بداية قبل أن أدخل في صلب الموضوع فيما يتعلق بمشاركة سيدات الوطن في الانتخابات البلدية الأخيرة سواء بالترشح أو التصويت، لديّ رغبة في أن أبين وجهة نظري الخاصة بمفهوم الانتخابات بشكل عام، الانتخابات التمثيلية والتي قصد بها أن يختار مجموعة من المواطنين أشخاصاً منهم لديهم القدرة والإمكانيات والرغبة في تمثيلهم في مجال معين من مجالات الحياة سواء الاقتصادية أو السياسية أو التشريعية، ولا يوجد ما يسمى قانوناً انتخابياً عالمياً مثالياً، فكل بلد وكل شعب له قانونه الخاص وفقاً لعاداته وتقاليده وخصوصيته، إذ قوانين الانتخابات لا يمكن نسخها وتقليدها بل فقط تأسيسها وفقاً لمعطيات ومدخلات ومخرجات كل شعب من شعوب العالم، وديننا الحنيف فرض أمراً آخر آكثر حيوية وفائدة وهو الشورى، وهذا الأمر يتعلق بكل مناحي الحياة.
عودة إلى الانتخابات الأخيرة ومشاركة المرأة #السعودية، حقيقة ان مشاركة المرأة في العملية الانتخابية بالمطلق ليست جديدة علينا، ففي انتخابات الغرف التجارية مسموح لها التصويت والانتخاب، والعملية في كل الأحوال واحدة مع اختلاف في نطاقات العمل، لكن في التمثيل البلدي الشعبي تعد هذه هي المرة الأولى، ولا يمكن الحكم على أي مبادرة من أول مرة لأن علم الإدارة دائماً ما يعتبر المرة الأولى هي بمثابة التجربة التي يجب أن يستفاد منها ويتعلم منها، إذاً هل حققت المرة الأولى للمرأة #السعودية في الانتخابات البلدية الأهداف المأمولة والمنشودة؟.
في تتبع بسيط لبعض التجارب في الانتخابات دائماً هناك بحث مستمر في تفعيل دور المرأة، منها تخصيص كوتة نسائية تضمن وجود المرأة في المجالس المنتخبة، الانتخابات عادة ما تحكمها شروط معينة مثل الولاء للعائلة والقبيلة أو المنطقة.. الخ، ولعل الغرب لعدم وجود منظومة العائلة والقبيلة لديه انتهج المفهوم الحزبي ولكنه أيضاً مفهوم غير ناضج لأن المنتمي لحزب سيصوت في النهاية لحزبه حتى وإن كانت برامج الأحزاب الأخرى أكثر إيجابية، وهنا نحن في المملكة أيضاً نواجه نفس الفكرة في عملية اختيار المرشح الذي نصوت له على اعتبارات أكثر ما تكون بعيدة عن الفكر والبرنامج، وبالتالي فإن دخول المرأة على هذا الصعيد يجعلها في عملية اختيارها كمرشحة تخضع لنفس الشروط ونفس الظروف اسمها واسم عائلتها وليس فكرها وبرنامجها وهذا أُسوة بالمرشحين من الرجال أيضاً.
لننظر إلى نصف الكوب الممتلئ، المرأة يحق لها المشاركة ويحق لها التصويت، ومن تتقدم لهذه المرحلة منهن عليها أن تقدم نفسها بالأسلوب الذي يشجع المنتخبين على التصويت لها، ويتوجب عليها أيضا أن تدير حملتها الانتخابية تماماً بنفس الأساليب التي يديرها الرجل، النتائج سواء نجحن أم لا، لا تعطي أي مدلولة على عنصرية المجتمع السعودي وتمييزه بين المرأة والرجل، أقولها وبكل ثقة شكراً لك سيدتي #السعودية لأنك تقدمتِ لهذه الخطوة وبادرتِ وساهمتِ بالترشح، أقول شكراً لك سيدتي #السعودية لأنك مارستِ حقك بالتصويت والاختيار لان هذا الوطن الأغلى كلنا فيه شركاء وكلنا فيه جنود لنصرة الدين وراية التوحيد وحماة لترابه متحدين متكاتفين وراء قيادتنا الرشيدة حفظهم الله . من لم يحالفها النجاح في الانتخابات أصبحت عليها مسؤولية الآن لتظهر أن مشاركتها في مسيرة بناء وخدمة الوطن مستمرة ولن تتوقف في نتيجة التصويت وليست محصورة في صناديق الاقتراع، لا تيأسي لأنك بالمحصلة نجحتِ حين بادرتِ، وأقول لسيدات الوطن اللواتي نجحن إن المسؤولية الآن أعظم وأكبر لأنكن تمثلن الحالة الأولى والمرة الأولى وتحملن ملفاً اسمه المرأة #السعودية ودورها الفاعل، فكوني أولاً عند حسن ظن من صوت لك، وكوني عند حسن ظن قيادتك وكوني عند حسن ظن الوطن، وكل هذا حتماً يقودك الى مرضاة الله عز وجل، المنتظر منكن هو نفس المنتظر من رجالات الوطن الذين نجحوا، لكن المتأمَّل منكن أكثر لأنكن وجه المستقبل القادم الذي ننتظر فيه المزيد من المشاركة والمساهمة من كل أبناء الوطن وبناته لخدمة الصالح العام.