ألا يظلم بعضهم المرأة حين يلصق بها صفات غير حميدة؟ ثرثارة. نمّامة. غيور. مبذرة تبدد فلوس الرجل. لا تشبع من الثياب والعطور والحلي، وهي التي تدفع بزوجها إلى تقبل الرشوة واختلاس المال العام لكي يتمكن من تلبية طلباتها وتغطية نفقاتها. إنها فاسدة مُفسدة. وإذا حدث وجلس شريك حياتها على كرسي الحكم في مصادفة سعيدة أو انقلاب عسكري، تصورت نفسها الشريكة في الحكم أيضًا. الآمرة والناهية الموازية له. سيدة الظل والضوء معًا. وطبعًا، لن يعجز المفترون عن تقديم الأدلة واستعراض الأمثلة، من إيلينا شاوشيسكو إلى إيميلدا ماركوس، ومن ليلى إلى سوزان، مع حفظ الألقاب.
لننس حكمة نابليون «فتش عن المرأة»، ولنتتبع الرجل. فقبل أيام، خضعت آن لوفيرجون لاستجواب على مدى يومين، أمام الشرطة الاقتصادية التي نبشت تاريخها الوظيفي، بحثًا عن أدلة حول إخفاقات تسببت في إهدار ما يُقدّر بسبعة مليارات يورو وحول احتمال تورط زوجها في واحدة من أكبر عمليات التكسب اللامشروع. ولمن لا يعرف من تكون هذه السيدة الفرنسية، يكفي القول إن لقبها هو «آن النووية». فقد كانت رئيسة لمجموعة «إريفا»، إحدى أضخم الشركات العاملة في مجالات الوقود والطاقة والمفاعلات الذرية. ورغم أنها درست الفيزياء وتخصصت في تأمين المفاعلات النووية وعملت في إدارة المناجم، فقد أثار تعيين الرئيس الأسبق ميتران لها مستشارة له لشؤون التجارة الخارجية تقولات وصفتها بأنها مدللة الرئيس. ومما لفت النظر، أنه اختارها لتكون مقربة منه دون أن تكون ناشطة في حزبه الاشتراكي. ثم تطور نشاطها حتى وصلت إلى إدارة أكبر مجموعة في مجال النشاط النووي الفرنسي. وقد حاول الرئيس ساركوزي زحزحتها لصالح رجل أعمال من أصدقائه لكنها قاومت وصاحت أن القرار سياسي ولا علاقة له بمستوى تأديتها لوظيفتها. وكان أهم ما يؤخذ على آن النووية أنها اتخذت قرارًا بشراء منجم لليورانيوم في أفريقيا قبل أن يتبين أن إنتاجه ليس بالمستوى المتوقع. ومما زاد في طينها بلة أن زوجها متهم بأنه اشترى أسهمًا في المنجم المذكور، بسعر متدنٍ، قبل أن تنتقل ملكيته إلى فرنسا وترتفع أسعارها. وهناك شاهد يؤكد أن زوج المديرة باع أسهمه وحقق مبلغًا محترمًا من فارق الأسعار، أودعه في حساب ببنك سويسري. وفي التحقيق معها، قالت السيدة النووية إن زوجها لم يكن يعلم بأن شركتها تنوي شراء المنجم الأفريقي. هل يعقل أن تضع الزوجة رأسها على وسادة واحدة بجانب رأس شريك حياتها ولا تصارحه بأنها مقبلة على قرار يوزن بالمليارات، خصوصًا وأنه يعمل مستشارًا في شؤون الطاقة؟
أفسد الزوج سمعة مهنية اجتهدت زوجته على مدى ثلاثين عامًا في بنائها. مثلما تسبب زوج كريستينا، شقيقة ملك إسبانيا، في سوق زوجته الأميرة إلى التحقيق بسبب تهمة فساد مالي كان هو بطلها. وهي اليوم مستبعدة من الظهور مع العائلة المالكة. وقبل ذلك كانت تانسو تشيلر، أول امرأة ترأس الوزارة في تركيا، قد واجهت موقفًا مماثلاً بسبب شكوك في الذمة المالية لزوجها واستغلاله موقعها للحصول على منافع مالية. وما يقال عن تشيلر يقال عن بي نظير بوتو، رئيسة وزراء باكستان السابقة، التي لم تسلم من هجوم خصومها عليها بسبب الطموح السياسي لزوجها آصف زرداري واتهامات لاحقته بالفساد وحتى بالقتل.
هل يمكن لكل تلك الزعيمات في السياسة، أن يكن بهذا الضعف في الحب؟.