بدأ الحراك المجتمعي للمطالبة بمشاركة المرأة في الانتخابات البلدية منذ الدورة الأولى في 2004، واستمرت هذه المطالبة في الدورة الثانية مع أن النظام لم يكن يمنع، بل هو قرار لجنة الانتخابات العامة التي صرحت بعدم الاستعداد اللوجستي لمشاركة المرأة وقتها.
وتمثل هذا الحراك في «حملة بلدي» كمجموعة نسائية مدنية تطالب بمشاركة المرأة في الانتخابات البلدية وإلغاء قرار اللجنة، وقامت عضوة من بلدي برفع قضية ضد هذا القرار وتقبلته المحكمة الإدارية في الرياض، وكل هذه الإجراءات توضح أن الجهات الرسمية مؤيدة لمن يطالب بحقوقه بالطرق النظامية والحق هو حق حتى لو كان المطالب به شخصا واحدا فقط. وجاء القرار الرسمي من ولي الأمر في 25 سبتمبر 2011، ليؤكد أن المرأة ستشارك كعضو مجلس الشورى وفي الانتخابات البلدية التالية، داعما لمطالبات «حملة بلدي» التي تحولت لمبادرة تضم نساء من معظم مدن المملكة.
وفي عام 2013 قدمت مبادرة بلدي برنامج «شريكة» مع شركائها، والبرنامج تضمن 13 دورة لتوعية النساء بأعمال المجلس البلدي وبثقافة الانتخابات والمشاركة في صنع القرار وهي ثقافة مفقودة في المجتمع.
وأظهرت نتائج هذا البرنامج أكثر من 300 امرأة واعية ومستعدة لخوض الانتخابات، كما بدأت في عام 2013 عضوات مبادرة بلدي بجدة بحضور لقاءات المجلس البلدي الشهرية المفتوحة للمواطنين، وهنا لا بد من تقديم تحية تقدير لمجلس جدة الوحيد من المجالس البلدية في المملكة الذي سمح للمرأة بممارسة مواطنتها.
وفي عام 2014 وبعد 10 سنوات من الاستعداد اللوجستي أعلنت اللجنة العامة للانتخابات استعدادها لمشاركة المرأة السعودية في الدورة الثالثة، وكنت أظن أنني لن أرى هذا اليوم قريبا، كانتظاري السرمدي ليوم منح المرأة السعودية حق الحصول على رخصة قيادة السيارة.
إن ما حدث ليس فوزا للمرأة فقط، بل هو فوز لمجتمع كامل في ممارسة ثقافة الاختيار الرشيد والمشاركة في صنع القرار كحق من حقوق المواطنة الرشيدة، إنه احتفالية شراكة بين الرجل والمرأة لتطوير البنية التحتية والخدمات البلدية في الشارع والحي والمدينة لرفاهية المجتمع بكل أطيافه.
وتحية تقدير لكل امرأة مارست حقها في الانتخابات وموظفة عملت فيها ولكل عضوة في مبادرة بلدي في جميع أنحاء المملكة. أنتن نساء بلدي ووطني وفخورة بكن، فالتاريخ قد يسقط بعض الإنجازات وحسب توجه من يكتبه، ولكن من حقنا المشاركة في تسجيل هذا التاريخ بأنفسنا.