كشفت تقرير حقوقي أعده مركز تمكين للدعم والمساندة بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين الذي يصادف في الثامن عشر من كانون الأول، وقوع انتهاكات خطيرة حول حقوق عاملات المنازل، حيث كشفت دراسة لمركز تمكين حملت عنوان "نساء مهمشات: ظروف عمل ومعيشة عاملات المنازل المهاجرات وغير النظاميات في الأردن".
ووفقا للدراسة، أدت ظروف الفقر والبطالة وغياب المستوى المعيشي اللائق في بلدان عاملات المنازل إلى سفر مئات الآلاف منهن للعمل عاملات منازل في الأردن، حيث تواجه الكثيرات منهن انتهاكات كبيرة وشاملة وممنهجة
أشكال الإيذاء الجسدي
واشارت الدراسة إلى ان 23% من عاملات المنازل التي جرى مقابلتهن الاعتداء الجسدي و/أو الجنسي في مكان العمل، وفيما يتعلق بالاعتداء الجسدي، فإن المعتدي عادة ما يكن أصحاب العمل من الإناث، لكن قد يلعب أطفال أصحاب العمل دورا في ذلك أيضا، وذكرت امرأة أن ابن صاحب العمل كان يعتدي عليها جسديا باستمرار وقد تسبب بإصابات جسدية خطيرة وأضرارا صحية دائمة لها، وذكرت أخريات أن قرص وصفع أطفال أصحاب العمل لهن من أشكال الإيذاء الجسدي الشائعة، وفي حالة إيذاء أكثر شدة قام صاحب العمل بإلقاء حليب ساخن على وجه العاملة ووضع ملعقة ساخنة على يدها لأن ابنه رفض شرب الحليب.
الإساءات اللفظية شائعة جدا أيضا، حيث ذكرت ما نسبته 39% من عاملات المنازل أنهن تعرضن للإساءات اللفظية من قبل بعض أصحاب العمل، إضافة إلى عدم معاملتهن باحترام، ومن الشائع جدا أن نسمع قصصا عن عاملات تعرضن لإساءة لفظية من قبل أطفال أصحاب العمل، ولكن ليس من أصحاب العمل أنفسهم.
الحرمان من الأجور
وبخصوص الأجور، خرجت الدراسة بنتيجة أن 38.7% من الحالات التي جرى مقابلتها لم يكن يحصلن على الراتب على أساس شهري منتظم، إلى جانب عدم دفع أجورهن في غالبية الأحيان، حيث يقوم بعض أصحاب العمل بغش العاملة من خلال الوعود بدفع جميع الرواتب بعد نهاية العقد، لكن بمجرد انتهاء العقد يرفضون دفع المبلغ المستحق لها، وفي أسوأ الحالات فإن صاحب العمل يرفض دفع راتب عدة سنوات لها.
على سبيل المثال علقت إحدى العاملات بأنها وعدت بـ200 دولار أمريكي شهريا في عقدها، لكن لدى وصولها تلقت 100 دولار أمريكي فقط.
وأوضحت عدد من العاملات أن السبب الرئيسي لتركهن مكان العمل، كان عدم دفع الأجور.
الحوادث الخطيرة
وفيما يتعلق بالحوادث الخطيرة التي تقع في مكان العمل، وجدت الدراسة أن 11.3% من العاملات المنزليات شهدن على اصابات تسببت بعواقب جسدية وصحية خطيرة.
وذكرت إحدى النساء أن ساعات عملهن المضني، إلى جانب عدم كفاية الغذاء والراحة تسببت في تدهور حالتها الصحية على نحو شديد.
وتعتبر حرية التنقل مشكلة شائعة تتعرض لها العاملات المقيمات في مكان العمل.
وأكد 52.6% من النساء اللاتي جرى مقابلتهن هذه الممارسة.
تقييد الحرية
ويعتبر تقييد حرية العاملات روتين شائع يقوم به أصحاب العمل في الأردن؛ حيث يحظر على غالبية عاملات المنازل مغادرة المنزل وحدهن، في حالات معينة تستطيع العاملة المنزلية مغادرة المنزل لكن فقط للذهاب للتسوق لأصحاب العمل، واخراج القمامة أو لتنفيذ مهام عمل عامة أخرى، لكن نادرا ما تُمنح الإذن لقضاء وقت فراغها خارج المنزل مع الأصدقاء أو العائلة.
وأكدت الدراسة أن 71% من العاملات اللوتي جرى مقابلتهن أنهن تعرضن لمصادرة جواز السفر مرة واحدة على الأقل خلال فترة اقامتهن في الأردن.
