قد يكون الاقتراب من هذا الموضوع، له محاذير كثيرة، أولها الاحترام الكبير لرجال الدين في مجتمعنا البحريني، الذي تحاط صورته بهالة من التقدير المجتمعي، والأمر الآخر هو حالة التعميم التي تصاحب الحديث عن هذا الموضوع، ليبدو أن الكلام موجه إلى كل رجال الدين والتشكيك في خلقهم وصدق نواياهم وتدينهم، والحال أننا نقدر ونحترم أصحاب الدين والخلق الحقيقي ولا نقدح بهم من قريب أو بعيد.
ومن نافلة القول، التأكيد على أنك عندما تتحدث عن موضوع مثل استغلال الدين لاصطياد النساء في مجتمع محافظ عموماً كالمجتمع البحريني، فإنك لا تريد هز الصورة البيضاء النقية لرجل الدين البحريني، وإنما تود التنبيه إلى حالات تستغل الاحترام المجتمعي للدين من أجل مدّ حبائلها لنساء، إما ينخدعن بغطاء الدين الذي يرتديه البعض من أجل إبعاد الشكوك عن نواياهم وجر البسيطات إلى شباكهم، أو يضعفن أمام حِيَل هذه اللحية أو تلك بسبب مشكلة عاطفية مررن بها أو لطلاقٍ أو لترمل أو تأخر زواج.
حديثي هنا ليس معنيًّا بطائفة دون أختها في البحرين، هنا وهناك خير كثير!، هناك من الرجال من يتلبس برداء الدين أيًّا يكن شكله، من أجل استدراج فتاة هنا أو سيدة هناك، والتغرير بها بعد وثوقها بهم ولجوئها إليهم لسبب أو لآخر، وهناك من يغرر بالنساء تحت غطاء أنهن مصابات بسحرٍ أو «عمل» و»طبوب»، ويستدرجهن لسلب مالهن أولاً، وربما لسلب شرفهن ثانيًا!.
الخطير في هذا الموضوع أن سحر الدين لا يضاهيه سحر، فهو قادر من جهة على أن ينقل الإنسان من الضياع إلى النور، لكن استغلاله أيضًا يؤدي إلى مآسٍ مجتمعية يضيع فيها شرف أسرٍ بكاملها، والمؤسف أن حقارة بعض الرجال المتخفين بالدين تدفن، ويخاف من كشفها للحفاظ على صورة رجل الدين الطاهرة والمحافظة على الأسر من نظرات الناس!.
بالطبع، نستطيع أن نستعرض قصصًا حقيقية لاستغلال الدين من أجل تحقيق لذاتٍ رخيصة، لكننا نكفُّ عن ذلك احترامًا وتبجيلاً لمكانة ونقاء الدين، مع علمنا أن الكثير من القراء سمع قصصًا مشابهة لبعضها، ومن المحزن فعلاً أن استغلال الدين من أجل اصطياد النساء اللاتي يلجأن لرجل الدين أو يثقن به بسبب بساطتهن تارة أو خباثة مدعي التدين تارة أخرى!.
هناك من يتلبس بلباس العمل الاجتماعي والخيري الذي يوصله بشكلٍ أو بآخر إلى البيوت وأسرارها، فيتغلغل بين أفرادها مستغلاًّ ثقتهم به، فيصطاد منهم ما يستطيع، وهناك من يطرح نفسه مصلحًا اجتماعيًّا فتأتي له هذه المرأة وتلك لعرض قضاياهن عليه، فيجدن التعاطف منه والاهتمام وحرصه على مساعدتهن ظاهريا، إلا أنه يستدرجهن لحباله شيئا فشيئا، إلى أن تقع الفأس في الرأس، ويندمن حيث لا ينفع الندم، وهنا أعود وأكرر أننا نتحدث عن حالات محددة ونقدر ونجل الصادقين في خدمة الناس.
مشكلة مجتمعاتنا في هذه الموضوعات، أن الجميع يتحدث بها بصوتٍ منخفض، ومشكلتنا في البحرين أن موجة التدين التي تجتاح البلاد منذ سنوات جرَّت معها كثيرين وجدوا في لبوس الدين طريقا لنيل ما لا يستطيعون نيله بدونه!