يقال إن الصمت لغة، وتنتابنا الحيرة، كيف يكون في عدم التحدث والصمت المطبق لغة؟ إلا أن المعنى أبعد من مثل هذا السؤال، ولعل فيما قالته العرب قديماً «الكلمة أسيرة الرجل، فإذا تكلم بها صار في وثاقها» إجابة في هذا المعنى، أو مثل مقولة أخرى «الكلمة تملكها فإذا ما خرجت ملكتك» توضيح لفضيلة الصمت.
وتكثر الشواهد في هذا السياق، إلا أن الصمت شيء والإصغاء شيء آخر، حيث يعتبر الكثير من الدارسين في العلوم التربوية والاجتماعية بصفة عامة، أن الإصغاء فعل يحتاج إليه الإنسان بين وقت وآخر، وأنه يساعد على معالجة الكثير من الأخطاء، لذا دوماً نسمع من يقول أنصت وأصغِ لابنك المراهق، أو يقال للمدير أصغِ لموظفيك، أو للزوج أصغِ لزوجتك، وللأب أصغِ لابنتك، وغيرها كثير.
وهذا دون شك يعود لما يعنيه الإصغاء وما يحمله من معنى، حيث يعتبره البعض الأداة المثلى لحل الكثير من المشاكل وتذليل الكثير من العقبات الحياتية التي قد تعترضنا جميعاً، لأنك عندما تصغي لإنسان وهو يبث لك شكواه أو يبلغك بوجهة نظره في خطأ وقع فيه، فلن تستطيع مساعدته وحل ما يعترضه دون أن تصغي بكل جوارحك، وتنتبه لكل حرف يصدر منه.
على الآباء والمعلمين والأمهات، وغيرهم، ممن يأخذون على عاتقهم التعامل مع الجموع من الناس الإلمام بفنون الإصغاء ومعرفة دوره، ومتى يتم ومتى يتوقف.
وعلى الجهة المقابلة يجب أن يدرك الأبناء والدارسون على مختلف شرائحهم، أنهم أيضاً في أمس الحاجة لتعلم الإصغاء، لأنه سيساعدهم على الاستذكار وأيضاً على التنبه عند شرح المعلم للمادة .. وكما قال الشاعر الراحل إيليا أبو ماضي «إن تجد حسناً فخذه واطّرح ما ليس حسنا .. إنّ بعض القول فنّ فاجعل الإصغاء فنّاً».