في تعريف المرأة في العصر القديم نرى أنها تلك التي عاشت في الظلام، البؤس وسوء الحال، فقد كانت مسلوبة الإرادة في جميع حقوقها دون استثناء، وكان الفكر السائد انذاك ساهم بدوره في تبديد أحقية المرأة في ابداء آرائها، وليت الأمر كان قاصرا على حقوقها المهضومة فقط بل وكانت عند أهل الجاهلية تقتنى وتباع، كانت كالسلعة، يختلف سعرها اعتمادا على حسن مظهرها وما تتقنه من مهام، فكان عليها أن تتحرر من فوضى الجاهلية، فلم تكن ذات ارادة حرة ولا مكانة اجتماعية، نتيجة لذلك تم طمس وسحق هويتها واخفاء كرامتها، على سبيل المثال وأد البنات مخافة الفقر والشؤم من أن يكون المولود الأول فتاة!
ولكن الان نجد ان المرأة تمكنت من الخروج من دكتاتورية الرجل وسرعان ما انفلتت من قبضة الفكر الدوني للمجتمع الذي كان سببه عاملين الأول الفكر الموروث والاخر يكمن في الفلسفة الأخلاقية المتخلفة، حيث ساهم الرجل في ان يصبح في مسعى انحطاط دور المرأة في المجتمع، فجعلها قطعة لحم هامدة في المنزل ودورها الأول والأخير هو ان تخدم زوجها وتربي الاجيال فلم يكن للمرأة في بناء المجتمع دور يذكر انذاك.
بالنظر الى الواقع الحالي نرى أن الايدلوجيات والتوجهات في المجتمع قد اختلفت، واختلف كذلك مفهوم المرأة في الدور المعاصر، فأصبحت هي تلك التي تحتل النصف الأول من المجتمع وتلد النصف الثاني منه لذا فهي المجتمع بأسره كما أشرت مسبقاً.
أما بالنظر الى الحال نرى انه لا يكتمل اي جزء في المجتمع الا أن ترى بصماتها مطبوعة في الموضع، وانطلاقا من هذا المفهوم نرى أن الحط من قيمتها الانسانية واعطائها منزلة تلي منزلة الرجل في هذا الجانب لن يوافق ومبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، ولن يساهم في استقامة المجتمع، فللمرأة فضل كبير على المجتمع، فقد باتت تقف بجانب الرجل في معترك القتال وتشاركه العمل في حقله.
ولا يخفى عليها دورها في المجالات السياسية، فأصبحت تشاطر خصمها الاخر في الحقول السياسية، وتنادي بصوتها في شتى الامور، لذا نرى ان مدلولها أصبح مغايراً تماماً لما كان عليه مسبقاً، بلا منازع، ولا نخفي حقيقة ان الاسلام كان منصفا للمرأة أخرجها من الطغيان والذل، فأصبحت تأخذ طريقها نحو العزة والكرامة وتحتل مكانتها الرفيعة في المجتمع.
الى تلك الفئة التي تنادي بأن المرأة يجب ان تترك بالمنزل وعليهم هم أن يتقدموا عليها في الحياة المهنية، ان هذه المرأة ليست كما كانت عليه في السابق، هذه المرأة لن تستطيع أن تقف انت أيها الرجل عقبة أمام طريق تحقيق طموحها، ولن تتمكن ابدا من تقليص دورها التنموي الحيوي في المجتمع مهما أبديت من آراء وفعلت، وانما يجب فعله هو تعقيم المجتمع من هذه الافكار الخاطئة ونشر ووعي الناس بما يحمله مصطلح «الليبرالية» والذي عرفه البعض بأنه الفكر القائم على صون واحترام الحريات الفردية والتوجهات الفكرية، إضافة الى تركيزه على مبدأ المساواة بغض النظر عن اللون، الجنس أو العرق، فعرف من عرف، جهل من جهل، والحقيقة لا تعرف الاختباء.