مصادرة الجواز
وبشكل عام، فإن أصحاب العمل ومكاتب الاستقدام يقومون بمصادرة جواز سفر العاملة، معللين ذلك بحفظه في مكان آمن، وإعادته لها عند انتهاء عقدها، وتعتبر مصادرة جوازات السفر غير قانونية طبقا لبنود العقد الموحد، ورغم ذلك فإن هذه الممارسة شائعة جدا.
ويرفض بعض أصحاب العمل بشدة إعادة جوازات السفر للعاملات عند مطالبتهن بذلك، وقد يبتزهن بعضهم بطلب مبلغ مالي قد يصل في بعض الأحيان إلى 2000 أو 3000 دينار أردني، مقابل إعادة جواز السفر.
كما ترفض مكاتب الاستقدام عادة إعادة جواز السفر لعملائها، فقد ذكرت إحدى العاملات المنزليات أن صديقتها أرادت الحصول على تصريح عمل وإذن إقامة، لكنها واجهت مشاكل في استعادة جواز سفرها من مكتب الاستقدام الذي طالبها بمبلغ 500 دينار لإعادته لها.
العمل بلا تعويض
ووفق النتائج التي خرجت بها الدراسة، يعتبر العمل الإضافي دون تلقي أي تعويض سمة جوهرية لظروف عمل العاملات اللاتي يقمن في مكان عملهن.
وذكرت 64.5% من العاملات اللاتي يقمن في مكان عملهن بأنهن يعملن لساعات إضافية دون تعويض.
ونشير إلى أنه يجب على العاملات المنزليات اللاتي يقمن في مكان عملهن أن يكن متوافرات على مدار 24 ساعة في اليوم؛ بالتالي فإنه من الصعب جدا وضع حدود زمنية محددة في مكان العمل.
لا عطلة
وفيما يتعلق بيوم العطلة حُرمت 62.5% من العاملات اللواتي جرى مقابلتهن من الحصول على يوم راحة، رغم أن العقد الموحد ونظام العاملين في المنازل ينص على يوم عطلة واحد على الأقل أسبوعيا.
وفيما يتعلق بالإجازات، لم يكن لأي منهن الحق في الحصول على أي إجازة قبل النهاية الرسمية للعقد، مع ذلك صرحت 38% من العاملات أن لبعض الظروف الخاصة، فإن أصحاب عملهن يسمحن لهن بأخذ بعض أيام العطل الأسبوعية.
ولا تتمتع عاملات المنازل بالخصوصية، ولا تخصص لهن أماكن خاصة للنوم والمعيشة، فمن الشائع أن تنام العاملة في غرفة المعيشة، والمطبخ، والصالون أو في أي أماكن أخرى في المنزل عادة ما تكون مخصصة لغايات أخرى.
معدات العمل
وفيما يتعلق بمعدات العمل المناسبة، أفادت 25% من النساء أنهن يعملن بدون المعدات اللازمة للقيام بمهامهن المنزلية؛ حيث إن العديد من العاملات لم يزودن حتى بقفازات لحماية أيديهن من المنتجات الكيماوية اللازمة لتنظيف المنزل، وقد تسبب ذلك في بعض الحالات ببعض المشاكل الصحية المزمنة.
الاتصال بعائلاتهن
ووفقا للدراسة، حرمت عاملات المنازل من الاتصال بانتظام مع عائلاتهن في بلدانهم الأصلية، وشكلن 28% من العاملات التي جرى مقابلتهم.
ونشير هنا إلى أنه سُمح لبعض النساء من التحدث مع عائلاتهن على أساس شهري فقط ولبضع دقائق، في حين كان ذلك ممنوعا تماما لبعض العاملات الأخريات.
وسئلت العاملات المنزليات المهاجرات عن خططهن للعودة إلى بلدانهن الأصلية، بما في ذلك النساء اللاتي قررن زيارة بلدهن لقضاء عطلة، ذكرت 31% أنهن يحاولن العودة إلى بلدهن في أقرب وقت ممكن، و12% أنهن يخططن المغادرة بعد بضعة أشهر، وأرادت 18% منهن البقاء في الأردن لعدة سنوات، وكان ما نسبته 23% لا يفكرن في العودة، و5% سيرحلن فور انتهاء عقود عملهن.
لا تأمين صحياً
وحرمت 34.5% من الحالات، من تلقي أي علاج طبي ملائم، رغم أن بعض العاملات تظهر عليهن أعراض أمراض واضحة، إلا أن أصحاب عملهن لم يأخذوهن أبدا الى مستشفى أو إلى طبيب.
وذكرت العاملات أن الدواء الوحيد الذي أعطي اليهن كان مجرد مسكن عام، وأكد صاحب مكتب استقدام بأنه سيصدر قريبا قرار بضرورة تأمين عاملات المنازل صحيا.
