لن نتناسى بغيكم في مساكن الفلوجة , قصيدة للشاعر العراقي معروف الرصافي يمتدح فيها مقاومة أهالي الفلوجة للبريطانيين عام 1941، قبل 73 عاما، حين حاولت قوات الاحتلال البريطاني انداك دخول الفلوجة لتأديب المقاومة ضد المحتل .
يومها كان العراق محتلاً كما هو حاله اليوم وان اختلفت التسميات , تذكرت القصيدة وانا اتابع ما تناقلته وسائل الاعلام عن الاوضاع الانسانية الماساوية التي تعيشها الفلوجة بعد ان حاصرت وقصفت بالاسلحة والصواريخ المتطورة التي قامت الادارة الامريكية بتزويدها مؤخراً للحكومة العراقية .
وكعهدها انتخت عشائر المحافظة للدفاع عن الارض والعرض وأسست ما يعرف باسم مجلس ثوار الفلوجة المناهض لحكومة المالكي وعزم ثوار عشائر في مدينة القلوجة بالقصاص من الطامعين والمتخاذلين والمرتبطين بالحكومة الطائفية “
و مرة اخرى يضرب اهالي الفلوجة البطلة مثالاً في التصدي للهجمات العسكرية التي استهدفت المدنيين الامنين في بيوتهم تحت ذريعة مقاتلة الارهاب فبدلا من تواجد القوات العراقية المسلحة لمقاتلة المجاميع الارهابية في الصحراء وعلى حدود العراق لجأت لقصف المنازل الآمنة في محافظة الانبار .
العمليات العسكرية خلفت كارثة انسانية , نقص في الدواء والمستلزمات الطبية بعد ان عجزت مستشفى المحافظة عن استيعاب الاعداد الكبيرة من الجرحى . فلايوجد الدواء الكافي والا الغذاء وحالات مرضية كبيرة بين النساء والاطفال وكبار السن .
تقارير إعلامية أشارت إلى أن آلاف العائلات نزحت من الفلوجة بعد اشتداد العمليات العسكرية وعمليات القصف التي تطال المنطقة, وكان المقاتلون المرتبطون بالقاعدة استغلوا إخلاء قوات الشرطة لمراكزها في الفلوجة والرمادي وانشغال الجيش بقتال مسلحي العشائر الرافضين لفض اعتصام مناهض للحكومة الأسبوع الماضي، لدخول الرمادي والفلوجة بشكل علني للمرة الأولى و منذ سنوات.
فما حدث في الفلوجة كان خذلاناً لصوت الشعب واحباطا للآمال واستهانة بإرادة الصوت الحر ، فكيف يظل ضحايا العوز والحرمان صامتين وكيف لا ترتفع اصوات ناقمة في بلاد تعصف بها الازمات وتمزقها الصراعات وكيف تتحول المحافظة الى مدينة اشباح فقد وصلت اعداد العوائل النازحة جراء القصف العشوائي المستمر الى 10 آلاف عائلة مقابل الاوضاع الاجتماعية السيئة ونقص المواد اغدائية وانقطاع التيار الكهربائي .
وما جرى في الفلوجة اعاد الى الادهان المعارك التي خاضتها المدينة ضد قوى الظلم والاستبداد على مدى تاريخ العراق فتلك المدينة صغيرة لطالما كسرت هيبة جيوش الاحتلال وفي مقدّمتهم الجيش الأمريكي, الذي سوّق الإعلام له بأنه الجيش الذي لا تقف بوجهه جيوش العالم كلها, وسخر الاحتلال جميع أدواته في ماكنته الإعلامية لصناعة هالة من التضخيم الإعلامي للقدرات العسكرية الخيالية, التي تجعل أي جيش لا يمكن أن يتجرأ ولو على التفكير بمواجهة بسيطة أو التعرض له.
تلك المدينة الصغيرة اثبتت للعالم اجمع مرة اخرى بانها رمز للصمود وشوكة بعين من اراد السوء باهلها فالف تحية لأهلنا الصامدين في الفلوجة البطلة وللمقاومين الأشاوس .