أعمال كثيرة ومتعددة تقوم بها المرأة للمساهمة في دعم الأسرة ماديا منها التطريز، والخياطة، وتزيين النساء، ورسم الحناء، وصناعة البخور والشموع، وتركيب العطور، وبيع الملابس، وصناعة الحلويات، وتحضير الموائد للأفراح، وتقديم دعم خاص بتدريس بعض المواد لمجموعة من الطالبات أو النساء ورعاية الأطفال في ظل غياب أمهاتهن في سلك الوظيفة. كل هذه الأعمال تقوم بها بعض النساء دون أن تضطر الى البحث عن وظيفة في القطاعين العام والخاص، وتدر عليهن ربحاً مقبولاً، لكن هناك أيضاً بعض الأعمال التي لجأت إليها بعض النساء. لكنهن يخرجن من بيوتهن لمدة ساعة أو ساعتين كإيصال طالبات إلى المدرسة صباحاً، وعودتهن ظهراً، أو المشاركة في ترويج بضاعة ما في أحد المراكز التجارية أو المشاركة في إعداد مهرجان أو معرض لمدة معينة أو المساهمة في جمعيات المرأة. أعمال لفترات محددة. وبين فترة وأخرى يكسبن من خلالها مالاً يساهمن به في ميزانية الأسرة للعيش بطريقة أفضل.
مصممة أزياء
تقول فتحية العميرية (مصممة أزياء): إنها منذ طفولتها، وهي تعشق الألوان، وتصميم الملابس لعرائسها الصغيرة، وكبر معها هذا العشق حتى واصلت دراستها وتعمقها في فنون الملابس العمانية التقليدية، وأخذت تضيف إليها لمسات لتزيدها جمالا ومن البيت، وهي تقضي ساعات طويلة في التصميم والخياطة حتى بدأت شهرتها في التزايد ليكثر عليها الطلب في تصميم أزياء خاصة للعرائس.
وتضيف فتحية: وجدت لنفسي دخلاً، وأنا داخل البيت بعيداً عن ارتباطات الوظيفة، والتعامل مع زملاء وزميلات قد لا أتفق معهم وبعيداً عن انتظار راتب ثابت كل شهر وإجازة سنوية. فأجمل ما في العمل الخاص أنه عمل حر تستطيعين تنفيذه حسب إمكانياتك وخطتك الخاصة دون تدخل من أحد أو أوامر إضافة الى أنه يدر ربحاً لا بأس به يساعد على أن تعيش مرتاحا، وتساهم بمتطلبات الأسرة إضافة إلى الاحتياجات الخاصة.
التطريز هواية ومهنة
من العاشرة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً تقضيها سميرة الوهيبية (ربة منزل) في تطريز (الكمة) التي توضع على رأس الرجال والبنين بخيوط زاهية وبرسومات دقيقة وغالباً ما تحاول أن تنهي كمة أو اثنتين في اليوم.
وتقول سميرة: نلتقي كل يوم أنا وجاراتي في صباحية لاحتساء القهوة، وتناول التمر، ونجلس نتسامر، وطبعا لا نجتمع إلا بعد الانتهاء من تنظيف البيت خاصة نحن اللاتي لا يساعدنا أحد من الأهل أو خادمة، وكنت كلما أذهب أحمل (كمة) وأجلس لتطريزها من أجل أبنائي وفي وجود ضيفة جديدة عند جارتي طلبت مني أن أطرز (كمة) لطفلها ووافقت طبعاً، وما إن استلمتها حتى أعجبت بها كثيراً وطلبت أن أطرز (كميم) لأبنائها الآخرين لكن بمقابل أجر تدفعه، بصراحة في البداية خجلت من هذا العرض لكن جارتي شجعتني وفعلا وافقت ووجدت أني في آخر الشهر أكسب مالاً جيداً، في البداية لم أحدث زوجي عن الموضوع توقعت أن يكون حساساً وبدأت أجمع النقود التي أكسبها لكن في أحد الأيام كان زوجي مهموماً بسبب حاجته إلى مبلغ من المال بسبب بعض الظروف فقدمت له المال فضحك قائلا: القرش الأبيض ينفع لليوم الأسود ظانا إني أدخر بعض المال من راتبه، فضحكت وقلت له الحقيقة: «إن هذا المال نتيجة عملي في تطريز (الكميم)»، فضحك قائلا: طرزي لي (كمة) جديدة لكن بلا أجر!
نعم استطعت عبر موهبتي في فن التطريز أن أحول الموهبة إلى مهنة من البيت، وأن أكسب وأساعد أسرتي، وأستطيع القول إن أي ربة بيت تستطيع أن تعمل من داخل البيت إذا فكرت بأي شيء تستطيع تقديمه دون الارتباط بوظيفة تأخذ كل وقتها وغالبية راتبها لشراء الملابس والماكياج إضافة إلى ضرورة قرض من البنك لشراء سيارة!
