أذكر من انتخابات سابقة في الكويت أن الناخبات تجنبن المرشحات وذهبن للتصويت للمرشحين الرجال، مما فوت آنذاك فرصة كبيرة على المرأة الكويتية لدخول مجلس الأمة بنسبة معقولة إذا ما قورنت بنسبة الأعضاء الرجال. وفي انتخابات الغرفة التجارية بجدة صوت قبل أمس أكثر من 60 من الحضور النسائي للرجال. وكانت المرشحة ميمونة بالفقيه صريحة جدا حين توقعت بأن يكون أعداد المصوتين لها من الرجال أكثر من النساء.
وإذا سألت امرأة هل تفضل أن يكون رئيسها رجلا أم امرأة فستفاجئك الإجابة، فكل من سألتهن إلى الآن يفضلن الرئيس الرجل ويبتعدن قدر استطاعتهن عن الوظائف التي تشرف عليها نساء. كما أن أحاديث النساء، الجانبية مع الرجال، لا تدل بالمطلق على أن المرأة تحظى لدى المرأة بالثقة والاعتراف بقدراتها ومهاراتها وحسن قيادتها للأمور.!!
وقد وجدت في الغرب شيئا من الشرق في هذه المسألة، فالمرأة هناك أيضا لا تثق بقدرات المرأة ولا تكاد تقبلها رئيسة لها وتفضل بوضوح أن يكون رئيسها أو أستاذها رجلا، فما العلة في عدم ثقة جنس الأنثى ببعضه في الأعمال والوظائف العامة؟! هل هو نتيجة لتجارب التاريخ البشري الطويلة التي تسيد فيها الرجل ساحقا المرأة مما ولد لديها حالة من جلد الذات في صورة الأخرى، أم أن الأمر أبسط من ذلك، إذ يتعلق فقط بطبيعة المرأة العامة وتدقيقها الزائد فيما لا داعي للتدقيق فيه؟ أم أن المسألة برمتها مسألة (غيرية) أنثوية، حيث يتنافر التماثل لصالح التضاد.؟
الحقيقة أنني احترت، فما يفترض، وقد لقيت المرأة من الرجل ما لقيته من عنت الإلغاء والتقليل من شأنها، أن تضع يدها بيد امرأة مثلها وأن تشجعها، رئيسة ومرؤوسة ومرشحة وناخبة، لكي تحقق المرأة، بعموم جنسها وتعدد مواقع أعمالها، ما تصبو إليه من تقدم في حياتها وحقوقها واستحقاقها لوظائف القيادة، التي تمكنها من إحراز مزيد من المكاسب لبنات جنسها.
ويبقى لدي، لمساعدتكم في تفكيك مفاصل هذا اللغز، أنني سألت امرأة ذات يوم عن سر تذمرها الشديد من رئيستها وسعيها للانتقال إلى إدارة يرأسها رجل، فقالت بلهجتها النجدية: المرأة (حِقنه)، يعني غِلسة أو حنانة أو مزعجة. نسيت أنها هي أيضا امرأة، وقد تكون ذات يوم مكان هذه (الحِقنة) فيُحكم عليها بنفس حكمها على رئيستها.!! فما تفسيركم أو تفسيركن رحمكن الله.؟