بعد سيطرة على مقاليد الحكم لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن، خرج الشعب اليمني، في مظاهرات مليونية في الشوارع مطالبين بالتغيير، وبعد ضغوط كبيرة لم يملك الرئيس اليمني إلا الرضوخ لإرادة شعبه والتنحي، ومباشرة بدأت تظهر على السطح تركت الثلاثين عاما، من التنمية المتعثرة، والاقتصاد المتدهور، والميزانيات التي لا يعلم أين صرفت، فلا مشاريع حيوية، ولا مشاريع آنية، وما يوجد من المستشفيات أو حتى الطرق المعبدة، هي التي قدمتها الإمارات ودول الخليج الشقيقة للشعب اليمني.
لكن الأكثر دوي وما يبعث على الألم والذي يعد جريمة بكل المقاييس كل هذا التجهيل ونشر الأمية بين أوساط الشعب، وحصر التعليم للنخب ممن ينتمون للرئيس والدائرة المقربة منه، بل حتى من هو في حزبه، مسه الضيم والجور، طوال ثلاثين عاما، يمارس هذا المخلوع سياسة بغيضة ضيقت على الإنسان اليمني وحاربهم في مختلف زوايا الحياة حتى في قوتهم وزراعتهم وصيدهم للسمك. فاليمن عرف عنها طوال تاريخها بأنها بلد زراعي ويطل على البحر الأحمر وبحر العرب، ويفترض أن يصدر للعالم العربي أو على الأقل للدول المجاورة منتجات من الخضروات والفواكة والأسماك، لكن هذا أيضا لم يحدث بسبب سياساته العدوانية، اليمن ليس بلد فقير، لديه موارد مائية كبيرة، ولديه ثروة نفطية، ولديه ثروة حيوانية، ولديه ثروة بيئية وتراثية، ولديه تنوع طبيعي من البحر للجبال والسهول، لديه جميع مقومات النجاح، لكن لم يكن لديه طوال تاريخه الحديث أي من مقومات البناء والتخطيط ورسـم الاستراتجيات ووضع السياسات القويمة والتي يتم رفدها ودعمها بتفاهمات مع دول الجوار الشقيقة.
لم يستفد اليمن، من أشقائه دول الجوار، في خبراتها ومدى ما وصلت له من تقدم في مختلف المجالات، بل دخل في سياسات التطبيل والصوت المرتفع والشعارات البراقة التي لا قيمة لها والتي ابتليت بها أمتنا العربية في عصرها الحديث.
عندما انحاز الشعب اليمني، لمحيطة ولأشقائه، وأدرك أن لا أمل في التغيير، هب وخرج للشوارع، وانتهت حقبة الظلام والتجهيل، وبدأ يتطلع لمستقبل جديد، محمل بالأمل والمشاركة، لكن هذا المخلوع ومعه الزمرة الحوثية، لم ترض أو تقبل، فانقضوا على مقدرات البلد ومؤسساته، وحاربوا الرئيس والحكومة الشرعية الجديدة التي اختارها الشعب.
هنا تدخلت هيئة الأمم المتحدة، وأصدرت قرارها تحت الفصل السابع الذي يسمح بالتدخل العسكري، وقام التحالف العربي الذي يهدف لإعادة الشرعية اليمنية، وحماية خيار ومستقبل اليمن.
أبناء قواتنا المسلحة، في اليمن بين أهلهم، لدحر قوى الظلام والظلم وللمساعدة في البناء والتعمير، وبوادر النجاح ظاهرة وواضحة، ولن تخطئها العين، وما عدن وإعادة العمل في مستشفياتها ومدارسها وتعبيد طرقها ونشر مظلة الأمن ببعيدة عنا.
قواتنا المسلحة في اليمن الشقيق، جاءت وفق طلب الحكومة الشرعية وبقرار أممي ملزم، هي قوة بناء وتعمير ونصر للمظلوم، وهذه من أهم قيمنا العربية الأصيلة نصرة المظلوم ومساعدة المحتاج، وأشقائنا في اليمن أحق الناس بمثل هذه اللفتة والعناية.
والذي يدعوا للفخر والاعتزاز، هي النجاحات المدوية لأبطال الإمارات، في ميادين الوغى ومحاربة قوى الظلام، وأيضا في ميدان التنظيم ونشر مظلة الأمن. وهو الذي نفخر ونعتز به.