صناعه البخور
وتشتهر السلطنة بصناعة البخور، ومنتجاته من اللبان، وهو من متطلبات الحياة في الأسرة العمانية، وهنا تقول كوكب المعمرية (ربة بيت): البخور مهم جداً في حياتنا كعمانيين وخليجيين ولصناعته مردود مهم، وهو من الصناعات التي لا تخسر، وحيث إنني من عشاق البخور فكرت في أن أصنعه في بيتي خاصة أن متطلباته متوفرة في السوق، ويحتاج مني لدقة واهتمام لا أكثر وطبعاً يجب توفير مواده الأولية، وهي متوفرة وموجودة ومنها عطر البخور، وهو عطر خاص أو خلط البخور ببعض أنواع الورود، ويجب توفر بودرة البخور التي تستخدم في صناعته (تسمى دكة البخور)، وبعد شراء احتياجات صناعة البخور يجب أن نهتم بنسب إضافة المواد إلى بعضها وطبعاً مثل هذه الصناعة تحتاج لوقت لكنه على أيه حال أقل بكثير من الوقت الذي ممكن أن تقضيه المرأة في عالم الوظيفة، وهناك كثير من النساء يلجأن لصناعة البخور لكن لكل منهن بصمتها الخاصة، وطبعا زبائنها الخاصين فكل زبونة أو زبون يفضل نوعاً من أنواع البخور لكنها على أية حال تجارة رابحة لمن يتقنها، وها أنا أعمل في البيت وأساعد زوجي وأولادي في متطلبات الحياة.
الأطفال أحباب الله
وتحكي لنا سعيدة البلوشية حكايتها فتقول: لم يرزقني الله بأطفال رغم حبي الشديد لهم فمن لا يحب الأطفال، إنهم أحباب الله، وقد لا تصدقين لو قلت لك: إنني لا أنزعج منهم أبداً مهما كانت تصرفاتهم شقاوة أو غضبا أو إزعاجا، وتزوج زوجي امرأة أخرى من أجل الذرية، وهذا أمر الله فلم أحزن، وهو يزورني دائماً لكن غالباً ما أكون وحدي أو تزورني إحدى الجارات، ذات يوم دقت بابي جارتي المدرسة تستأذن أن تترك ابنها المريض في رعايتي؛ لأنها مضطرة للذهاب إلى وظيفتها فرحبت بالأمر، واعتنيت بالطفل لمدة يومين وفوجئت بها بعد ذلك تسالني إن كنت أستطيع الاعتناء بمجموعة من الأطفال مقابل أجر يساعدني في ترتيب أموري والاعتماد على نفسي فرحبت بالفكرة، ووجدت لحياتي معنى جديداً، وأنا استقبل مجموعة من الأطفال يتكاثرون بين فترة، وأخرى استقبلهم في بيتي وأراعيهم فخففوا عني عناء الوحدة، وسعدت بوجودهم معي، ولجأت بعض الأمهات لترك أطفالهن بعض الليالي في حالة دعوتهن لعرس أو حفلة رغم أن بعضهن هناك من يساعدها في البيت كخادمة لكنها تطمئن على وجود طفلها عندي أكثر، وهكذا وجدت طريقة لأقترب ممن أحب من الأطفال، وأكسب مالاً خاصاً وأنا في بيتي.
وهكذا تحدثت سعيدة إلينا فأسعدتنا بحوارها ومرحها وتغلبها على معاناتها الخاصة من أجل راحة مجموعة من الأطفال.
الطعام والحلويات
سهام الزدجالية ونورة العبرية جارتان وصديقتان (ربات بيوت) تجيد كل منهما صناعة الحلويات والأطعمة الخفيفة فاتفقتا على عمل مشروع تجاري مشترك بينهما في تجهيز الأسر بأطباق مختلفة من الحلويات وأنواع البسكوت المملح، وقد بدأتا المشروع من البيت باتفاق بينهما، وتتساعدان في صناعة الطعام لأي أسرة لديها حفل أو مناسبةً، تقول سهام: لقد تحدثنا مع الجيران والصديقات عن استعدادنا لتجهيز مناسباتهم بأنواع من الطعام ووجدنا قبولاً ورضا وتسجيل طلبات، فكان يأخذ منا العمل ساعات خاصة في البيت نجهز فيها أي طلبية تردنا على أن يأتي أصحابها لاستلامها، وعملنا على نوعين إما أن تمدنا العائلة بالمواد، ونحن نصنع الكمية، ويكون المردود حسب التعب أو نتكفل نحن بكل شيء كشراء المواد وصناعتها، ولكل سياق أجرته الخاصة، ووجدنا أن مثل هذا العمل يضيف لحياتنا بهجة خاصة بعيداً عن الروتين والفراغ الطويل الذي كنا نقضيه في انتظار أولادنا لحين عودتهم من الدراسة.
