تشير إحصائيات حديثة إلى أن نسبة العنوسة في سوريا وصلت إلى 70 في المئة لأسباب ارتبطت بالأوضاع الاقتصادية والأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد في السنوات الأخيرة التي أدت إلى التحاق بعض الشباب بالقوات العسكرية أو هجرتهم إلى خارج البلاد.
فيما قبل الحرب والأوضاع السياسية التي تعيشها سوريا كانت أسباب العنوسة وتبريرات عدم الزواج تعود إلى الأعباء المادية ومتطلبات الزواج الباهظة وهجرة الشباب السوري إلى الخارج، أما بعد الأزمة السورية فالأمور ازدادت سوءا وظهرت أسباب إضافية لارتفاع نسبة العنوسة في سوريا.
فقد ارتبط تأخر سن الزواج في سوريا في السنوات الأخيرة وارتفاع نسبة العنوسة إلى الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة ومستلزمات الزواج بجانب الظروف السياسية التي تمر بها سوريا والتي تركت ظلالها على مختلف مناحي الحياة بما فيها ارتفاع عزوبة الشباب والفتيات على حد سواء.
وارتفعت في ظل الظروف السياسية أسعار العقارات بيعا وإجارا وصار الحصول على منزل في منطقة آمنة حلما يراود الجميع وخاصة المقبلين على الزواج من الشباب، ودفعت هذه الأزمة الاقتصادية والاوضاع الأمنية غير المستقرة وغير الآمنة إلى عزوف الشباب عن الزواج وهجرتهم من البلاد.
وهذه التكاليف الخيالية لمتطلبات الزواج يصعب تأمينها على معظم الشباب السوريين بمن فيهم المستقرين مادياً الذين لا يعيشون تداعيات الحرب والأزمة الإقتصادية الخانقة،
إضافة إلى أن البطالة تعد من الأسباب الرئيسية التي أدت لتفاقم هذه الظاهرة، والتي زادت بدورها من عدد العانسات، والذي دفع بالمقابل الشباب للهجرة خارج البلاد بحثاً عن حياة أفضل أمنا واقتصادا وتعليماً، هذا الحلم بالأمان أصبح ملازما للشاب السوري في تكوين أسرة في اوروبا جعله يستبعد فكرة تكوين أسرة داخل سوريا، ويؤجل مشروع زواجه لحين الانتقال إلى حياة أفضل خارج البلاد.
ويرى بعض الشباب أن للاستقرار المادي والنفسي دورا هاما في نجاح الزواج، الأمر الذي يجعل الزواج غير ممكناً في ظل الحالة غير المستقرة وغير الآمنة التي يعيشونها في سوريا.
فالأوضاع الأمنية الصعبة وأعمال العنف التي مرت بها البلاد والتي أودت بحياة العشرات من الشبان السوريين، إضافة إلى التحاق قسم كبير منهم بالخدمة العسكرية بشكل طوعي أو إلزامي أو في صفوف المعارضة السورية، أدت إلى نقص عدد الراغبين في الزواج الذي أصبح الخوف من فقدان عائلاتهم هاجسهم الأكبروسببا للابتعاد عن تكوين أسرة.
وتقول فتيات إنهن لسن مستعدات للمغامرة بالزواج من المقاتلين لأنهن يرغبن في الحصول على الاستقرار بالدرجة الأولى، وتبرر الفتيات هذا الموقف بالخوف من فقد الزوج في مرحلة مبكرة.
وتتوقع الكثير من الفتيات أن تكون الحياة صعبة في ظل الارتباط بشاب معرض للخطر مما يجعل المرأة دائمة التفكير بمصيره وهو ما يرتب عليها أعباء نفسية وعاطفية، كما أن كثيرا من الأهالي يفضلون بقاء بناتهم عازبات على أن ينجبن أطفالا ويترملن في وقت مبكر من حياتهن.
ويقول أحد الشبان الذين بلغوا سن الزواج ولم يتزوج "لا يمكنني الزواج حاليا، لأن الأمر لايقف عند حد المال فحسب، لأنني ربما أتزوج اليوم لأموت غدا برصاصة أو قذيفة فأترك خلفي عائلة مشردة، فأنا في غنى عن هذا الموضوع في الوقت الراهن".
ويرى خبراء اجتماعيون أن قسما كبيرا من الشباب السوري في سن الزواج اانخرط في صفوف لجان الدفاع الوطني وبات شرط الزواج الذي يعني الاستقرار أمراً غير ممكن التحقيق في الظرف الراهن.