الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

أعلام في التسامح والسلام: يَمنيّات من أجل السلام

  • 1/2
  • 2/2

سليم مصطفى بودبوس - اليمن - " وكالة أخبار المرأة "

كثيرة هي الشخصيات التي تنشط من أجل نشر ثقافة السلام والتسامح، غير أن الاهتمام بها يتفاوت؛ فمنها من تصحبه هالة أو مكنة إعلامية تروّج له، وهي في الحقيقة جعجعة لا طحين يُرى منها سوى الصور والبهرجة الإعلامية، ومن هذه الجهود من يكون مخلصًا لله أو للوطن أو للمبدأ أو لهم جميعًا فلا تكاد تسمع به، فما بالك إذا اختار هؤلاء العمل على نشر ثقافة السلام في المناطق النائية أو التجمعات التي لا يسمع البعض عنها؟
ذلك حال جماعة من النساء اليمنيات اللائي يُعتَبرن رائدات على رغم حداثة تجربتهن في مجال نشر ثقافة السلام والتسامح. هن زمرة من المتطوعات اجتمعن على نشر الثقافة الوسطية والاعتدال في بلد تتجاذبه التيارات المتشددة والعقليات المتطرفة التي تضاعف نشاطها بشكل أو بآخر في السنوات القليلة الماضية بسبب أجواء الاحتقان السياسي والصراع على السلطة. أولئك هنّ فاطمة محمد، سمر الجرادي، كاملة ياسين، وزال الهم مذكور هنّ أعلام في التسامح وعاملات في مجال تكريس مبادئ الشراكة المواطنية، ومتطوعات من أجل نشر السلام من أجل غد سعيد من أجل اليمن السعيد.
لا يكاد يُذكَر اليمن والسلام حتى يستحضر الواحد منّا اسم توكل كرمان الصحافية اليمنية والشخصية النسائية العربية الأولى التي حصلت على جائزة نوبل للسلام. غير أنّ اليمن يعجّ بالمبادرات الرامية إلى إحلال السلام في هذا البلد العريق ثقافةً، المتميّز حضارةً، المتلاحم ماضيًا، الممزّق حاضرًا، صحيح أنّ بعض الفاعلين اليوم في اليمن غلّبوا مصالحهم الشخصية، والبعض الآخر استغل حالة الفقر والجهل، كما هو الحال في بعض الدول العربية الأخرى، غير أنّ البعض الآخر يسعى في المقابل للحد من سطوة الخطابات الإقصائيّة وجسر الفجوة السحيقة بين حقيقة أهل اليمن وواقعهم، لذلك قامت مجموعة من النساء الناشطات بتبني فكرة نشر ثقافة الوسطية بين الناس ضمن منتدى القرن الواحد والعشرين، لإيصال أصوات النساء اليمنيات وإظهار أدوارهن في عمليّة صنع القرار.
إحدى شخصيات هذه المجموعة النسائية فاطمة محمد (34) عاماً من محافظة إب تتبنى نشر ثقافة الوسطية والاعتدال، وتعمل منذ سنوات على تثقيف النساء المتواجدات في محيطها، وتوعيتهنّ بأهمية التسامح وتقبل اﻵخر مهما حمل من فكر مختلف. ولم تنتظر فاطمة قدوم النساء إلى المركز الدعوي الذي تعمل فيه، بل تحركت هنا وهناك من أجل أن تنقل إليهنّ مفاهيم الفكر الإسلامي المعتدل، مستغلة بعض المناسبات الدينية والاجتماعية كالأعياد لتحضر، مع من شاركنها الفكرة والعمل، ويختلطن بالنساء وينشرن ثقافة المحبة والتسامح والإخاء. كما تستغل فاطمة محمد أيضاً وسائل الاتصال الحديث كالفيسبوك والتويتر والواتس اب في تكوين مجموعات للوعظ والإرشاد وتدعو إليها أكبر قدر من النساء، فتنشر بينهن ثقافة التسامح والسلام.
من مدينة تعز يبرز اسم سمر الجرادي (31) عاماً، تعمل بتفان من أجل نشر المفاهيم الحديثة للسلوك القائم على سماحة الدين اﻻسلامي ومنهجه المعتدل، لذلك تراها تحرص على حضور أماكن تجمع النساء في منطقتها لتنشر أفكارها من أجل بناء وطن خال من العوالق الطبقية والمذهبية من خلال تركيزها على الجانب المشرق في الدين الحنيف والاستشهاد ببعض المواقف التاريخية الإنسانية للرسول والصحابة ودعاة السلام. ومن أسباب اقتناع الناس بأفكار سمر الجرادي أنها «ﻻتتطرق إلى أي رسائل حزبية أو طائفية وتحترم قناعات كل الناس».
كاملة ياسين (40) عاماً من مدينة إب، عطاء لا ينضب منذ انخراطها في مشروع نشر ثقافة السلام ضمن منتدى القرن الواحد والعشرين لإيصال أصوات النساء اليمنيات وإظهار أدوارهن في عمليّة صنع القرار. تميّزت بمثابرتها في حشد الأمهات من أجل تدريبهنّ على تبنّي مفاهيم التسامح والتعايش وضرورة تقبّل اﻵخر ولاسيّما أن اليمن يمرّ بظروف سياسية معقدة حرجة. وتحرص ياسين في عملها على تعزيز البعد الوطني، موظفة الخطاب الديني في تعميق الولاء للوطن وترسيخ مبادئ المواطنة. وتطمح كاملة ياسين إلى أن تصل المرأة اليمنية إلى مواقع صنع القرار، وتشارك في تحقيق الدولة المدنية الحديثة.
وأخيرًا وليس آخرا، السيدة زال الهم مذكور (33) عاماً، من محافظة ذمار، إحدى أبرز الناشطات في مجال نشر ثقافة التسامح والتصالح المجتمعي باليمن. ترى زال الهمّ مذكور أنّ الدين اﻻسلاميّ ﻻ يقبل التجريح بخصومه فكيف بأتباعه، وتعمل من هذا المنطلق في سبيل توحيد الصفّ ولمّ الشتات، ومقاومة ما من شأنه أن يلحق الضرر ببنية المجتمع وشبابه، وتؤكد أنّ هدفها من خلال حملات التوعية هو إيصال رسالة منطلقها «وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة»، ومنتهاها الحوار وسماع رأي الآخر. وقد أطلقت زال الهم مذكور اسم «أبجديات الوسطية» على المشروع الذي نفذته في بعض القرى والأرياف في محافظة ذمار بهدف نشر ثقافة الوسطيّة والاعتدال وتقبّل الآخر وضرورة التعايش مهما اختلفت أنماط وأساليب تفكير الناس، وفي هذا السياق تقول مذكور: «ما يعالج مشاكلنا اليوم هو فهمنا وتقبلنا لبعضنا مهما حملنا من أفكار وقناعات مختلفة». 
باختصار هذه المبادرات الأهلية نموذج يحتذى، وخاصة وقد قادتها المرأة كونها هي المربّي الأول مهما اختلفت المجتمعات. فإذا نشأت المرأة على مبادئ التسامح وتغلغلت فيها ثقافة السلام، فإنّنا لا نتوقع من أبنائها أن يقع التغرير بهم نحو مزالق التطرف ومهاوي الإرهاب.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى