لا يخفى على أي منّا أن المملكة تعاني مشكلة البطالة، وسعت وزارة العمل عبر برامج عدة، مثل "نطاقات" و"حافز" لحل المشكلة أو التخفيف من وطأتها الاجتماعية والاقتصادية على أقل تقدير، إلا أن بيانات وزارة العمل تبين بوضوح أن البطالة بين النساء السعوديات بلغت 80 في المائة، وتركزت البطالة بين النساء فيمن حصلن على درجة البكالويوس بدرجة كبيرة جداً، نظرا لأسباب عدة أوضحتها وزارة العمل في تقاريرها التي تنشرها من حين إلى آخر، ومن هذه الأسباب أن أكبر موظِف للنساء في المملكة هي وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة، ولا يوظف القطاع الخاص إلا نسبة قليلة من النساء، كما أشارت الوزارة. أنا هنا لن أجادل الوزارة في تقاريرها أو أسباب بطالة النساء من وجهة نظرها، بل سأناقش المشكلة من وجهة نظر صاحب العمل الذي يرغب في توظيف نساء، لكنه لا يستطيع.
تطالب وزارة العمل القطاع الخاص بتوظيف المرأة، لكنها في الوقت نفسه تضع العراقيل - التي يعتبر بعضها مستحيلا - في وجه توظيفها، ولو نظر المسؤولون في وزارة العمل إلى هذه المشكلة بشكل مجزأ، لكان الحل في متناول الجميع. بطبيعة الحال، ليس كل النساء العاطلات عن العمل جامعيات، بل توجد فئة لا بأس بها من خريجات المعاهد الحرفية والثانوية، وفي معظم الأحيان، لا تجد هذه الشريحة فرص العمل التي تناسب مؤهلاتهن وقدراتهن إلا في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، فتستطيع المرأة أن تجد وظيفة في هذه المنشآت برواتب تراوح بين ثلاثة آلاف ريال وستة آلاف ريال، بحسب نوع المنشأة، إلا أن رب العمل يصطدم بشروط كثيرة تعتبر تعجيزية بالنسبة لحجم منشأته.
العائق الأول تخصيص قسم خاص للنساء ببوابة مستقلة - بينما نجد المرأة تعمل إلى جانب الرجل في المستشفيات دون هذه الشروط - وكي يوفر صاحب العمل هذا الشرط عليه صرف مبالغ كبيرة مقارنة بحجم منشأته - فيجد أن توظيف المرأة في منشأته غير ممكن، إلا أن يكون عملها من بُعد، أي من بيتها، وهنا ترد عليه الوزارة بأنه لا يستطيع توظيف أي موظفة عن بُعد طالما كان عدد العمالة لديه أقل من عشرة موظفين، ولا أدري ما علاقة عدد الموظفين في أي منشأة بتوظيف المرأة؟!
إن بعض القوانين غير المنطقية هو الذي يقف عائقاً أمام توظيف شريحة كبيرة من النساء، وأعتقد أن عقد العمل طالما كان يتوافق مع الروح الأساسية لقانون العمل، ويضمن حفظ حقوق الطرفين، صاحب العمل والموظفة، فإن مكان عمل المرأة أمر يعود لكلا الطرفين، ولو سلمنا جدلا بمنطقية هذا الفصل التام بين الموظفة والموظف في الشركات الخاصة - على الرغم من عدم منطقيته في بعض الصناعات - فلا أقل من أن يسمح للمنشأة الصغيرة والمتوسطة بتوظيف المرأة للعمل من بُعد. إن الوظيفة الأساسية لوزارة العمل في أي بلد هي تنظيم سوق العمل، وليس التغوُّل إلى درجة ربط شرط عدد الموظفين بقدرة الشركة على توظيف المرأة من بُعد.