في الخامس من شهر يناير-كانون الثاني لهذا العام نشرت لجنة تحكيم مهرجان أنغوليم للشريط المرسوم:http://www.bdangouleme.com/ قائمة المرشحين لنيل الجائزة الكبرى. مهرجان الشريط المرسوم بأنغوليم، يُقام نهايةَ كانون الثاني- يناير من كل عام، وهو واحدٌ من أقدم وأبرز المهرجانات في مجاله. فمنذ أكثر من أربعة عقود، تستقبل المدينة الواقعة جنوب غرب فرنسا، على مدار أربعة أيّام، أبرز أسماء “الفن التاسع“، من مختلف أنحاء العالم، اضافة إلى حوالي مائتي ألف زائر. هذا الزخم الثقافي الكبير جعل مدينة أنغوليم تُلقّب بعاصمة “الكوميكس في العالم”.
لكن دورة هذه السنة رافقها الكثير من الجدل بسبب غياب أسماء نسوية عن الترشيحات الخاصة بالجائزة الكُبرى، التي سيتمّ الإعلان عنها في ختام التظاهرة الثقافية. الاختيار يفتقر إلى المنطق حسب بعض المختصين خاصة وأنّ عالم الشريط المصور يضم ثلاثة عشر في المائة من النساء. وعلى افتراض أن قائمة المرشحين تضم ثلاثين إسما، فلقد كان من المعقول أن تظهر أسماء ثلاث أو أربع سيدات على القائمة. من الواضح أن الهدف لا يتعلق بنظام “محاصصة” ولكن بتقييم الأعمال الفنية وفقا لمواهب الفنانين، رجالا كانوا أم نساء. هذه القضية أخذت بعدا آخر، حيث قام تجمع مبدعات الشريط المرسوم ضدّ التمييز. org/estبالاحتجاج والتنديد بما أسماه بالخرق الصارخ ضدّ التمييز.
الجدل حول قائمة المرشحين للجائزة الكبرى لمهرجان الشريط المرسوم هذه، لا تسلط الضوء على مشاكل المهرجان المتكررة فحسب وإنما تتعداه إلى ضعف التمثيل النسوي والمستمر خلال هذه التظاهرة حيث توجد بعض الفئات التي لم تلتفت يوما ما إلى النساء المشاركات لتكريمهن خلال عديد دورات مهرجان أنغوليم للشريط المصور<
ومن المثير للاهتمام أنّ الفئة، التي عادة ما تفوز فيها النساء هي فئة “كولتورا“وهي الفئة التي لا تختار فيها لجنة التحكيم الفائز، وإنما يختاره الجمهور. هذه القضية أسالت الكثير من الحبر، ولم تكن لتمرّ مرور الكرام في الأوساط الإعلامية والثقافية الفرنسية، التي عبّرت عن استيائها من الأمر، واتّهمت المهرجان بإقصاء الأسماء النسوية، خصوصاً أنه طيلة اثنين وأربعين عاما من عمر المهرجان، لم تحصل سوى سيدة واحدةٌ فقط على الجائزة. الفنانة الفرنسية فلورانس سيستاك قالت في هذا الشأن: “إنه لأمرٌ مخجل فعلاً، أنا المرأة الوحيدة التي حصلت على الجائزة الكبرى. الآن، في كل اجتماع أحضره في إطار أكاديمية الجائزة الكبرى، أطلب منهم التفكير في بعض النساء، لكنني ألاحظ أنه لا وجود لامرأة واحدة”.
عشرة في المائة من النساء يتوجن خلال جوائز ايسنر
الأمر لا يقتصر على فرنسا، ففي الولايات المتحدة نجد جائزة ايسنر:http://www.comic-con.org/awards/eisner-awards-current-info التي تقدم للإنجازات الإبداعية في القصص المصورة الأميركية. مثلما هو الحال في فرنسا، فمجال الشريط المصور “مؤسسة حقيقية”. جائزة ايسنر التي تقدم منذ العام ثمانية وثمانين من القرن الماضي تضمّ حوالي ثلاثين فئة.
هذه المقارنة البسيطة تحمل نفس البعد السلبي لجائزة “انغوليم” للشريط المصور، ولكن عكس جائزة ايسنر، مشاركة النساء بارزة للغاية في مجال الأعمال الأدبية والفنية الموجهة للمراهقين. ولكن احدى عشرة جائزة من أصل ستة وثلاثين ليست من نصيب النساء. المشكلة إذا ليست بالجديدة.
غياب النساء في كبرى التظاهرات الثقافية والفنية
الأمر لا يقتصر على عالم الشريط المصور، فالجوائز العالمية لا تكافئ غالبا النساء. وهذ ما تؤكده المجالات الفنية المختلفة.، فمن الصعب مثلا إيجاد مخرجات في العام تسعة وعشرين من القرن الماضي خلال أول حفل لتوزيع جوائز الأوسكار. وبالرغم من تقاسم النساء لأدوار بطولة إلى جانب ممثلين رجال، إلاّ أنهن بقين في خطوة إلى الوراء نسبيا، بالمقارنة مع الفنانين الرجال
خلال سبعين عاما منذ انطلاقته، لم يمنح مهرجان “كان” السينمائي جائزة السعفة الذهبية سوى مرة واحدة لسيدة، وكانت من نصيب جان كامبيون عن فيلم “درس البيانو”. وحتى في مجال الموسيقى، الذي سجلت فيه النساء حضورا مميزا، فهن لم يحققن التألق الذي كن يحلمن به، حوالي سبعة وثلاثين في المائة من النساء فقط حصلن على جوائز “غرامي” لأفضل ألبوم غنائي.
لجان التحكيم ليست وحدها المسؤولة عن هذه الأمور الخاصة بـ“إقصاء” النساء. تراجع التمثيل النسوي يفسر أيضا بالصعوبة التي تصادفها السيدات خلال التحاقهن ببعض الوظائف. هناك عدد قليل من النساء في المجال الصناعي وهذا يعني منطقيا غيابهن عن بعض المجالات الشعبية، وغياب تمثيلهن لا يزال موجودا بإفراط فقد كافأت جائزة “بريتزكر” المعمارية المرموقة سيدتين فقط منذ استحداثها في العام ألفين وأربعة.