الولادة. فاليوم نمر بمرحلة خطيرة جدا وبمأزق اخطر اذا لم يتم احتواؤه بأسرع وقت ممكن. في كل الحروب والأزمات والصراعات والغزوات سابقا من يدفع الثمن من شرفها وكرامتها وامتهان انسانيتها هي المرأة مع كل الأسف لكونها الحلقة الأضعف في المجتمع الإسلامي والعربي فالمرأة اخذ دورها يتلاشى ويضعف في المجتمع وحصر دورها في خانة الزواج والانجاب ويملي عليها القيم الراسبة والبالية في عقلية الفرد بالإضافة الى اخضاعها لظروف وضغوطات اجتماعية وسلوكية وسياسية جاءت من أناس يعيشون خارج التاريخ مما تسبب تراجعا في احتضان المرأة لكونها فردا مهما في المجتمع فالمرأة يا سادتي الكرام هي من اسهم في تشريع القوانين في حضارات وادي الرافدين وهذا اشرت له في اكثر من مقالة وشاركت في ان تضع بعض القوانين على سلة حمورابي في العصر البابلي، مكان مركز المرأة مرموقا جدا على مستوى الاسرة والمجتمع فكانت لها شخصيتها المالية المستقلة ولها الحق ان تمتلك الأموال والعقارات وتعمل تاجرة ومقرضة للاموال وعملت كاهنة وكاتبة آنذاك وهذا ما لوحظ في لوحة القوانين على المسلة، والمرأة يا سادتي هي من اكتشف الزراعة ولها الفضل في ديمومة الحياة أي هي من وضعت واكتشفت (التنمية المستدامة) بالإضافة الى اكتشافها العملية القيصرية فاصبحت طبيبة في ذلك الوقت اما في العهد السومري فالمرأة السومرية هي من اخرجت الحياة من جمودها باكتشافها الموسيقى وصنعت آلة القيثارة السومرية، كما انها كانت تساعد الملك والجنود في التخطيط للحروب ومشاركتها في ساحات الوغى تسعف الجنود الجرحى وطبابتهم اما بالنسبة لطقوس العبادة فكانت آنذاك اله يعبد ويقدس عند الرجل كالهة الشمس وعشتار الخ.. فما الذي انزل هذا الاله الجميل وجعله عورة وشيطانا يرجم ويقتل ويسبى ويباع في سوق النخاسة، كما حصل في الموصل وسنجار التي سيطر عليها شيطان العصر اللعين داعش وسبوا نساءها بالإضافة الى فرض اللباس الشرعي وزواج القاصرات ونكاح المجاهدين الى أخره من الاحكام الجهنمية التي طبقت على المرأة هناك اما في بغداد السلام هي الأخرى لم تسلم من الانتهاكات بحق المرأة وانتهاكات لا إنسانية فاخذوا يقتلون المرأة بحجة الانحراف والدفاع عن الشرف وهذا ما حصل في نيسان الماضي عندما قتلوا خمس وثلاثين امرأة في زيونة بالإضافة الى قتل فتيات شابات بعمر الورود قبل ان يسألوا انفسهم لماذا انحرفن هذه النسوة اذا كان صحيحا وفعلا تم الانحراف وبشهود عيان وليست وشاية من احد والوقوف على الأسباب التي جعلتها ان تنحرف او تتسول ووضع المعالجات وفق خطة مدروسة وسليمة لمنع تكرار مثل هذه الحالات، اذن المرأة ليست شكلا جميلا وجسدا اجمل لتتمتع به وتشبع غريزتك بعدها تقتله وترميه او تنفيه خارج الحياة، بل هي جوهر وعقل يحمل في طياته الكثير من الحكم والرؤى اذا ما طيت الفرصة واصبح لها دور مساو للرجل وفق قوانين دستورية مدنية.