إقامة مخالفة
وأظهرت الدراسة أن 72.2% من العاملات اللواتي جرى مقابلتهن، دخلن الأردن بتأشيرة عمل نظامية، في حين دخلت 20% منهن الأردن بتأشيرة سياحية، وغالبا ما يؤدي بهن الحال إلى البقاء في الأردن بصورة غير نظامية، حيث لا يقوم مكتب الاستقدام الذي أحضرهن بكافة الاجراءات المطلوبة لتوظيفهن.
وأفادت (8%) منهن بعدم معرفتهن بنوع التأشيرة التي مكنتهم من دخول الأردن.
يعود ذلك لأسباب عدة أهمها: نظام الاستقدام والاستخدام الذي يُرسخ الانتهاكات التي تتعرض لها عاملات المنازل، كذلك أماكن العمل التي تعاني فيها العاملة من عزلة شبة تامة مع وجود عشرات الانتهاكات التي تتعرض لها، في ظل قوانين تُجرم الهروب من أماكن العمل، حيث تشمل التشريعات الأردنية نصوص قد تؤدي إلى تعزيز سوء المعاملة.
ورغم الاصلاحات التشريعية الهامة التي أجريت في الأعوام الأخيرة في الأردن على أنظمة استقدام العاملات، إلا أن فرص عاملات المنازل المهاجرات في الحصول على الحقوق الأساسية الإنسانية والحماية لا تزال ضعيفة، هذا إن كان لها وجود من الأساس.
وتُسلط الدراسة الضوء على ظروف عمل ومعيشة عاملات المنازل المهاجرات بصفة عامة، بشكل أكثر تحديدا أولئك الذين يحملون صفة غير نظامية في الأردن، والتأكد من أنماط التركيبة السكانية وخصائص العاملات المهاجرات مثل: العمر، ومستوى التعليم، والحالة الاجتماعية.
إضافة إلى تقييم وعي عاملات المنازل المهاجرات من حيث الوصول إلى خدمات وساطة في حالات العمل الجبري والاتجار بالبشر، بما في ذلك القضايا المتصلة بمصادرة وحجز جواز السفر.
غير مسجلات
وهاك ما يقارب 50 ألف عاملة منزل مسجلة في الأردن، إضافة إلى ما يقرب من 30 ألف عاملة غير مسجلة.
قرير.
وأظهرت الدراسة أن نسبة العاملات اللواتي أكدن حصولهن على تصاريح عمل وأذون إقامة 54.1%، مع العلم أن معظمهن قد حصلن على أوراقهن من خلال إجراءات ملتفة، وكانت نسبة 29.7% لم يحصلن على تصاريح عمل وأذون إقامة.
فيما ذكرت 5% منهن عدم معرفتهن إن كان لديهن تصاريح عمل أم لا، ورفضت 11.2% منهن الإجابة على هذا السؤال، ويرتبط ارتفاع نسبة العاملات النظاميات بغالبية النساء التي تمكن فريق بحث تمكين من الوصول اليهن ومقابلتهن، اللاتي كن عاملات منزليات يقمن في مكان عملهن.
مؤسسات للعمل الجزئي
وتوصي الدراسة بإنشاء مؤسسات خاصة لتوظيف عاملات المنازل في العمل الجزئي دون الحاجة لبقائهم في منازل أصحاب العمل، وإلغاء ممارسات نظام الكفالة والسماح للعاملة بتغيير صاحب العمل دون موافقة صاحب العمل الأول، والتأكد من تدريب جميع عاملات المنازل بشكل صحيح قبل وصولهن إلى الأردن من أجل تزويدهن بالمهارات المهنية الملائمة، ومعرفة العادات والتقاليد في الأردن، كذلك بمعرفة حقوقهن وواجباتهن طبقا للتشريعات الأردنية.
وأوصت الدراسة بمراجعة قانون منع الاتجار بالبشر لضمان الامتثال للمعايير الدولية ووضوح المصطلحات الواردة فيه، فضلا عن تماشي العقوبات المنصوص وتفعيل دور وكفاءة نظام التفتيش ورفع فعالية المفتشين في ما يخص متابعة القضايا وشكاوى العمل، من حيث حجم الموظفين ومؤهلاتهم والأساليب، والتكنولوجيا الرقمية في عملهم/ ب، وإيجاد الآليات المناسبة للمتابعة المنتظمة للعمال المنزليين
كذلك على السفارات بإعادة النظر بالمأوى الخاص بها، وتقييم وتحسين خدماتها، من حيث نوعية السكن، والغذاء، والأنشطة الترفيهية، فضلا عن الاستشارات القانونية، بالتعاون مع وزارة العمل والجهات المعنية الأخرى.