من أكبر العوائق التي تواجهها المرأة في العمل أمران اثنان: عدم وجود قانون لتجريم التحرش، وعدم وجود نقل. من هنا تكون متلازمة التناقض بين العمل وبين الأرضية الصعبة التي تسير عليها المرأة. تقطع بعض المعلمات مئات الكيلو مترات يوميا مع سائق غريب، وسيارة نقل غريبة، وإلى أرض غريبة، وضمن مستقبل غريب!
فلا يوجد قانون صارم خاص ومباشر بالتحرش الجنسي يكون أكثر صرامة من نظام الحماية من الإيذاء. ولا أرضية آمنة تسير عليها المرأة من دون القلق من انفجار لغم في طريقها نحو عملها، وهو إما لغم بفعل الحوادث ــ لا سمح الله، أو بفعل البشر الذين يطمعون ويضعفون أمام من تحت أيديهم من نساء.
نشر في الصحف قبل فترة أن دراسة استطلاعية أصدرتها وحدة استطلاعات الرأي العام التابعة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، أرجعت أسباب حالات «التحرش الجنسي» في المجتمع السعودي إلى ضعف الوازع الديني لدى القائمين بهذا العمل، بالإضافة إلى عدم الإسراع في تطبيق عقوبات رادعة بحق المتحرشين!
وأظهرت الدراسة الحديثة التي كشف مركز الحوار الوطني عن نتائجها أن 91% من المشاركين فيها يرون أن ضعف الوازع الديني هو أحد الأسباب الرئيسة للتحرش الجنسي في المجتمع، وأن 76% من المشاركين يرون أن عدم وجود الأنظمة التي تحد من التحرش يؤدي إلى ازدياد الحالات في المجتمع. لا شك أن الوازع الديني أمره مهم، لكن هو ليس كل المسألة، الوازع الديني بين الإنسان وربه، لكن الرادع القانوني هو الذي يضبط علاقة الإنسان بالإنسان.
بلدان مثل السويد، والنرويج، وفرنسا يكثر فيها الإلحاد بنسب عالية هي أقل بلدان العالم بالتحرش. المشكلة ليست في الدين، بل نحن نصبح ونمسي عليه، لكن النقص هو في القانون الحازم الصارم الذي يضبط علاقة الإنسان مع غيره من البشر، هذا الذي يجب أن يناقش بكل صراحة ووضوح.