وتابعت نورة حديث صديقتها قائلة: لا تتخيلي المتعة التي نعيشها، ونحن نتلقى طلبات بعض العائلات التي لديهم مناسبة، ونجهز لهم كل طلباتهم يكون في المقابل مردوداً مالياً نقتسمه مناصفة لنعين به أسرتينا في ظل ظروف الغلاء، وقد تعلمنا من الشبكة العنكبوتية صناعة العديد من أنواع الحلويات غير التي نحسن صناعتها ونضيف دوماً إلى قائمتنا طعاماً جديداً أو نوعاً مختلفاً والحمد لله نجد إقبالاً جيداً وتشجيعاً من الجميع.
سيارة أجرة
أما رحمة الجابرية فتقول ضاحكة: العمل المؤقت ممتاز جداً بالنسبة لي، وها أنا أزاوله منذ عامين حين قادتني المصادفة إلى مدرسة ابنتي ووجدت أماً تبحث عمن يوصل ابنتها بشكل يومي للبيت مقابل مبلغ من المال فكرت وقررت إيصالها وبعد أسبوع رافقت الطالبة مجموة من الطالبات وأصبح المردود المالي جيداً نوعاً ما، اسعدني هذا العمل الذي لا يأخذ من وقتي كل يوم أكثر من ساعة صباحاً وظهراً وازداد عملي حين اتفقت مع مجموعة من الموظفات على إيصالهن لمقر عملهن وإعادتهن إلى بيوتهن وكما ترين لا أعمل أكثر من ساعتين باليوم ولدي ربح مادي جيد أساهم به في مصروفات البيت، ولا يمنعني أو يعيقني عن بيتي وزوجي وأولادي.
مهرجانات
وعن عملها اللاوظيفي من خلال تعاقدها مع إحدى الوزارات التي تقيم مهرجانات مختلفة تأخذ مديحة المعمرية (ربة بيت) مكاناً داخل المهرجان لتنظيم البيع المباشر للجمهور وتقول: أنا خريجة إدارة أعمال لكني لم أعمل في وظيفة ما لأني لا أحب أن أتقيد بشكل رسمي لكني وجدت عملاً سهل الحركة وبه متسع في الزمن فعملت به وأنا سعيدة، حيث أقوم بالاتصالات مع الشركات الكبرى للإتفاق على تأجير أماكن لكل شركة في المهرجان سواء في الحدائق أو الفنادق وأقوم على ترتيب وتجهيز المكان لكل شركة بعد التعاقد معها وقد كسبت زبائن كثيرة والحمد لله وأحياناً نتفق على تجهيز مكان ما لإقامة مؤتمر أو ندوة، ويكون عملنا الإتفاق مع الجهتين الأولى التي تود إقامة المؤتمر أو الندوة والثانية التي بها القاعة، وهو عمل جميل به حيوية ونتعرف من خلاله على شريحة كبرى من كل الجنسيات وأعتقد أن مثل هذا العمل يأخذنا إلى مساحات من التجدد والمعرفة.
صحفية من البيت
فايزة الهيملية صحفية متمكنة عملت لفترة في قطاع الإعلام حيث إنها خريجة إعلام بتقدير عالٍ لكنها آثرت ترك الوظيفة لأسباب شخصية لكنها انطلقت في عالم الصحافة من وراء شاشة الحاسوب، ومن خلال الشبكة العنكبوتية التي أتاحت لها التعرف على عالم الصحافة خارج حدود الوطن واتفقت مع إحدى المجلات أن تكون مراسلة لها.
تقول فايزة: أحب العمل الصحفي جداً والإعلام بصفة عامة ونتيجة لمجهودي فقد طلبت مني إحدى المجلات العمل معها عبر الشبكة العنكبوتية فوافقت فوراً خاصة أن الموضوعات التي أرسلها أو نتفق معها ذات طابع اجتماعي يعجبني الخوض فيه والكتابة معه، ومن خلال كتاباتي اتفقت معي الإعلامية لميس ضيف على تحضير وإعداد مادة إعلامية لأحد برامجها والذي تقوم بتصويره في أكثر من دولة خليجية، ومنها بالطبع السلطنة فقمت بإلإتفاق مع الضيوف حسب موضوع الحلقة وجهزت كل ما يلزم للبرنامج من اتفاقيات مع وزارة الإعلام حتى جهزت للمذيعة كل شيء وما إن وصلت للسلطنة حتى سجلت حلقات البرنامج، وكانت تجربة رائعة والحمد لله ناجحة.
***
تبقي المرأة فرسا جامحا في خيالها وقدراتها ولا يمنع وجودها في البيت سواء تخرجت من جامعه ولديها شهادة أم بلا شهادة من أن تطلق طاقاتها في اختيار مهنة خاصة تحاول من خلالها أن تكسب ربحا خاصا تساعد به نفسها وأسرتها لمحاربة الغلاء وتحقيق استقلالية مادية تنعم بها.